يجذب نجاح منتخب إنجلترا للسيدات "اللبوات" في مسيرته في كأس أمم أوروبا للسيدات (يورو 2022)، اهتماماً متزايداً بكرة القدم النسائية ويطوي صفحة "تاريخ" إقصائهنّ من اللعبة بحسب ما أعلنت شخصيات رائدة عقب الفوز.
وتعود أندية كرة القدم النسائية في المملكة المتحدة إلى الأعوام 1890 بيد أنّ اتحاد كرة القدم قام بحظر كرة السيدات في العام 1921، معتبراً في ذلك الحين أنّ الرياضة "غير ملائمة للإناث". ونبه إلى ضرورة عدم "تشجيعها". ثمّ عاد الاتحاد وألغى قرار الحظر عام 1971.
وفي هذا السياق، قالت جمعيات رائدة لصحيفة "اندبندنت" إنّ أعداداً متزايدة من البريطانيين انخرطوا في "حالة ومشهديّة" فوز كتيبة اللبوات [أبدوا الاهتمام الكبير بحيثيات ودراما فوز اللبوات]. وخلُصت هذه الجمعيات إلى أنّه من شأن هذا النجاح أن يلهم المزيد من الفتيات على لعب كرة القدم.
وأظهرت البيانات الصادرة عن جمعية "وومنز سبورتس تراست" (Women´s Sports Trust) بأنّ 9.5 مليون مشاهد تابعوا المباراة التي تفوّقت فيها إنجلترا على السويد بأربعة أهداف مقابل لا شيء في مطلع الأسبوع الماضي ممّا جعل من المباراة أكثر برنامج رياضي مشاهدةً هذا العام في المملكة المتحدة.
وتخطّت نسبة المشاهدات الرقم القياسي الذي سُجّل سابقاً في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي للرجال في مطلع العام الجاري والذي جذب 8.2 مليون مشاهد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتفوقت منافسات كأس أمم أوروبا للسيدات (يورو 2022) الأرقام القياسية لعدد المشاهدين والحشود، ومن المتوقع أن تواجه اللبوات – وهو اللقب الذي أُطلق على منتخب إنجلترا لكرة القدم للسيدات- على منتخب ألمانيا في المباراة النهائية في ويمبلي يوم الأحد تحت عيون 87 ألف شخص بعد أن بيعت كافة البطاقات (فاز المنتخب فعلاً بالنهائي بنتيجة 2-1 على نظيره الألماني).
وقالت ستيفاني هيلبورن، الرئيسة التنفيذية لجمعية "وومن إن سبورت" Women in Sport لـ"اندبندنت": "بوسعكم رؤية أنّ اللبوات كنّ يحملن ثقلاً على كاهلهنّ في نصف نهائي اليورو مساء يوم الثلاثاء وهذا ما تجلّى على وجوه اللاعبات ومن خلال مشاعرهنّ عند إطلاق صافرة النهاية. كان ذلك أكثر من مجرّد الفوز بمباراة بل إنّه يتعلّق بقلب تاريخ طويل من إقصاء النساء".
وأضافت هيلبورن بأنّ الدراسة التي أجرتها الجمعية أظهرت أنّ ضعف عدد الفتيان مقارنةً بالفتيات يطمحون لبلوغ المستويات العليا من الرياضة، وأنّ 3 من أصل 10 فتيات يعبّرن عن تلك الرغبة مقارنةً بستة من أصل 10 فتيان.
وتتابع بالقول: "نأمل اليوم في أن نرى تحوّلاً ملحوظاً مع اجتماع البلاد للاحتفال بصنع التاريخ. من الرائع أن يكون العديد من الرجال والشبان ملتفّين حول العرض الذي قدّمته كرة القدم النسائية لأنّ احترام قدرات النساء في الرياضة مرتبط بشكلٍ وثيق باحترام حياة النساء بشكلٍ عام".
كما عبّرت عن أملها في أن تتحوّل كرة القدم النسائية إلى "رياضة خاصة بحدّ ذاتها" نتيجةً للنوعية العالية التي تقدّمها. وقالت هيلبورن: "ما نعرفه هو أنّه لو توافرت المساواة الجندرية في الرياضة، ستكون الثقافة أكثر إيجابية حتماً. ما من سببٍ يجعل المباراة النسائية تسير على درب [على خطى] اللعبة التي يخوضها الرجال. في الواقع، يجب أن يُبذل جهد لجعلها فريدة بطريقتها الخاصة".
