يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في غزة ضد حركة "الجهاد" وسط حشد للآليات العسكرية والقوات البرية واستدعاء جنود الاحتياط في حين ما زالت الفصائل المسلحة تطلق قذائفها الصاروخية صوب المدن الإسرائيلية القريبة من القطاع.
وخلال اليوم الثاني من العملية العسكرية شنت الطائرات المقاتلة 30 غارة جوية على أكثر من 40 هدفاً تابعاً لحركة "الجهاد" فقط، بواسطة 55 صاروخاً موجهاً استهدفت خمس راجمات صاروخية وست ورش تصنيع أسلحة ومستودعين لتخزين القذائف، إلى جانب مواقع تدريب ونقاط رصد ميدانية.
صواريخ وضحايا
سقط ضحية الغارات الجوية المستمرة نحو 24 قتيلاً، وأصيب أكثر من 90 آخرين بجروح مختلفة، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، وبشكل معلن لم تسجل تل أبيب سقوط ضحايا جراء القذائف الصاروخية التي وصلت إلى أراضيها.
ومنذ بداية العملية العسكرية أطلقت حركة "الجهاد" برفقة فصائل مسلحة أخرى قرابة 200 قذيفة صاروخية نحو مدن إسرائيل القريبة من حدود قطاع غزة، وبحسب نائب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيلا واوية فإن 130 قذيفة فقط اخترقت الحدود، بينما سقط البقية داخل غزة.
وتوضح واوية أن بطاريات القبة الحديدية تمكنت من اعتراض 60 قذيفة صاروخية فقط، بينما سقطت المتفجرات الأخرى في مناطق مفتوحة أو مناطق لا تحتاج إلى اعتراض، مشيرة إلى أن الجيش يقدر نسبة نجاح منظومة الاعتراض بـ95 في المئة.
هدوء ليلي وقتال في النهار
خلال ساعات الليلة الماضية، بدت الأجواء في غزة وكذلك في إسرائيل هادئة إذ لم يشن الجيش أي غارات كما لم تطلق الفصائل قذائف، لكن القتال نشط مرة أخرى خلال نهار اليوم.
يقول الباحث في الشؤون العسكرية واصف عريقات إن العملية العسكرية الإسرائيلية لم تكن في حسبان الفصائل الفلسطينية، لذلك يبدو أن الرد وإدارة القتال يسيران بوتيرة بطيئة، وهذا يعني أن حركة "الجهاد" ما زالت تدرس آليات التعامل مع المعركة ومدى تفعيل الأسلحة.
ويضيف عريقات "اغتيال إسرائيل قائداً في الحركة دون استهداف بنية الفصيل يعني في العلوم العسكرية أن هناك احتمالات لعدم تطور المعركة إلى ساحة قتال مفتوحة، وعادة ما يدل هذا الإجراء على أن الهدف هو عملية محدودة، أما لو كانت الغارات تستهدف مواقع وبنى تحتية فإن هذا يشير إلى أن الجيش يهدف إلى شل قدرات الفصيل حتى لا يتمكن من الرد".
وحول طبيعة الغارات ورد حركة "الجهاد"، يوضح عريقات أن المؤشرات تدل على أن الفصيل المسلح لا زال يعد خططه أو أن هناك جهوداً قوية لاحتواء الرد، وعسكرياً فإن عدم استهداف مدن مهمة في إسرائيل يدل على أن هناك جهوداً تبذل لوقف التصعيد.
قصف تل أبيب
فعلياً، وسعت حركة "الجهاد" نطاق قذائفها الصاروخية وأدخلت الأسلحة ذات بعد الـ250 كيلو متراً، واستهدفت مناطق في تل أبيب ومطار "بن غوريون" وبئر السبع، لكن ذلك جرى بعدد محدود جداً من القذائف، في حين تركز إطلاق الصواريخ صوب مدن غلاف غزة.
يقول مسؤول الدائرة السياسية لحركة "الجهاد" محمد الهندي، إن الأولوية التي يعملون عليها هي الرد على إسرائيل، والاستعداد لمعركة مستمرة قد تصل إلى أسابيع من أجل خلق حالة استنزاف داخل الجيش وحتى لا تحقق تل أبيب الأمن لمستوطنيها، مؤكداً أنهم عطلوا تعليمات لمواصلة العمل في الضفة الغربية لتوسيع نطاق الرد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول هدوء القتال، يوضح الهندي أن حركته تسعى لجمع المعلومات وتعمل على تقدير الموقف ودراسة طبيعة الرد، لكنه يؤكد أن المعركة ستكشف عن مفاجآت ولن تتوقف، لأن القيادة عزمت على تغيير قواعد الاشتباك مع الجيش وعدم جعل غزة مكاناً للتنافس الانتخابي في إسرائيل.
على وقع التهديدات، فعّلت إسرائيل جميع أذرع جيشها وأدخلت طواقم مدرعة ودبابات مع وحدات خاصة لتدمير مواقع عسكرية تابعة لحركة "الجهاد"، كما وجه وزير الدفاع بيني غانتس بالتوسع براً، لكن في حال لم تُرصد أية تحركات لآليات عسكرية أو مدرعات.
وسطاء من دون تهدئة
في سياق احتواء التوتر الأمني، أجرى مسؤولون أمميون اتصالات مع حركة "الجهاد"، كما تدخل الوسطاء المصريون لاحتواء الموقف، وبحسب المعلومات الواردة فإن وفداً من الفصيل السياسي غادر إلى مصر لدراسة الموقف.
لكن مسؤول الدائرة السياسية في الحركة محمد الهندي ينفى ذلك قائلاً "من المبكر الحديث عن تهدئة، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بعد أيام حينما ترد الفصائل على عملية الاغتيال، وبعدها يمكن للوساطة أن تنشط من جديد حسب متغيرات الوضع على الأرض".
ووفقاً للمعلومات، فإن العملية العسكرية لن تتوسع إلى معركة مفتوحة، إذ تضغط واشنطن في شأن ذلك. وقال السفير الأميركي توم نايدز إن بلاده تتواصل مع أطراف مختلفة وتحث الجميع على الهدوء، وفي الوقت نفسه تؤمن بشدة بأن لإسرائيل الحق في حماية نفسها.
وتوقع الجيش الإسرائيلي أن يواصل قصف قطاع غزة في إطار عملية "الفجر الصادق" لمدة أسبوع، مشيراً إلى عدم وجود أي محادثات حالياً بشأن وقف إطلاق النار مع حركة "الجهاد الإسلامي"، فيما تبذل مصر جهوداً للوساطة بين الطرفين وتهدئة التوتر.
لكن ناطق باسم الجيش الإسرائيلي قال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قوات تل أبيب تستعد "لتواصل العملية لمدة أسبوع... ولا يجري حالياً أي مفاوضات لوقف إطلاق النار"، في تأكيد لتقارير أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية.
ميدانياً، ما زالت إسرائيل تغلق معابرها مع غزة لليوم الخامس على التوالي وهو ما أثر في شركة الكهرباء التي أعلنت عن توقفها بالكامل، كما استهدف الجيش ثلاثة مرافق تعليمية بينها مبنى جامعة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن بدء العد التنازلي في تقديم خدماتها الطبية. وقال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية إن 25 إصابة دخلت غرف العمليات وخمس إصابات في العناية المركزة، ومن الفحص الأولي تبين لدى الطواقم الصحية أن جميع الإصابات بحاجة إلى أكثر من تخصص طبي، في حين لا توجد في المخازن أية مستلزمات طبية.