قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، لصحيفة "إلباييس" الإسبانية في مقابلة نشرت الجمعة، 22 يوليو (تموز)، إن برنامج إيران النووي "يتقدم بسرعة" وإن رصد الوكالة لما يجري هناك محدود للغاية، فيما تطلب طهران الحصول على ضمانات اقتصادية من الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي لئلا "تلدغ من جحر واحد مرتين"، وفق وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان.
وبدأت إيران في يونيو (حزيران) بإزالة كل معدات المراقبة وكاميرات الوكالة التي وضعت بموجب الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 مع القوى العالمية الكبرى. وقال غروسي حينها إن الأمر قد يشكل "ضربة قاتلة" لفرص إحياء الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة منه عام 2018.
وقال غروسي لـ"إلباييس"، "الخلاصة هي أنه على مدى ما يقرب من خمسة أسابيع كان لديَّ رؤية محدودة للغاية مع برنامج نووي يتقدم بسرعة، لذلك إذا تم التوصل لاتفاق سيكون صعباً للغاية بالنسبة إليَّ أن أعيد بناء الأحجية بوجود كل تلك الفترة من العمى الإجباري".
مهمة بالغة التعقيد
وتحذر قوى غربية من أن إيران تقترب من التمكن من صنع قنبلة نووية، بينما تنفي طهران رغبتها في ذلك من الأساس.
وقال غروسي الذي يزور مدريد في مقابلته مع الصحيفة إن إعادة بناء هذه الأحجية بالأجزاء المفقودة والناقصة بسبب غياب المراقبة من الوكالة "ليس مستحيلاً... لكنه سيتطلب مهمة بالغة التعقيد وربما بعض الاتفاقات المحددة".
وأضاف، "تحتاج الوكالة إلى إعادة بناء قاعدة بيانات من دونها سيتأسس أي اتفاق على أساس هش للغاية، لأننا إذا لم نعرف ما الذي هناك كيف يمكننا أن نحدد كمية المواد التي نصدرها وعدد أجهزة الطرد المركزي التي سنتركها من دون استخدام؟".
ولدى سؤاله عن تقرير نشرته وكالة "رويترز" عن تصعيد إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم أكثر باستعمال معدات متقدمة في منشأة فوردو تحت الأرض، قال غروسي، "التقدم الفني للبرنامج الإيراني مستقر".
إيران لا تريد "اتفاقاً بأي ثمن كان"
وأتاح اتفاق عام 2015 بين طهران وكل من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً منه في عام 2018، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بالتراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الخارجية الإيراني، "لا نريد أن نلدغ من جحر واحد مرتين. لكي نحصل على كامل الفوائد الاقتصادية من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق)، على الأميركيين أن يقبلوا تقديم التزامات وضمانات".
وأضاف في حوار مع التلفزيون الرسمي الإيراني ليل الخميس 21 يوليو "نحن الآن في هذه المرحلة لدينا نص جاهز أمامنا (لإحياء الاتفاق)، نتفق مع مختلف الأطراف على 95 في المئة من مضمونه". وكرر أمير عبد اللهيان موقف بلاده "بأننا جديون في الوصول إلى اتفاق جيد، صلب، ومستدام، لكننا لا نريد إبرام اتفاق بأي ثمن كان".
وبدأت إيران والقوى المنضوية في الاتفاق مباحثات لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021 في فيينا، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة وبتسهيل من الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، علقت المباحثات في مارس (آذار) الماضي مع تبقي نقاط تباين بين طهران وواشنطن لم يتمكن المعنيون من ردم الهوة بشأنها بعد. وأجرى الجانبان في أواخر يونيو مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي انتهت من دون تحقيق اختراق.
تبادل الاتهامات
وأشار أمير عبد اللهيان إلى أن "الأميركيين لم يضمنوا بعد أننا سنكون قادرين على التمتع بكامل الفوائد الاقتصادية" للاتفاق النووي، مؤكداً أن إيران ستواصل المباحثات عن طريق الاتحاد الأوروبي.
من جهته، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس الخميس أن طهران لم تحسم قرارها بعد في شأن الامتثال لكل مندرجات الاتفاق مجدداً.
وقال في مؤتمر صحافي، "يبدو أن (إيران) لم تتخذ بعد القرار السياسي، أو القرارات، المطلوبة من أجل تحقيق عودة متبادلة للامتثال إلى خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأضاف وفق النص الكامل للمؤتمر المنشور على موقع الوزارة، "لقد واصلنا الانخراط في الدبلوماسية غير المباشرة مع إيران، بفضل جهود الاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين".
وتابع، "لكن إيران، أقله حتى هذه المرحلة، لم تبد ميولاً" لإنجاز تفاهم.