وصرّحت سيلون أندي هيكمان من "فوتبول بيوند بوردرز" (كرة قدم تتخطى الحدود) Football Beyond Borders، وهي جمعية تساعد الشباب المتحدرين من خلفياتٍ معوزة لصحيفة "اندبندنت" بأنّ "خطوة نحو التغيير" تحققت خلال بطولة اليورو للسيدات مع تنوّع ديموغرافية المشاهدين والمعلّقين. "كان الجوّ في المدرّجات حماسياً إلى أقصى الحدود" أضافت هيكمان التي حضرت غالبية المباريات التي خاضها المنتخب الإنجليزي خلال البطولة. "كان الجوّ صاخباً وأشبه بحفلة. وقبل المباراة النصف نهائية، كان هنالك نظام صوتي ومنسّق موسيقى وأغانٍ في الملعب وكانوا يبثّون أغنية ويتني هيوستن I want to dance with somebody وكان الجميع يشعر بحماسة حيال الأمر. ثمّ لعب منسّق الموسيقى أغاني لهاري ستايلز في الوقت المستقطع بين الشوطين ودوا ليبا مع إطلاق الصافرة. كانت المراهقات يرقصن بحماسةٍ وجنون [انطلاق]".
وأشارت الجهة الراعية التي تقود برامج الفتيات في المدارس إلى أنّ الجمهور في كرة القدم النسائية "أكثر شمولاً" من الجمهور المتواجد في مباريات الرجال. وقالت: "يودّ الكثيرون من الأشخاص اصطحاب أولادهم إلى مباريات كرة القدم النسائية لأنّها خالية من الجوّ المسموم أو من أيّ خطر محتمل. يكون الجمهور فيها عابراً للتنوّع الديموغرافي [منوعاً ومشكلاً من شرائح اجتماعية متباينة]. هذا ما أعنيه بالخطوة التغييرية في هذه المسابقة. فأنتم لا ترون الجمهور المعتاد في المدرّجات أو تناقشون المباريات على "تويتر" أو تكتبون عنها في المقالات. ترون جمهوراً جديداً بالكامل في الملاعب وتتراوح أعمار النساء بين 6 و70 سنة".
وقالت هيكمان التي سبق وتولّت إدارة برنامج متدرّبات كرة القدم للسيدات ضمن اتحاد كرة القدم بأنّ مباريات كرة القدم للرجال غالباً ما تشهد هتافات تُطلق على اللاعبين الألمان ولكن هذا الأمر بعيد من أن يحصل في المباراة النهائية للمنتخب النسائي ضدّ ألمانيا. كما أضافت بأنّ نجاح اللبوات في اليورو [الألعاب الأوروبية] بوسعه أن يؤدّي إلى مزيد من الاهتمام من المستثمرين والجهات الراعية فضلاً عن تشجيع المزيد من الفتيات على البدء بممارسة كرة القدم. "نشهد ذروة نتاج سنواتٍ من الموارد والطاقة والمال. أصبحنا نعرف أسماء اللاعبات أكثر فأكثر".
بيد أنّها حذّرت من أن تحذو كرة القدم النسائية حذو كرة القدم للرجال وتتحوّل إلى ما يشبه المؤسسة بشكل مفرط أو تؤدّي إلى نفور المشجعين من الملاعب من خلال أسعار التذاكر الباهظة". وأردفت بالقول: "إنّها مخاطرة هائلة. فمع أيّ منتج، يرتفع الطلب ويبدأ الأشخاص بلمس التغيير، وهذا ما قد يجعل بريق بعض الأمور الرائعة المتعلقة بمباريات النساء يخبو. من واجب الأشخاص الذين يحكمون ويديرون الرياضة أن يضمنوا الحفاظ على الأمور التي تجعل من كرة القدم النسائية نشاطاً لامعاً".
وفي سياق متصل، قالت تامي بارلور، الرئيسة التنفيذية لجمعية "وومنز سبورتس تراست" بأنّ الأرقام القياسية في مشاهدات مباريات اللبوات في مسابقة اليورو أظهرت بأنّ كرة القدم النسائية قادرة على جذب جماهير جديدة، كما رحّبت "بالزيادة الملحوظة في الاهتمام" بهذه الرياضة. وأضافت: "من الرائع أن تتكلّم أرقام البثّ عن نفسها. جذب ذلك المزيد من الجهات الراعية والمزيد من الانخراط والاستقرار في اللعبة المحلية. مع الرياضة النسائية، يميل الجمهور إلى أن يكونوا أكثر مشاركة واهتماماً." وتابعت بارلور التي شاركت في تأسيس الجمعية بعد الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2012 في لندن بالقول: "مع نموّ الرياضة النسائية، كبرت جمعيتنا أيضاً. من الرائع أن نرى ما أصبحنا عليه وما الذي حققناه حتى اليوم. يبدو الأمر أشبه بزخمٍ ولد مع كرة القدم النسائية. بلغنا مكانة ستكبر مع الوقت. إنّها مرتبة رائعة. تمّ إسقاط كافة الحواجز ومُنح الاشخاص الفرصة للقيام بما يحبونه".
© The Independent