دخلت الحملة الانتخابية المخصصة للاستفتاء في تونس أسبوعها الثالث بنسق بطيء قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت بـ"نعم" أو بـ"لا"، على مشروع الدستور الجديد في 25 يوليو (تموز) الحالي.
ولم تشهد الحملة على الاستفتاء، على عكس الاستحقاقات الانتخابية السابقة، نشاطاً دعائياً كبيراً، إلا من بعض الأنشطة المحدودة في عدد من المناطق وسط حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأوضاع بعد الاستفتاء.
وينقسم الشارع السياسي في البلاد بين داعم للاستفتاء ورافض له ومقاطع للمسار الذي سلكه الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021.
وقد أثرت حالة الانقسام هذه في سير الحملات الدعائية، إذ لاحظت الأحزاب السياسية الرافضة والمقاطعة للاستفتاء عدة تجاوزات للقانون الانتخابي كالإشهار السياسي، بينما ترى الأحزاب المؤيدة أن الحملة تسير وفق القانون.
خروقات ودعوة لإيقاف المسار الاستفتائي
أكد الحزب الدستوري الحر، في ندوة صحافية، وجود جملة من الخروقات في مسار الاستفتاء في ظل غياب احترام القانون الانتخابي، معلناً رفع قضية عاجلة لإيقاف "المسار الاستفتائي"، مضيفاً، "توجد تمويلات مشبوهة في حملات عدد من الجمعيات والأشخاص غير المعروفين في الساحة السياسية"، ومتسائلاً عن مصادر هذه التمويلات.
من جهته، انتقد حزب "آفاق تونس" مسار حملة الاستفتاء، معتبراً أن "الأسبوع الأول للحملة شهد عدة مخالفات وخروقات للقانون الانتخابي".
وأوضح المتحدث باسم الحزب أنس سلطاني، في ندوة صحافية، أن "السلطة خرقت مبدأ حياد الإدارة"، مشيراً إلى أن "وزير الشباب والرياضة، فسر في مداخلة إذاعية مزايا مشروع الدستور، كما تحدث عن إمكانية فتح دُور الشباب أمام أنشطة حملة الاستفتاء".
وأضاف أن "أصحاب الفضاءات الخاصة، يرفضون تمكين السياسيين المعارضين لمشروع الدستور من تلك الفضاءات تحت ضغط السلطات الجهوية"، منتقداً "استعمال علم الجمهورية في معلقات انتخابية بمراكز تجارية كبرى وفي بعض الفضاءات المفتوحة الأخرى في خرق لأحكام الفصل 61 من القانون الانتخابي"، وفق قوله.
حملة ضعيفة وإشهار سياسي
في الأثناء، يعتبر رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)"، بسام معطر، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "حملة الاستفتاء، ضعيفة جداً، وتعتمد في أغلب الأحيان على المخالفات والإشهار السياسي، بينما بقيت الأماكن المخصصة بشكل قانوني لتعليق البيانات الرسمية للاستفتاء شاغرة".
وأضاف أن "المعلقات الإشهارية الكبرى تعتبر غير قانونية في الاستفتاء وكلفتها باهظة"، متسائلاً "عمن يقف وراء هذه المعلقات لمعرفة مدى احترام سقف تمويل المالي للحملة".
ولاحظ رئيس جمعية "عتيد" "عدم تدخل هيئة الانتخابات لوضع حد للمخالفات المتواصلة في الزمان والمكان"، داعياً الهيئة إلى "مزيد الحزم في تطبيق القانون، على الجميع". وأشار إلى "استعمال مشاركين في الحملة الانتخابية في جهة الساحل للعلم الوطني في لافتاتهم، وهو ما يعد مخالفة انتخابية، تستوجب تدخل هيئة الانتخابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبينما تتهم الأحزاب المعارضة والمقاطعة للاستفتاء، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالتغاضي عن عديد من الخروقات، تؤكد الهيئة تسجيلها عديداً المخالفات، بينما تؤكد الأحزاب الداعمة لمسار رئيس الجمهورية، أن الحملة الانتخابية لمختلف الأطراف المشاركة تسير وفق ما يضبطه القانون.
