عاودت مستويات التضخم السنوي في مصر الارتفاع من جديد، مدفوعة بتراجع قيمة العملة المحلية (الجنيه المصري) في مقابل الدولار الأميركي بالتزامن مع تحريك أسعار المحروقات، لتصل إلى 13.6 في المئة خلال يوليو (تموز) الماضي، بعدما كان 13.2 في المئة خلال يونيو (حزيران) 2022.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، الأربعاء 10 أغسطس (آب)، ارتفاع معدل التضخم خلال الشهر الماضي بنحو 1.3 في المئة، وهو الشهر ذاته الذي شهد تحريك القاهرة أسعار المحروقات.
مستويات التضخم الشهري
وأرجع تقرير الجهاز المصري للإحصاء ارتفاع مستويات التضخم الشهري في يوليو إلى زيادة الإنفاق على النقل الخاص تسعة في المئة، إضافة إلى خدمات النقل 6.4 في المئة، وكذلك زيادة أسعار الفاكهة 7.5 في المئة، والألبان والبيض والجبن 5.2 في المئة، والدخان 3.3 في المئة، والحبوب والخبز واحد في المئة.
وقبل شهر تقريباً من الآن، عدلت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات النفطية في مصر أسعار المحروقات ليتم العمل بها حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ حركت سعر بيع منتجات البنزين بأنواعها، وحددت ثمانية جنيهات (0.4176 دولار) للتر البنزين 80، و9.25 جنيه (0.4829 دولار) للتر البنزين 92، و10.75 جنيه (0.5603 دولار) للتر البنزين 95، و7.25 جنيه (0.378 دولار) لكل من السولار والكيروسين، كما حركت سعر طن المازوت.
ومستويات التضخم الحالية تتخطى ما يستهدفه البنك المركزي المصري، إذ إنه يستهدف سبعة في المئة، مع السماح بالتحرك صعوداً أو هبوطاً عن هذا المعدل بنحو اثنين في المئة، ما يعني أن المستويات الحالية تتخطى الحدود الآمنة التي رسمها المركزي المصري بنحو 4.6 في المئة.
ارتفاع متوقع
من جانبها، ترى المتخصصة في أسواق المال رانيا يعقوب أن ارتفاع التضخم "متوقع بشكل كبير"، مرجعة ذلك إلى "خفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت يقوب أن "الحكومة خفضت قيمة الجنيه في مقابل الدولار بأكثر من 22 في المئة منذ مارس (آذار)، ومصر دولة مستهلكة وتستورد أغلب احتياجاتها من الخارج، ما يعني مزيداً من الأسعار المرتفعة، سواء لسلع أساسية أو غيرها، والمستوردون يعقدون صفقاتهم الاستيرادية بالقيمة الحقيقية للدولار، ومن ثم تتحمل السلع المستوردة بالأعباء والتكلفة التي يدفعها المستهلك النهائي".
ومنذ 21 مارس الماضي، خفضت القاهرة عملتها الرئيسة بما يزيد على 20 في المئة، بعد أن تحرك سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملة الخضراء من 15.50 جنيه في 20 مارس إلى نحو 19.17 جنيه في الوقت الحالي، وفقاً للأسعار الرسمية المعلنة من قبل البنك المركزي المصري.
وجاء ذلك عقب قرارات لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك التي أفادت بخفض معدلات الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس ما يعادل ثلاثة في المئة في اجتماعين متتاليين الأول في مارس والثاني في مايو (أيار)، قبل أن تثبت الأسعار في يونيو الماضي وسط ترقب لاجتماع اللجنة، الخميس 18 أغسطس الحالي.
أسعار السولار السبب
وأرجع المتخصص في شؤون الاقتصاد علي الإدريسي ارتفاع مستويات التضخم إلى "تحريك أسعار السولار ضمن بنود المحروقات"، موضحاً أن "السولار يعتمد عليه بشكل كبير في أغلب القطاعات الصناعية في مصر، علاوة على أن السواد الأعظم من مركبات النقل الجماعي تعتمد عليه في تسيير المركبات، ولذلك فإنه أحد بنود التكلفة الرئيسة في قطاعات عديدة، لذلك تحركت معه الأسعار فدفعت مستويات التضخم صعوداً".
وتوقع الإدريسي تراجع معدلات التضخم في بيانات البنك المركزي المصري التي سترصد مستويات الأسعار عن الشهر الحالي، "بيانات التضخم الأميركية الصادرة اليوم أظهرت تراجعاً في المعدلات مما قد يؤثر في قرار البنك الفيدرالي الأميركي ليتراجع مؤقتاً عن دورة التشديد النقدي ويثبت مستويات الفائدة الأميركية، مما يخلق حالة من الهدوء عالمياً تدفع البنوك المركزية العالمية، ومن بينها المركزي المصري إلى التقاط الأنفاس".
وتراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 8.5 في المئة خلال يوليو الماضي على أساس سنوي بأكثر من التوقعات، لكنه لا يزال عند مستوياته المرتفعة الأعلى منذ أكثر من 40 عاماً، بعد أن أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية الصادرة، الأربعاء، أن مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) لم يتغير على أساس شهري في يوليو، وسجل "صفراً" مقارنة بالتوقعات البالغة 0.2 في المئة، مما يشير إلى أبطأ تضخم شهري في أكثر من عامين، بينما سجل معدل التضخم الأميركي ارتفاعاً في يونيو الماضي إلى 9.1 في المئة على أساس سنوي، و1.3 في المئة مقارنة بمايو.