بصفتي مواطناً كينياً يفخر بأصله، فأنا أتطلع بلهفة إلى مشاهدة الرياضيين الكينيين يتنافسون في ألعاب الكومنولث المقامة في برمنغهام على مدى أسبوعين.
كانت هذه الألعاب تسمى في الأصل ألعاب الإمبراطورية البريطانية، والتي لم تخلُ إطلاقاً من أوجه الجدل والخلاف. وعلى الرغم من التنافس الحاد بين ريشي سوناك وليز تراس ليصبحا مارغريت تاتشر جديدة في السباق الحالي لترؤس حزب المحافظين، لا بد من الإشارة هنا إلى أنه في عام 1986 كانت الألعاب حدثاً يقتصر على أصحاب البشرة البيضاء فقط تقريباً، حيث قاطعتها غالبية الدول بسبب دعم حكومة تاتشر لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
يتباهى الموقع الرسمي للألعاب بـ"احتضان قيم الكومنولث في الإنسانية والمساواة والمصير"، ولكن مثلها مثل الأنظمة سيئة السمعة التي تحاول تحسين سمعتها بغرض كسب الاحترام من خلال استضافة أو رعاية أحداث رياضية عالمية، لا يمكن لألعاب الكومنولث أن تخفي العيوب بسهولة.
بصفتي ابناً لمزارع رعوي ومناصراً للجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ، يصعب عليّ تحمّل هذا الاحتفال المبالغ فيه في الإمبراطورية البريطانية السابقة. فبدلاً من "المساواة"، في وقت يتعلق فيه الأمر بأكبر تهديد يواجه الكومنولث وبقية العالم والمتمثل في أزمة المناخ - فإن عدم المساواة هي الأكثر وضوحاً.
يتوجب على أغنى دول الكومنولث أن تتحمل العبء الأكبر من المسؤولية عن حالة مناخنا. فكندا، موطن رمال القطران، أحد أقذر أشكال النفط، تنتج 12.7 طن من ثاني أكسيد الكربون عن كل فرد لديها. وهي الكمية نفسها التي تنتجها أكثر من 24 دولة من دول الكومنولث مجتمعة، كما تضخ أستراليا، وهي واحدة من أكثر الدول عدوانية في إنتاج الفحم في العالم، 14.6 طناً من ثاني أكسيد الكربون لكل فرد، أي أكثر من 25 دولة من دول الكومنولث مجتمعة. وعلى الرغم من تحقيق المملكة المتحدة، البلد المهد للثورة الصناعية، نجاحاً كبيراً في الحد من تلوث المناخ في السنوات الأخيرة بفضل احتضانها إنتاج الطاقة النظيفة من الرياح البحرية، وكذلك إنهاء الاستهلاك المحلي للفحم، إلا أنها لا تزال تنفث ثاني أكسيد الكربون بالنسبة لنصيب الفرد أكثر من 16 دولة من دول الكومنولث مجتمعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأمر المزعج للغاية هو أنه وعلى الرغم من حقيقة أن التأثيرات المناخية، مثل موجة الحر الأخيرة التي شهدتها المملكة المتحدة، بدأت تضرب هذه البلدان الغنية، فإن غالبية العواقب الأكثر إيلاماً لإدمان الوقود الأحفوري تتجلى في دول اتحاد الكومنولث نفسها، وفي البلدان الضعيفة الأخرى التي لم يكن لها أي يد في ذلك.
في نسخة عام 2021 من مؤشر مخاطر المناخ، والذي تنشره منظمة "Germanwatch" غير الحكومية، والذي يصنف الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي، تصدرت ثلاث دول في الكومنولث القائمة، وهذه الدول هي: موزمبيق وزيمبابوي وجزر البهاما. وعلى مدار الشهرين الماضيين، عانت بنغلاديش فيضانات مروعة أدت إلى تشريد 9 ملايين شخص، بينما في الهند، ضربت موجات الحر البالغة 50 درجة مئوية جميع مدن البلاد.
إن عديداً من الناس في بلدي كينيا، إلى جانب جيراننا في القرن الأفريقي، على شفى المجاعة، حيث بدأت بالفعل أزمة جوع شاملة تنتشر بسبب آثار الجفاف الذي طال أمده.
ينص ميثاق الكومنولث بفخر على أن الدول الأعضاء متحدة في "اهتمامها بالدول الأكثر عرضة للتهديد" وملتزمة بـ"المساءلة" و"الاستجابة". ومن منظور مناخي، تبدو هذه الادعاءات جوفاء، بالنظر إلى الجهود التي بذلتها أكثر ثلاث دول مسببة للتلوث على مدار التاريخ ليس فقط على مستوى إحداث معاناة مناخية في جميع أنحاء الكومنولث، ولكن سعيها المتواصل لعرقلة أي جهود لتحقيق تقدم في معالجة هذه القضية.
وفي قمة المناخ بنسختها السادسة والعشرين (Cop26) في غلاسكو العام الماضي، كانت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا من بين مجموعة الدول الغنية التي لم تلتزم بالموعد النهائي التي وضعته على نفسها لتقديم تمويل المناخ للدول الفقيرة على الرغم من تعهدها تقديم هذا التمويل منذ العام 2009. تمويل كان ضرورياً جداً لمساعدة تلك الدول الضعيفة على التكيف مع أزمة المناخ، وكذلك التقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
ليس ذلك فحسب، فقد ضاعفت البلدان الثلاثة من تقاعسها عن العمل من خلال منع مقترحات لإنشاء صندوق للخسائر والأضرار من شأنه أن يضمن للبلدان الأكثر تضرراً حصولها على الدعم نتيجة للخسائر والأضرار المناخية التي لا يمكن التكيف معها. لقد أحرقت هذه البلدان الثلاثة وقوداً أحفورياً أكثر بكثير من نصيبها العادل، متسببة في أزمة المناخ في المقام الأول، ومن ثم أخفقت في الوفاء بالوعود التي قطعتها بتنظيفها، والآن عرقلت الإجراءات المستقبلية لمساعدة أولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم. يا له من ميثاق كومنولث ويا له من اهتمام بالضعفاء!
إذا كان الكومنولث سيعني أي شيء خلال السنوات المقبلة، فإن قادة المملكة المتحدة وكندا وأستراليا بحاجة إلى تغيير المسار بشكل جذري، والسماح للكومنولث بأن يكون كتلة تقدمية وتطلعية يمكنها التوحد حول معالجة أكبر تهديد لشعوبها. يجب أن يكون خفض الانبعاثات وتقديم التمويل المناخي والضغط من أجل صندوق الخسائر والأضرار على قائمة مهامهم في محادثات المناخ التالية في مصر في نوفمبر المقبل.
حتى ذلك الحين، فإن بريق حفل افتتاح ألعاب الكومنولث والتصريحات المخلصة للوحدة والمساواة لن تعني كثيراً لنا نحن الذين نواجه أزمة المناخ في الخطوط الأمامية.
محمد أدو هو مدير Power Shift Africa، وهي مؤسسة فكرية للمناخ والطاقة مقرها نيروبي
نُشر في اندبندنت بتاريخ 31 يوليو 2022
© The Independent