سيؤدي إغلاق محطات توليد الكهرباء في بريطانيا إلى زيادة الاعتماد على الطاقة الواردة من أوروبا عبر خطوط الربط التبادلي، ما ينذر بأزمة كبيرة في فصل الشتاء المقبل نتيجة أزمة الطاقة في أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا. وهو ما اتضح من توقعات الشبكة الوطنية البريطانية للإمدادات والاستهلاك التي نشرتها الخميس 28 يوليو (تموز).
الشبكة قالت، في تقريرها السنوي لتوقعات الشتاء المقبل، إنها "ستعتمد على واردات الطاقة عبر الكابلات البحرية لضمان توفير احتياجات الطاقة. وفي ظل أزمة الطاقة بأوروبا وقطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عن القارة كرد فعل على العقوبات المفروضة على موسكو، إضافة إلى مشكلات توليد الطاقة من المحطات التي تعمل بالوقود النووي في فرنسا وألمانيا، يزداد الخطر من ألا تحصل بريطانيا على احتياجاتها عبر شبكة خطوط الربط مع أوروبا".
ومع أن الشبكة الوطنية استبعدت حدوث فترات انقطاع كبيرة للكهرباء في فصل الشتاء، فإن التقديرات التي نشرتها جعلت المحللين يتوقعون تضاعف فاتورة الاستهلاك المنزلي للطاقة في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأن تصل قيمة الفاتورة للأسرة إلى أكثر من 600 دولار (500 جنيه استرليني) شهرياً. ويتوقع أن تبدأ فترات أزمة الطاقة الحادة في بريطانيا ربما بحلول ديسمبر (كانون الأول) قبل نهاية هذا العام.
مشكلات القارة وأزمة بريطانيا
يحذر المحللون في قطاع الطاقة، كما نشرت صحيفة "الديلي تلغراف" الخميس، من أن زيادة الاعتماد على واردات الطاقة من أوروبا ستؤدي إلى أزمة في ظل أزمة الطاقة الحالية في أوروبا، والمقدر أن تزداد حدة مع دخول فصل الشتاء، وزيادة الطلب في ظل نقص المعروض.
فقد خفضت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي لألمانيا عبر خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" هذا الأسبوع. وتستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد، بمساعدة الغرب، لاستعادة مدينة خيرسون من القوات الروسية. وفي حال نجاح القوات الأوكرانية في هجومها قد تلجأ روسيا إلى مزيد من الإجراءات العقابية على أوروبا، خصوصاً في مجال الطاقة، كما تقول الصحيفة.
تتوقع شركة استشارات الطاقة "بي واي أف" أن تواصل أسعار الكهرباء بالجملة الارتفاع مع استمرار أزمة الغاز في أوروبا. وعلى الرغم من أن بريطانيا لا تعتمد كثيراً على استيراد الغاز من روسيا، الذي لا يشكل أكثر من 4 في المئة من احتياجاتها، فإنها تعتمد على استيراد الغاز من النرويج الذي قد يتم تعديل وجهته لسد احتياجات أوروبية طارئة في الشتاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوجد خطوط الربط التبادلي بين بريطانيا وفرنسا بالأساس، وهناك أيضاً خطوط ربط تبادلي بين بريطانيا وبلجيكا وهولندا. وفي حال ارتفاع أسعار الطاقة بالجملة في بريطانيا عن أوروبا (كما هي الحال الآن وسيزداد في الشتاء) تنساب الإمدادات أكثر عبر خطوط الربط من الدول الأوروبية إلى بريطانيا.
ولدى الشبكة الوطنية اتفاقات مع شركات الإمداد في الدول الأوروبية بهذا الشأن، وهناك شروط جزاء في تلك العقود، لكن الشركات الغربية غالباً لا تعبأ بتلك الشروط إذا اضطرت لعدم إمداد بريطانيا بالطاقة.
على سبيل المثال، اضطرت بريطانيا، الأسبوع الماضي، لدفع أكثر من 11800 دولار (9 آلاف و724 جنيهاً استرلينياً) ثمناً للميغاواط ساعة من الكهرباء التي استوردتها من بلجيكا عبر خطوط الربط التبادلية، وذلك لمواجهة النقص في إمدادات الشبكة الوطنية جنوب شرقي بريطانيا (التي تضم العاصمة لندن).
ارتفاع الأسعار
وللمقارنة، فقد ارتفعت أسعار الغاز خلال الأيام الأخيرة بنسبة 2 في المئة بأوروبا، بينما ارتفعت بنسبة 5 في المئة ببريطانيا. وقال فيل هيويت، من شركة "أن آب سيس" في مقابلة مع "الديلي تلغراف"، "تفترض الشبكة الوطنية أن خطوط الربط التبادلية تعمل وفقاً لقواعد السوق. نعتقد أن هذا افتراض في غاية الخطورة. فتحليل شركتنا يرى أن كابلات الربط التبادلية مع فرنسا، التي توفر 4 غيغاوات، قد لا يمكن الاعتماد عليها لتوريد الطاقة لبريطانيا هذا الشتاء. يرجع ذلك إلى المشكلات في محطات توليد الطاقة التي تعمل بالوقود النووي في فرنسا، وأيضاً لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا وإمدادات الغاز من روسيا".
ومن بين خطوط الربط التبادلية أيضاً، ما تعتمد عليه بريطانيا لاستيراد الطاقة من هولندا من محطات التوليد التي تعمل بالفحم، لكن هذه أيضاً لا يمكن الاعتماد عليها بسبب مشكلاتها واحتمال توجيه إنتاجها للداخل الأوروبي مع أزمة الشتاء المتوقعة.
وتعاني أوروبا من أزمة نقص إمدادات الغاز لتوفير الوقود لمحطات الطاقة التي تعمل به. كما أن ألمانيا اضطرت لإغلاق أغلب محطات توليد الطاقة بالمفاعلات النووية وهناك مشكلات في مثيلاتها بألمانيا. ولا تكفي الطاقة التي يتم توليدها من مصادر أخرى، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لسد العجز في شبكات الكهرباء.
واضطرت بريطانيا إلى إغلاق كثير من محطات توليد الطاقة نتيجة وصولها إلى نهاية عمرها الافتراضي، خصوصاً المحطات القليلة التي تعمل بالوقود النووي.