جميع أنشطة الحملة قانونية
ويؤكد الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي في تصريح خاص، أنه "لم يلاحظ تجاوزات خطيرة أثناء الحملة"، مشيراً إلى أن "جميع الأنشطة في إطار الحملة الانتخابية، تتم تحت مراقبة مباشرة من هيئة الانتخابات وعدد من المراقبين".
ويعتبر حمدي "أن الأحزاب المعارضة والمقاطعة تتصيد أي خطأ ولو كان بسيطاً لشيطنة المسار الذي اختاره الشعب التونسي، بعد 25 يوليو 2021".
ويضيف الأمين العام للتيار الشعبي أن حزبه يقوم بحملته في إطار القانون، لافتاً إلى "وجود رقابة فورية لسير الحملة ثم رقابة أبعد من خلال محكمة المحاسبات في كل ما يتعلق بتمويل الحملة".
كما دعا سرحان الناصري رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" إلى التصويت بنعم لمشروع الدستور الجديد واعتبر أنه "يرتقي إلى تطلعات الشعب التونسي".
ويعتقد الناصري أن "مشروع الدستور الجديد يقطع مع السياحة الحزبية ومتاجرة البرلمان بالحكومة"، مشدداً على "ضرورة المشاركة في يوم الاستفتاء"، ومستغرباً تهويل المعارضة لما قالوا إنها خروقات خلال الحملة، واصفاً تبريرات وتصريحات الداعين إلى مقاطعة الاستفتاء بـ"التافهة".
هيئة الانتخابات تسجل خروقات
ومن جهته، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي منصري في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، "تسجيل خروقات تتعلق بخاصة بالمعلقات الكبرى التي تعتبر إشهاراً سياسياً، وهي مخالفة انتخابية"، مشيراً إلى أن "الهيئة تفاعلت وقامت بالتنبيهات الضرورية، وتمت إزالة هذه المعلقات، وتم تحرير محاضر في التجاوزات والجرائم الانتخابية المرتكبة وإحالة المحاضر إلى الهيئات الفرعية للانتخابات لإحالتها إلى القضاء".
وتحدث المنصري عن "تسجيل مخالفات أخرى تمثلت في استعمال العلم التونسي وشعار الجمهورية، وتم إمهال الجهات المعنية، وتمت الاستجابة".
وشدد عضو هيئة الانتخابات على أن "الهيئة وعلى الرغم من ضيق الوقت فهي جاهزة لهذه المحطة الانتخابية"، لافتاً إلى "البدء بتوزيع المواد الانتخابية في الداخل، وفي الخارج".
وأشار إلى "إحكام التنسيق مع وكلاء الجمهورية في مختلف المحاكم لتحديد الجرائم الانتخابية، بخاصة يوم الاقتراع والفرز من أجل أن يتحمل كل طرف مسؤولياته، وحتى لا يقع خرق يوم الصمت الانتخابي".
من جهته، أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في تصريح صحافي، أن هناك "شبهة في وجود تمويل أجنبي وتجاوز سقف الإنفاق لبعض الصفحات الممولة في الفضاء الإلكتروني، والهيئة تتابع الموضوع من خلال خلايا مختصة في الرصد".
وأضاف أنه تم "رصد شكاوى من عدم حياد بعض السلطات الجهوية والمحلية وقد تم التنبيه عليهم من قبل الهيئات الفرعية".
ويفصل أسبوع واحد مختلف المشاركين في حملة الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، من أجل حشد التأييد أو الرفض، لذلك يُنتظر أن يشهد الأسبوع الأخير من الحملة تزايد الأنشطة والتجمعات في مختلف جهات البلاد، ما سيحمل هيئة الانتخابات مسؤولية أكبر لضمان احترام القانون.