أفرزت الأزمة الخانقة التي يمر بها النظام السياسي في العراق أحداثاً ساخنة لم تأتِ بأي جديد سوى الفوضى التي تمر بها البلاد، وتعايش معها المواطن مع كل أزمة انتخابات، ولم تحمل بيانات رؤساء الكتل السياسية والسلطات العراقية أي حلول للأزمة التي تتفاقم يوماً بعد آخر.
واقتحم متظاهرو التيار الصدري المنطقة الخضراء، ثم مقر مجلس النواب، للمرة الثانية في غضون أيام قليلة، ليعلن بعدها مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الجابري، عن اعتصام مفتوح داخل البرلمان رفضاً لمرشح الإطار التنسيقي النائب محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الحكومة.
ودعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى تغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، فيما وجه دعوة للعشائر العراقية والقوات الأمنية والحشد الشعبي، مؤكداً عدم تكرار مأساة تفويت الفرصة الذهبية الأولى عام 2016.
أبعاد الأزمة
أقر الباحث السياسي نبيل جبار العلي بأنه "من الصعب جداً إيجاد نقاط التقاء تنهي الخلافات وتسهم بحل الأزمة بصورة مبكرة، وقد تفشل كل جهود التهدئة الحالية بصورة مبكرة، وذلك لأسباب تتعلق بأبعاد الأزمة السياسية المتعددة، فارتباط الأزمة ببعدها المتعلق بنظامه (الدستور) أو بعده الآخر المرتبط بفهم اللاعبين لذلك النظام وتقدير ظروف تطبيقه أو إمكانات تعديله أو حتى مرتبط ببعد آخر يتعلق بسلوك تلك القوى السياسية متضاربة المصالح".
وأضاف، "حجم الاصطفافات السياسية الحالية وتخندقها واستخدام البعض أدوات ضغط جديدة متجاوزة حدود السلوك الديمقراطي العام قد يعتبرها الآخر غير مقبولة، لذلك حل الأزمة يتطلب تنازل طرفي الصراع عن تطلعاتهم وخفض سقف المطالب، أما خسارة أحد طرفي الصراع لمصلحة طرف آخر قد لا تكون مستساغة، وقد تدفع الأطراف للتصعيد، وصولاً إلى المواجهة والصدام".
ثلاثة سيناريوهات
بدوره قال الباحث السياسي صالح لفتة، إن "القوى السياسية لن تعجز عن إيجاد حل فما يحدث وحدث يهدد مصالحها وامتيازاتها ومكاسبها، وهي غير مستعدة لحرق ما حصلت عليه أو التخلي بسهولة عما تريده مستقبلاً، وجميع الأطراف مستعدة للتفاوض للوصول إلى حل. فهناك ثلاثة سيناريوهات هي المرجحة، فإما القبول بحكومة مصطفى الكاظمي أو شخص مثله لا يمثل الإطار أو التيار الصدري يترأس مجلس الوزراء لحين إجراء انتخابات جديدة بأسرع وقت، وهذا هو المرجح أي مرشح تسوية كما حدث في انتخابات 2018 من دون تحديد الكتلة الأكبر تم التصويت على عادل عبدالمهدي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما السيناريو الثاني، بحسب لفتة "فهو تبديل مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بمرشح آخر مقبول من قبل الصدر مع ضمان مشاركة التيار الصدري بالحكومة المقبلة وعدم الخروج عليه مجدداً بتظاهرات حتى تنجح حكومته لأن جميع الكتل مقتنعة بأن أي حكومة تشكل من دون موافقة مقتدى الصدر ستسقط بسهولة بعد أن يتم اللجوء للشارع، أو تدخل مرجعية النجف وطرح رأيها بخصوص من يحكم أو من يحق له طرح اسم رئيس الوزراء الذي ستقبل به جميع الكتل المتصارعة لأنها تريد إنهاء الأزمة من دون أن تكون بنظر جماهيرها خائفة أو تراجعت عن مطالبها".
"تسونامي" قد يجرف الجميع
من جانبه، وجّه بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو، دعوة للتهدئة والحوار الوطني المسؤول.
وقال إعلام البطريركية، إنه "في نداء وجهه غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو حثّ الأقطاب السياسية والمرجعيات الدينية على تدارك انسداد الأفق السياسي قبل حدوث تسونامي قد يجرف الجميع".
وشدد على "ضرورة اعتراف السياسيين بفشل نهج الطائفية والمحاصصة الذي جلب الفساد والظلم".
إلى ذلك، أكد النائب المستقل رائد المالكي، دعمه لأي خطوة تستهدف إصلاح النظام السياسي، فيما اعتبر أن عقد جلسة للبرلمان خارج بغداد غير منطقي. وقال المالكي خلال تصريح صحافي، "لا أحد يختلف على حاجة النظام السياسي العراقي إلى الإصلاح والتغيير"، معتبراً أن "تغيير النظام تأخر، ودعوات تغييره ليست الأولى".
وأضاف أن "موقفنا النيابي هو دعم أي خطوة أو إجراء يستهدف إصلاح النظام السياسي"، مشدداً بالقول، "لا نؤيد أي عمل غير سلمي لتحقيق الإصلاح". ولفت المالكي إلى أن "إحداث فراغ في السلطة لن يقبله الصدر".
وفي شأن إمكانية عقد جلسة للبرلمان خارج بغداد، قال المالكي، "من الناحية القانونية والدستورية الأمر جائز، لكنه غير منطقي"، مضيفاً، "المشكلة ليست مشكلة مكان عقد جلسة".