كشف تقرير حديث أن الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومات على مستوى العالم خلال فترة وباء كورونا تسببت في أن تتهاوى مشتريات المستثمرين الأجانب في سوق العقارات الأميركية، إلا أنه في الوقت الحالي، ووفق البيانات المتاحة، فإن الاستثمارات العقارية الأجنبية تعود الآن ببطء، بحسب مسح أجرته الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في الولايات المتحدة.
ومع تراجع قيود السفر، إلى جانب عديد من متطلبات اختبار كورونا، عاد المشترون الأجانب، وبخاصة مع الارتفاع القوي في سعر الدولار الأميركي وتسجيله مستويات قياسية خلال التداولات الحالية مع استمرار خسائر اليورو.
وتشير البيانات إلى أنه بين أبريل (نيسان) 2021 ومارس (آذار) من هذا العام، انتزع المشترون الدوليون ما قيمته 59 مليار دولار من العقارات السكنية في الولايات المتحدة، وهو رقم أعلى بنسبة 8.5 في المئة عن أرقام الفترة نفسها من العام الماضي، وهو أول ارتفاع بعد انخفاض استمر لأكثر من 3 سنوات.
قيود السفر
وجاء في التقرير أن الزيادة في قيمة الدولار ترجع إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار الشراء، فقد كان متوسط سعر المنازل المشتراة من قبل الأجانب بين أبريل 2021 ومارس من هذا العام رقماً قياسياً قدره 366 ألفاً و100 دولار، وهو أعلى من متوسط سعر المنزل البالغ 355 ألفاً و700 دولار في السوق الأميركية.
ومع ذلك، فقد انخفض عدد المنازل التي اشتراها أجانب خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في مارس إلى 98 ألفاً و600 منزل قائم بنسبة 7.9 في المئة عن العام السابق، وهو الأدنى منذ أن بدأت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في تتبع هذه الصفقات في عام 2009.
وقال كبير الاقتصاديين في الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين لورانس يون، إن "قيود السفر كانت عاملاً كبيراً، حيث يرغب المشترون في رؤية العقار، بينما أية قيود على السفر، أو حتى متطلبات اختبار كورونا، التي تم رفعها هذا الصيف فقط، تمثل إزعاجاً أو إشارة تقول: ابقَ بعيداً".
وفي حين دفع الوباء مزيداً من الناس إلى الشراء عن بعد أو من خلال النظر إلى المنزل تقريباً، لا يزال معظم المشترين يرغبون في رؤية العقارات بأنفسهم. وغالباً ما لا يتمكن المشترون الدوليون، وبخاصة أولئك الذين يبحثون عن منزل لقضاء العطلات، من زيارة المنازل بسبب قيود السفر.
والمشتري الأجنبي هو شخص لديه عنوان دائم في الخارج، وكذلك الأشخاص من غير مواطني الولايات المتحدة، والمهاجرون الجدد الذين تقل أعمارهم عن عامين، أو حاملو تأشيرات غير المهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة لأكثر من ستة أشهر لأسباب مهنية أو تعليمية، أو لأسباب أخرى.
وتعد فلوريدا إلى حد كبير الموقع الأول للمشترين الأجانب، حيث تحدث ما يقرب من ربع عمليات الشراء الدولية هناك، تليها كاليفورنيا وتكساس وأريزونا ونيويورك ونورث كارولينا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المناطق المشهورة بالمشترين الأجانب يمكن أن تكون هناك منافسة متزايدة للشراء، لكن كما أشار يون، حتى في المناطق المشهورة، يشكل المشترون الأجانب نحو 3 في المئة فقط من المشتريات. وبشكل عام، وجد التقرير أن 1.6 في المئة من مبيعات المنازل القائمة على المستوى الوطني هي للمشترين الأجانب.
أضاف يون، "بالنسبة للمقيمين في هذه المناطق قد يبدو الأمر وكأن الأجانب يتنافسون على المنازل مع السكان المحليين. ويحاول البائعون بالطبع الحصول على أعلى سعر ممكن بغض النظر عن هوية المشتري، لكن يمكن أن يكون الأمر محبطاً للمشترين الذين رفعوا عطاءاتهم".
انتعاش مع عودة السفر
في ذات الوقت، تدفع نسبة أكبر بكثير من المشترين الأجانب نقداً، حيث دفع 44 في المئة جميع المبالغ النقدية خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 24 في المئة بين جميع مشتري المنازل الحاليين في الولايات المتحدة. ومن المرجح أيضاً أن يشتري الأجانب العقار كمنزل ثانٍ، حيث يستخدمه 44 في المئة كمنزل لقضاء العطلات أو للإيجار أو كليهما، مقارنة بنحو 17 في المئة بين جميع مشتري المنازل الحالية.
وتشير البيانات إلى أن معظم المنازل التي حازها مستثمرون أجانب، كانوا من كندا والمكسيك المجاورتين. وشكل المشترون من كندا نحو 11 في المئة من مشتريات المنازل، مقابل 8 في المئة في الفترة السابقة، فيما شكل المشترون من المكسيك ما نسبته 8 في المئة خلال العام الماضي، ارتفاعاً من 7 في المئة خلال العام قبل الماضي. وتبعهم مشترون من الصين والهند والبرازيل وكولومبيا وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان.
ومن المتوقع أن تزداد حصة المشترين الدوليين، حتى في مواجهة نقص العرض الذي دفع أسعار المساكن للارتفاع، وزيادة معدلات الرهن العقاري. يقول يون، "الدولار القوي قد يردع بعض الأجانب عن الشراء هنا في الولايات المتحدة، لكن كثيرين يشترون نقداً، لذا فإن تأرجح الدولار لا يفسد الصفقة"، مضيفاً، "ربما يكون من الجيد أنهم كانوا غائبين عندما كانت العقارات الأميركية مرتفعة الأسعار، لكن نظراً إلى التحول الحالي في السوق، مع وجود مزيد من المخزون والمنازل، فقد يبدأ الانتعاش كلما أصبح السفر الدولي ممكناً".