عندما تبين أن مكتب التحقيقات الفيدرالي نفذ مذكرة تفتيش في عقار مارالاغو الخاص بترمب في بالم بيتش بفلوريدا، بدأ الجميع من زعيم الأقلية [الجمهورية] في مجلس النواب كيفين ماكارثي إلى النائبة مارغوري تايلور غرين، في توبيخ وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وكان الفارق الرئيس أن ماكارثي قال إن وزير العدل ميريك غارلاند ينبغي أن يخلي جدول عمله ليخضع للتحقيقات بعد أن يسيطر الحزب الجمهوري على الكونغرس، في حين مضت غرين إلى أبعد من ذلك وطالبت بإلغاء تمويل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
حتى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (الذي كانت علاقته بترمب منذ انتخابات عام 2020 تراوح بين البرودة الشديدة والانقطاع) أصدر بياناً قصيراً قال فيه ببساطة إنه كان من واجب غارلاند ووزارة العدل "أن يوفرا بالفعل إجابات للشعب الأميركي ويتعين عليهما أن يفعلا ذلك على الفور".
وعلى الرغم من ذلك كله، يواصل الديمقراطيون في مجلس النواب العمل كالمعتاد، ومن المقرر الجمعة أن يقروا قانون خفض التضخم، الذي سيكافح تغير المناخ ويسمحوا لـ"ميديكير" [برنامج تأمين صحي حكومي في أميركا لسن الـ65 وما فوق] بالتفاوض على تكاليف الأدوية التي يتطلب شراؤها وصفات طبية، ويحدوا من سعر الإنسولين لمتلقي الرعاية من "ميديكير"، ويواصلوا تقديم الإعانات لبرنامج "أوباما كير" بعد أكثر من سنة من المعاناة للاتفاق على بعض مشاريع الإنفاق الاجتماعي التي يمكن إقرارها بغالبيتهم الضئيلة جداً من دون أي دعم جمهوري.
ومع ذلك، لم تكن هذه العملية خالية من الدراما، فعلى الرغم من موافقة معظم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على معارضة أي تعديلات خلال دراما التصويت أثناء عطلة نهاية الأسبوع هذه، كادت كيرستن سنيما توقع التجمع الديمقراطي في المجلس في فوضى حين صوتت لصالح تعديل جمهوري كان في مقدوره أن يعرض التشريع [مشروع القانون] إلى خطر. وهذا ما اقتضمن زميلها الديمقراطي مارك وارنر أن يتدخل بتعديل بديل لضمان مرور الرزمة في مجلس النواب.
وتكشف هذه الدراما التي تتكشف في وقت واحد بين الحزبين عن الفارق الجوهري بينهما، وتميل معظم الخلافات داخل الحزب الجمهوري إلى التمحور حول الخطاب والتكتيكات، بينما تظل الأهداف النهائية هي نفسها في شكل أساس، وعلى النقيض من ذلك، ثمة حقاً اختلافات جوهرية على صعيد السياسات بين الديمقراطيين إلى جانب خلافاتهم الخطابية، وهذا يدفع زعماء الحزب إلى الدخول في مفاوضات مكثفة ومطولة مع فصائلهم المختلفة، بل وحتى مع كل من أعضائهم على حدة.
إن التشريع الذي كان الديمقراطيون يأملون في إقراره الجمعة هو نتاج محادثات مباشرة بين عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي جو مانشين وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر. وهو بعيد كل البعد من رزمة "إعادة البناء في شكل أفضل" Build Back Better التي وضعها الرئيس جو بايدن وعديد من الديمقراطيين التقدميين العام الماضي، وهي مشروع قانون عملاق كان ليتضمن توسيع الإعفاء الضريبي للعائلات ذات الأطفال، ورعاية الأطفال والتعليم الشامل لمرحلة ما قبل المدرسة، والرعاية المنزلية للمسنين والمعوقين والإسكان الميسر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الرغم من أن التشريع يمثل جزءاً بسيطاً من التصور الأساس وحقيقة أنه أجندة اجتماعية مخففة في شكل صارخ، يبدو أن مشروع القانون سيمر في مجلس النواب على أي حال، وكما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في خطاب إلى الزملاء، سيركز مجلسها فقط على تمرير قانون خفض التضخم في حين لا يزال الديمقراطيون يتفاوضون على تعزيز تمويل الشرطة.
في المقابل، يبدي الجمهوريون المعروفون على المستوى الوطني جميعاً تقريباً غضباً علنياً من تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي مارالاغو، حتى الحاكمين، غلين يونغكين من فيرجينيا ولاري هوغان من ماريلاند، اللذين يقودان معاً ولايتين تميلان إلى الديمقراطيين ولا يخفيان طموحاتهما السياسية الوطنية، أصدرا بيانين يعبران عن صدمتها، فقد انتقد يونغكين مباشرة التفتيش ودعا هوغان مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى الشفافية في شأن العملية.
إنه نمط يسود في مختلف أنحاء البلاد، وليس فقط عندما يتعلق الأمر بمداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي. إذ على الرغم من الاختلافات الواضحة يتبنى أغلب خادمي ترمب ومنتقديه في واقع الأمر الموقف نفسه (تقريباً).
في السباق على حاكمية أريزونا، رشح ناخبو الحزب الجمهوري مذيعة أخبار سابقة ومنكرة حالية لنتائج الانتخابات الرئاسية هي كاري لايك لخوض الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني). وقال دوغ دوسي الحاكم الجمهوري الحالي الذي يكرهه ترمب لأنه لم يبطل نتائج انتخابات عام 2020، لشبكة "سي أن أن" إن لايك "تضلل الناخبين بلا دليل"، وقال إنها كسبت لقب "لايك المزيفة"، لكن عندما فازت في الانتخابات التمهيدية، وأعلن دوسي أنه سيدعمها.
وعلى نحو مماثل، يخطط حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذي يأمل في وراثة القاعدة الشعبية لحركة "جعل أميركا عظيمة مجدداً" إذا لم يخض ترمب الانتخابات الرئاسية من جديد عام 2024 أو ربما حتى الفوز بالحركة من خلال إلحاق الهزيمة بالرئيس السابق في انتخابات رئاسية تمهيدية لشن حملة مشتركة مع دوغ ماستريانو، المرشح الجمهوري المتطرف لمنصب الحاكم في بنسلفانيا.
كثيراً ما يعد ديسانتيس شخصاً قادراً على تقديم ما يسمى أحياناً "ترمبية ذات كفاءة"، وبدأت طبقة المانحين تميل إليه، أما ماستريانو فمنظر ثيوقراطي ومؤيد لنظريات المؤامرة علنياً، حضر أعمال الشغب العنيفة التي وقعت في الكابيتول وخرج غاضباً هذا الأسبوع من اجتماع مع اللجنة المختارة التي تحقق في أحداث السادس من يناير (كانون الثاني) بعد 15 دقيقة فقط من دخوله، قد يبدو ربط ديسانتيس حملته بحملة ماستريانو خارج المألوف، لكن في النهاية، هما يتشاركان الهدف الأساس نفسه: السلطة.
نُشر في اندبندنت بتاريخ 12 أغسطس 2022
© The Independent