كشف صندوق النقد الدولي أن مصر بحاجة إلى تحقيق "تقدم حاسم" في الإصلاحات المالية والهيكلية، بينما تسعى القاهرة للحصول على دعم جديد من الصندوق، وفي تقييم لبرنامج استعداد ائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار تم الاتفاق عليه مع مصر في عام 2020، أشار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى "استمرار هشاشة وضع مصر جراء أعباء الدين العام المرتفعة ومتطلبات التمويل الإجمالي الكبيرة". وقال المجلس في بيان حديث، "هناك حاجة إلى إحراز تقدم حاسم في شأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وتحسين الحوكمة، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات". وأشار إلى أن الإصلاحات يجب أن تعزز أيضاً تنمية القطاع الخاص وتقلص دور الدولة.
السياسات والإصلاحات
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال صندوق النقد الدولي إنه يواصل المناقشات مع مصر بهدف الاتفاق على تسهيل تمويل ممدد يدعم السياسات والإصلاحات الاقتصادية، وأعلن أن مصر تقدمت بطلب للحصول على برنامج جديد في مارس (آذار)، مع تعرض البلاد لضغوط مالية جديدة بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.
وكان محللون قد ربطوا بين القرارات التي أعلنها البنك المركزي المصري خلال الاجتماع الاستثنائي في مارس الماضي، ومنها خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، إضافة إلى طرح شهادات استثمار بعائد سنوي مرتفع، وبين الاشتراطات التي حددها "الصندوق" للموافقة على قرض جديد لمصر.
"الصندوق" يعدل توقعاته لنمو اقتصاد مصر
وبسبب الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية، عدل "الصندوق" من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، ورجح أن ينمو بنسبة 5.9 في المئة خلال العام المالي 2021-2022، و4.8 في المئة خلال العام المالي 2022-2023، وجاءت توقعاته في تحديث يوليو (تموز) الحالي لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، لنمو الاقتصاد المصري في 2022-2023 أقل من توقعاته السابقة في أبريل (نيسان) الماضي عند مستوى خمسة في المئة بانخفاض نسبته 0.2 في المئة، بينما أبقى على توقعاته لعام 2021-2022 من دون تغيير. وأوضح "الصندوق" أن فريقاً من خبرائه بقيادة سيلين ألارد قد أجرى زيارة إلى القاهرة في الفترة من 26 يونيو (حزيران) إلى السابع من يوليو الحالي، لمناقشة دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل للسلطات المصرية، وأسفرت الاجتماعات عن مناقشات مثمرة حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي ستدعمها تسهيلات "الصندوق" الممددة في الفترة المقبلة. وأشار إلى أن الخبراء يواصلون مشاركتهم الوثيقة مع مصر من أجل التوصل إلى اتفاق مبدئي، لكن الاتفاق النهائي في شأن ترتيب البرنامج يخضع لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع أن يعود التضخم إلى مستويات قريبة من تلك المسجلة قبل جائحة كورونا بحلول نهاية عام 2024، مضيفاً، "قد يؤدي المزيد من الصدمات المرتبطة بالعرض لأسعار المواد الغذائية والطاقة من الأزمة في أوكرانيا إلى زيادة التضخم بصورة كبيرة وتمريره إلى التضخم الأساسي، ما يؤدي إلى مزيد من التشديد في السياسة النقدية، بالتالي التسبب في ركود تضخمي"، ورجح "الصندوق" أن يستمر تشديد السياسات النقدية في جميع أنحاء العالم بقيادة البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة، ما سيؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض والضغط على الاحتياطات النقدية للاقتصادات الناشئة، كما توقع تباطؤ نمو التجارة العالمية خلال العامين الجاري والمقبل بأكثر مما كان متوقعاً في السابق، نتيجة تراجع الطلب العالمي ومشكلات سلاسل التوريد، إضافة إلى ارتفاع قيمة الدولار بنسبة خمسة في المئة في ستة أشهر اعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) 2021.
لا اتفاق على قيمة القرض حتى الآن
وتعقيباً على بيان صندوق النقد الدولي، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إن المفاوضات مع "الصندوق" مستمرة في شأن الحصول على قرض جديد، و"قطعنا فيها شوطاً كبيراً، إلا أنها توقفت خلال إجازة عيد الأضحى". وأوضح أن الحكومة المصرية تعمل على حل الخلافات معه، و"دائماً هناك وجهتا نظر، واتفقنا على بعض النقاط، واختلفنا على نقاط أخرى". أضاف، "لم نتفق على قيمة القرض حتى الآن". وشدد وزير المالية المصري على التزام حكومة بلاده بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي يشمل طرح 10 شركات قبل نهاية العام الحالي، مع الوضع في الاعتبار حال الاضطراب في الأسواق العالمية والمحلية. وقال إن الحكومة قد تطرح صكوكاً محلية حالياً، نظراً إلى وضع الأسواق الدولية، و"نستهدف صكوكاً دولية عند تحسن الأسواق الدولية وتتوقف قيمة الصكوك على وضع الأسواق حينئذ".
وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور قد كشف في تصريحات سابقة، أن الاقتصاد المصري شهد حركة تعاف جيدة في عامي 2021 و2022، ومعدل النمو المتوقع في العام المالي الحالي ستة في المئة، كما أسهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية في رفع معدلات التضخم إلى 13 في المئة.
وكان صندوق النقد قال، إن الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز تنمية القطاع الخاص وتحسين الحوكمة، ويأتي ذلك في وقت تسعى مصر للحصول على قرض جديد لدعم الاقتصاد المتضرر من تداعيات الحرب في أوكرانيا. وفي بيانه الأخير، قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، إن مصر بحاجة إلى "تقدم حاسم في إصلاحات مالية وهيكلية أعمق" لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وجعله أكثر مرونة في مواجهة الصدمات.