يحذر مزارعون من أن الجفاف سيخلف آثاراً بعيدة الأجل تهدد بضرب محاصيل المملكة المتحدة العام المقبل، ودفع أسعار لحوم الأبقار، ولحوم الضأن، والقمح، ومحاصيل أخرى، إلى الارتفاع ويهدد بتعريض الأمن الغذائي للبلاد إلى خطر.
فقد أرغمت درجات الحرارة المتزايدة وشهر يوليو (تموز) الأكثر جفافاً منذ عام 1935 المزارعين على التوقف عن الزراعة لأن الأرض ببساطة أصلب ويابسة إلى حد كبير، في حين يفكر آخرون في جدوى زراعة البذور هذا العام.
ويواجه المزارعون خطر تكبد خسائر كبرى العام المقبل إذا ظلت أسعار الطاقة والأسمدة عند مستويات غير مسبوقة، وكذلك يواجهون نقصاً حاداً في العاملين، ما يعني أنهم قد لا تتوفر لهم العمالة التي يحتاجون إليها عندما يحين الوقت لقطاف محاصيلهم.
وإضافة إلى قائمة المشكلات هذه، أعلنت الحكومة رسمياً، الجمعة، وقوع حالة من الجفاف في الأجزاء الجنوبية الغربية والجنوبية والوسطى والشرقية من إنجلترا في خضم موجة الحر المستمرة. ووضعت شركات المياه خططها الخاصة في ضوء الجفاف، بما في ذلك حظر على الري بالخراطيم وغرامات على الأشخاص الذين يخالفون الخطط.
هذا، ودفعت الظروف القاسية عديداً من مربي الماشية إلى تقليص عديد قطعانهم بعد أن تلقوا فواتير هائلة لشراء العلف بأسعار مبالغ فيها، سعياً منهم إلى تعويض النقص في العشب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المرجح أن تتعرض الإمدادات من الخراف إلى مزيد من الضغط بعد ذلك إثر تحذير مربي الأغنام من أن النعاج ستنتج عدداً أقل من المواليد لأنها تغذت على تبن أقل جودة.
وفي العادة، يزرع سلجم البذور الزيتية [الكانولا] في هذا الشهر، وهو مصدر رئيس للزيت المستخدم في آلاف المنتجات التي تباع في محال السوبرماركت، لكن الاتحاد الوطني للمزارعين أفاد بأن معظم المزارعين "لا يفكرون حتى" في الأمر لأن الظروف صعبة جداً والبذور لن تنبت.
وقال ستيفن بريغز، المزارع في كامبريدجشاير، إن "عاصفة من العوامل السلبية"، بما في ذلك شح العمالة في مرحلة ما بعد "بريكست"، تعني "في أفضل الأحوال أن أسعار الأغذية سترتفع في شكل كبير، وفي أسوأ الأحوال سنعاني نواقص" ما لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة.
وفي مزرعته التي تنتج الفاكهة والحبوب هطل فقط 110 مليمترات من المطر هذا العام مقارنة بمتوسط يبلغ 600 مليمتر.
وقال، "لقد فقد المحصول زخمه. لقد حصدنا المحصول في وقت مبكر أكثر من أي وقت مضى في هذه المنطقة، ولم يكن السبب نضوج المحصول، بل جفافه [يباسه]".
وانخفضت المحاصيل في المناطق الجافة من الحقول بنسبة 30 في المئة، على الرغم من اتخاذ السيد بريغز تدابير للتخفيف من أثر تغير المناخ، مثل زراعة الأشجار المثمرة بين حقول المحاصيل لتوفير بعض الحماية من الحرارة.
وقال، "لن يعالج هذا الوضع بعد أسبوع من الأمطار. ستمتد الآثار إلى العام المقبل. لقد أصاب اليباس إلى حد كبير العشب في الجنوب من شيفيلد. ويستغرق تجديده وقتاً. إنه جاف جداً إلى درجة أن النشاط الطبيعي في التربة قد توقف. لقد دخلت ديدان الأرض في حال سبات".
"يقول بعض الناس إن تغير المناخ ليس حقيقياً، ولكنه حقيقي، فهو ماثل أمامنا، ما عليكم إلا أن تنظروا عبر النافذة [لتروا أثره]".
وحض السيد بريغز، الذي عمل في الزراعة في أفريقيا لعدد من السنوات، الحكومة على الاستثمار في أمن المياه في المملكة المتحدة للحد من أثر موجات الجفاف في المستقبل.
وأضاف، "نحن لسنا مستعدين لتغير المناخ في هذا البلد. لدينا أنظمة لتوجيه فائض المياه الجارية إلى البحر، لكننا غير فعالين في الحفاظ على المياه. لقد تعودنا على درجات حرارة غير حارة إلى حد كبير، وغير باردة للغاية، وأمطار منتظمة. وهذا يتغير، وعلينا أن نتكيف مع التغيير".
واتهم حزب العمال الحكومة بـ"سوء التخطيط والإهمال" في التعامل مع نظام المياه في المملكة المتحدة. ووفق تقديرات حزب العمال سمحت الأنابيب التي تشوبها ثغرات تسربات بإهدار 117 لتراً من المياه لكل أسرة يومياً على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وقال ديفيد بارتون، نائب مدير الثروة الحيوانية في الاتحاد الوطني للمزارعين، إن المزارعين يواجهون دوماً تحديات مع الطقس، لكن الوضع الحالي "بالغ التطرف [حرارة مرتفعة إلى أقصى مستوياتها]".
وأضاف، "علينا أن نبحث في [شؤون] الأمن الغذائي [ونعد العدة لضمانه]، على نحو يفوق كثيراً ما نفعله [اليون]. نحن جميعاً نعتبره أمراً مسلماً به، لكن هذا الطقس سلط الضوء على مدى هشاشة النظام بالكامل".
وحض محال السوبرماركت على رفع الأسعار لتغطية كلفة المنتجين بهدف توفير الأمن المالي الذي يحتاجون إليه.
وقال السيد بارتون، "لا تستسيغ محال السوبرماركت رفع الأسعار، لكنها ستضطر إلى القيام بذلك ودفع مزيد من المال إلى المنتجين. فأسعار الأسمدة تزيد في شكل هائل، وكلفة الغذاء والقمح والشعير ترتفع إلى حد كبير. يجب أن يقر البائعون بالتجزئة بهذا الأمر، ويجب أن ترتفع الأسعار".
وقال روبن ميلتون (61 عاماً)، الذي يربي الماشية والأغنام مع ابنه في إكسمور، على الحدود بين ديفون وسومرست، إن آثار الطقس الجاف "بدأت تضرب الآن".
وقال السيد ميلتون، "هذا أمر غير مسبوق إلى حد كبير. أنا أربي قطعاناً هنا منذ عام 1980، وهناك ينابيع لم أرها تجف يوماً وقد جفت في شكل كامل. لقد يبس العشب كله تقريباً، ومحاصيل العلف التي كنا نخزنها عادة للخريف لإطعام الخراف تبددت بكل صراحة، بل إن بعضه [العلف] لم ينبت حتى".
وقال السيد ميلتون إن أغنامه وماشيته "تظهر قدرة على الصمود [التكيف] إلى حد كبير، ما دام لديها كثير من الماء وبعض الظل، وهو تحد، وهي تبدو مرتاحة تماماً".
وأضاف، "لكن مما لا شك فيه، أشتبه في أننا سنرى الآثار في وقت لاحق من هذا العام".
© The Independent