في إطار احتواء الأزمات العنيفة التي تواجه قطاع العقارات الصيني تعهدت هيئة الرقابة المصرفية في بكين تعزيز الإقراض لمساعدة المطورين على إنهاء المشاريع العقارية المتعثرة وزيادة طلب المشترين، إذ تؤدي مقاطعة الرهن العقاري المتزايدة من قبل مشتري المنازل إلى تفاقم مشكلات العقارات بالبلاد.
وأكدت لجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية، في بيان حديث، أنها ستوفر "دعماً ائتمانياً نشطاً" لمطوري العقارات حتى يتمكنوا من إكمال المشاريع المتأخرة أو المتوقفة في أقرب وقت ممكن، كما حثت البنوك على إصدار مزيد من قروض الرهن العقاري لمشتري المساكن المؤهلين لدعم الطلب ودعم سوق العقارات. وقالت الهيئة التنظيمية، إن الجهود السابقة لتعزيز الإقراض العقاري كانت ناجحة.
وتشير البيانات المتاحة إلى زيادة قيمة وحجم الرهون العقارية بعد أن خفض بنك الشعب الصيني معدلاتها بمقدار عشر نقطة مئوية في مايو (أيار) الماضي لمشتري المنزل الأول. وتم إصدار جميع قروض الرهن العقاري أو ما يقرب من 90 في المئة منها إلى مشتري المنزل الأول.
أسرع وتيرة نمو منذ عام 2019
يقول ليو تشونغروي، مسؤول من شركة "سي بي أي آر سي"، ومقرها بكين، "وصلت وتيرة الإقراض الحالية للقروض المتعلقة بالممتلكات أسرع وتيرة لها منذ عام 2019". وأوضح أن قروض المطورين الجديدة التي أصدرتها البنوك بلغت الشهر الماضي 52.2 مليار يوان (7.7 مليار دولار).
وهذا التعهد هو الأحدث ضمن سلسلة تحركات من جانب السلطات الصينية لاسترضاء تمرد مشتري المنازل بجميع أنحاء البلاد. ويرفض عدد متزايد من مشتري المنازل الساخطين دفع قروض عقارية على مشاريع غير مكتملة، ما أدى إلى تفاقم مشكلات العقارات وإثارة مخاوف في شأن أزمة مالية نظامية واضطرابات اجتماعية. وتشير الحركة التي تشهدها السوق أخيراً إلى أنها علامة على كيفية انتقال أزمة السيولة التي تواجه المطورين إلى جوانب أخرى من المجتمع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبدأت المشكلة في عام 2020، عندما شرعت بكين في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الاقتراض المفرط من قبل المطورين في محاولة لكبح جماح ديونها المرتفعة وتقييد الأسعار المتصاعدة للمساكن.
وتصاعدت الأزمة العام الماضي عندما سارع "إيفرغراند"، المطور الأكثر مديونية في البلاد، لجمع الأموال لسداد المقرضين. ومع تهدئة قطاع العقارات يسعى عديد من الشركات الكبرى إلى الحماية من الدائنين، إذ تم تأخير أو تعليق عديد من المشاريع العقارية في جميع أنحاء البلاد بسبب أزمة السيولة للمطورين.
غضب عام بسبب تعثر المشاريع
في الوقت نفسه، يتزايد الغضب العام بسبب المشاريع المتعثرة، حيث بدأ عديد من مشتري المساكن في سداد الرهون العقارية قبل امتلاكهم للعقار الجديد، إذ يسمح لشركات العقارات في الصين ببيع المنازل قبل استكمالها واستخدام الأموال لتمويل البناء، بل إنها الطريقة الأكثر شيوعاً لبيع المنازل.
ويمكن أن تتسبب مقاطعة الرهن العقاري في ارتفاع القروض المعدومة بالبنوك وإضعاف المعنويات بشكل أكبر في القطاع، وفقاً للمحللين، وإذا انخفضت المبيعات بنسب أكثر من ذلك فقد يواجه المطورون مشكلة نقدية أكبر قد تؤدي إلى المزيد من حالات التخلف عن سداد الديون وتأخير المشاريع، ما يخلق حلقة مفرغة في السوق.
ستضع أزمة العقارات أيضاً ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد والنظام المالي في وقت تمثل العقارات والصناعات ذات الصلة ما يصل إلى 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أنشأت مدينة تشنغتشو بوسط الصين صندوق إنقاذ للمطورين العقاريين لمعالجة المشاريع غير المكتملة، وهي واحدة من أولى إجراءات الإنقاذ التي اتخذتها الحكومات المحلية لمعالجة مقاطعة الرهن العقاري.
وسيتم إنشاء الصندوق بشكل مشترك من قبل شركة "خنان أسيت مانجمنت"، ومقرها تشنغتشو ومجموعة "زينغاهعو ريال ستيت"، وفقاً لبيان صادر عن مدير الأصول يوم الثلاثاء. وتشنغتشو هي عاصمة مقاطعة خنان بوسط البلاد، وهي حالياً مركز مقاطعة الرهن العقاري على مستوى البلاد. وكلتا الشركتين مدعومة من قبل الحكومات المحلية في المقاطعة. وقال البيان، إن الصندوق سيستخدم في "إحياء المشاريع العقارية التي تنطوي على مشكلات وإنقاذ المطورين المتعثرين"، من دون الكشف عن حجم الصندوق.