هناك ثلاثة أمور يسعى المتنافسون على قيادة المحافظين إلى تجنب التحدث عنها: أزمة غلاء المعيشة، وصفوف الانتظار في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، و"كوفيد-19".
فلنتحدث عن آخر هذه الأمور. يتصرف "كوفيد" حالياً وكأنه أحد الأشرار في مسلسل "دكتور هو" Doctor Who [مسلسل بريطاني له أهمية في الثقافة الشعبية للبلاد]، بمعنى أنه يبدو وكأنه محكوم بذكاء جماعي – ذاك الذكاء الذي يعتبر محاولات الساسة الرامية إلى حشره في الزاوية إهانة شخصية له.
كانت "أوميكرون" مشغولة بتحسين أشواكها البروتينية، وتطوير متحورات فرعية جديدة تحسن قدرة المتحورة الأصلية على إصابة المضيفين ذوي الحظ العاثر (أي نحن) وإعادة إصابتهم.
ويزخر "تويتر" حالياً بأشخاص تمكنوا من تجنب نسخة "المجرم الأصلي" ليكتشفوا أنه لا يزال يستطيع العمل كحقير صغير شرير. وينطبق ذلك على البعض منا ممن التقطوا "كوفيد" المجرم الأصلي أيضاً. ويحل هذا البلاء مرة أخرى ضيفاً ثقيلاً في بيتي.
ويقول الخبراء إن هذا ليس مستغرباً. فالفيروسات بارعة في التحور. ويستغرق وصول المتحورات الجديدة إلى توازن مع مضيفيها وقتاً طويلاً. ولدينا على الأقل أدوات أفضل لمكافحة هذه الجائحة مقارنة بأي جائحة سابقة. نخب صحة العلماء!
لكن بعد أن نفعل ذلك، قد نود التفكير في أثر موجة متدفقة من الإصابات الجديدة بـ"كوفيد" تضرب في موسم الإنفلونزا في الخريف، فتضغط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تتأرجح بالفعل على حافة الهاوية (انظروا في المشكلة الثانية التي يتجنب الحديث عنها المرشحون لرئاسة الوزراء) وتوجه ضربة قاسية أخرى إلى الاقتصاد الشديد الهشاشة.
لهذا السبب أرى أن موقف "لا تذكر الحرب" [عبارة ترد في مسلسل "فولتي تاورز" ويقصد بها: عدم التحدث عن الأشياء التي قد تسبب جدلاً أو توتراً وغض النظر] الذي يتخذه الوزراء الحاليون المتنافسون على رئاستها مقلق للغاية. ويتعين علينا أن نبدأ في التفكير في التدابير الوقائية المعقولة التي يمكن اتخاذها، من أجل صحة الناس والاقتصاد، بهدف تجنب تدهور الأمور مرة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأول هذه التدابير وأكثرها أهمية هو تشجيع المرضى على البقاء في منازلهم.
الاعتماد الواسع النطاق للعمل من المنزل و/أو العمل الهجين مفيد على هذه الجبهة. وعلى أصحاب العمل الذين يتحلون بالمسؤولية ويطلبون من عامليهم أن ينسوا "أيام عملهم المكتبية" المقررة عند أول عطسة. أتخيل أن البعض سيفعلون ذلك. المشكلة أن ليس أصحاب العمل جميعاً يتحلون بالتعقل أو المسؤولية.
في قطاعات كثيرة، يتلخص المبدأ، في الحضور إلى العمل بغض النظر عما قد يحدث. يكشف استطلاع أجراه مجلس الاتحادات المهنية أن تسعة في المئة من الموظفين الذين يعانون أعراض "كوفيد" اضطروا إلى الحضور إلى أأماكن عملهم خلال الأشهر الـ12 الماضية، وطلب من عشرة في المئة العمل إلى جانب زملاء جاءت فحوصهم الخاصة بـ"كوفيد-19" إيجابية.
حتى عند إزالة عنصر الإكراه، قد يشعر العاملون بأنهم مضطرون إلى الحضور إلى أماكن عملهم وهم يعانون الإنفلونزا و/أو "كوفيد" بسبب العواقب المالية المترتبة على عدم القيام بذلك. والمشكلة الأولى التي يختار رؤساء وزرائنا المستقبليون أن يتجاهلوها –أزمة غلاء المعيشة– لن تسفر إلا عن تفاقم هذه المشكلة.
يبلغ أجر الإجازة المرضية القانوني مستوى بائساً يساوي 99.35 جنيه استرليني (نحو 119 دولاراً) في الأسبوع. وخلال الجائحة، تمكن الناس على أقل تقدير من المطالبة بذلك في أول أيام إجازتهم المرضية. ومع ذلك، عند إسقاط آخر القيود التي فرضت بسبب الجائحة، أسقط هذا الامتياز أيضاً. والآن يعود العاملون إلى الاضطرار إلى التعطيل لأربعة أيام قبل أن يتمكنوا من المطالبة بأجر الإجازة المرضية القانوني، هذا إذا تمكنوا من ذلك.
وتلفت شيلي أسكويث، مسؤولة الصحة والسلامة في مجلس الاتحادات المهنية، قائلة إن ما يقرب من مليونين من هؤلاء غير قادرين على تحقيق هذه الغاية، ذلك لأنهم لا يحصلون على الأجر الكافي أو لأنهم لا يعملون لساعات كافية.
ولطالما ساعد حضور العاملين المرضى إلى مكان العمل بانتشار فيروسات الإنفلونزا البغيضة في أماكن العمل، ما أدى إلى الإضرار بالإنتاجية والإضرار بالاقتصاد الأوسع. لدينا الآن "كوفيد" هل ترون المشكلة؟
تقول أسكويث، "لا ينبغي لأحد أن يكون في بيئة غير آمنة في العمل. كان الوزراء المحافظون معتدين بأنفسهم أكثر من اللازم عند رفعهم الضوابط الخاصة بمخاطر كوفيد في أماكن العمل. ومع ارتفاع عدد الحالات، لا تحرك الحكومة ساكناً لإصلاح نظامنا المعطل الخاص بأجر الإجازات المرضية".
وهي على حق. عندما يجلس الفائز في السباق المخيب للآمال الجاري أمامنا إلى مكتب رئاسة الوزراء الثمين، قد يرغب شخص ما في لفت نظره إلى ذلك.
وإذا لم يحصل ذلك، ستقوم "أوميكرون" بالمهمة، أو آخر تجسيد لها [تحور] بغض النظر عن تسميته. والمشكلة أن الأوان ربما يكون قد فات بحلول ذلك الوقت.
نشر في اندبندنت بتاريخ 17 يوليو 2022
© The Independent