انخفضت أسعار العقارات في أنحاء بريطانيا هذا الشهر للمرة الأولى هذا العام، بحسب بيانات شركة السمسرة العقارية الكبرى "رايتموف" التي صدرت حديثاً.
وفي المتوسط، تراجع سعر العقارات بنسبة 1.3 في المئة هذا الشهر ما يعني انخفاض سعر البيع للبيت في المتوسط 5 آلاف جنيه إسترليني (أكثر من 6 آلاف دولار)، ووصل ما يطلبه البائع كسعر للبيت في المتوسط في كل بريطانيا إلى 365 ألفاً و173 جنيهاً أسترلينياً (440 ألفاً و447 دولاراً).
مع ذلك، ذكرت الشركة على موقعها أن ذلك الانخفاض في أسعار العقارات يعود في قدر منه إلى التراجع الموسمي في هذا الشهر من العام تقليدياً، وإن كان التراجع أو على الأقل التباطؤ في ارتفاع أسعار البيوت في بريطانيا يعود إلى العوامل الاقتصادية الأوسع، مثل ارتفاع كلفة المعيشة واستمرار ارتفاع معدلات التضخم والزيادة في أسعار الفائدة.
وبحسب متوسط أسعار البيوت الأخير ونسب الفائدة الحالية ارتفع القسط الشهري للقرض العقاري للمشترين الجدد الذين يدفعون 10 في المئة كمقدم يزيد على 1000 جنيه إسترليني (1200 دولار)، وهو ما يقارب نصف دخل الأسر البريطانية في المتوسط، لكن على رغم كل تلك التحديات ارتفع الطلب على شراء البيوت من قبل المشترين للمرة الأولى بنسبة 32 في المئة مقارنة مع مستوى الطلب من تلك الفئة في الوقت نفسه من عام 2019 قبل أزمة وباء كورونا.
وقال مدير العقارات في رايتموف تيم بانيستر تعليقاً على تلك البيانات: "كان من المتوقع انخفاض أسعار البيع هذا الشهر لتوازن السوق موسمياً بعد فترة ارتفاع لمدة عامين، وأيضاً نتيجة عطلات الصيف... مع ذلك نتوقع استمرار التغيرات في أسعار البيوت هذا العام، بما يعني أننا قد ننهي العام على نمو القطاع بنسبة سنوية عند سبعة في المئة تقريباً حتى رغم الاضطراب في الاقتصاد ككل".
تباطؤ وليس انهيار
ومما يؤكد وجهة النظر بأن القطاع العقاري البريطاني ربما يشهد فترة تباطؤ وليس مقدمة انهيار، الأرقام التي صدرت الأسبوع الماضي عن كبرى الشركات العقارية في البلاد. فبنهاية الأسبوع الأول من هذا الشهر، أظهرت أرقام شركة "هاليفاكس" تراجع أسعار البيوت في بريطانيا في يوليو (تموز) بمعدل شهري هو الأعلى للمرة الأولى منذ أكثر من عام، وذكرت الشركة أن أسعار العقارات انخفضت الشهر الماضي بنسبة 0.1 في المئة بمعدل شهري مقارنة بشهر يونيو (حزيران)، في حين تظل أسعار العقارات مرتفعة بمعدل سنوي، إذ بلغت نسبة الزيادة الشهر الماضي 11.8 في المئة، مقارنة بنسبة 12.5 في المئة خلال الشهر السابق.
بحسب أرقام الشركة يكون متوسط سعر البيت في بريطانيا انخفض بنحو 365 جنيهاً أسترلينياً (440 دولاراً) ليصبح متوسط سعر البيت في المملكة المتحدة 293 ألفاً و221 جنيهاً أسترلينياً (353 ألفاً و771 دولاراً)، وتوقعت الشركة أن تواصل أسعار البيوت التراجع خلال الأشهر المقبلة، وأن تشهد السوق تباطؤاً واضحاً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة كلفة المعيشة للأسر البريطانية مع صعود قيمة فواتير استهلاك الطاقة للبيوت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مدير "هاليفاكس" وقتها راسل غالي "من المحتمل أن تتعرض أسعار البيوت لمزيد من الضغط مع اختفاء محفزات النشاط في السوق العقارية، وظهور تأثير زيادة أسعار الفائدة وكلفة المعيشة، لذا يظل تباطؤ الارتفاع في أسعار العقارات السيناريو الأكثر احتمالاً".
لكن شركة "نيشن وايد" للتمويل العقاري أصدرت أرقاماً مطلع هذا الشهر تشير إلى ارتفاع أسعار البيوت في الشهر الماضي، وإن أظهرت بيانات الشركة أن نمو الأسعار كان الأبطأ بمعدل شهري منذ أكثر من عام.
وكذلك كشفت بيانات بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" التي صدرت مع بيان قراره بشأن رفع سعر الفائدة قبل أسبوعين، أن عدد القروض العقارية التي تمت الموافقة عليها خلال الشهر قبل الماضي كان الأقل منذ نحو عامين.
قطاع الإنشاءات والإقراض
ومما يعزز تباطؤ سوق العقار في بريطانيا، ما أظهرته بيانات شهرية أشارت إلى تراجع قطاع الإنشاءات الهندسية المدنية الشهر الماضي للمرة الأولى منذ عام ونصف العام، فقد توقفت قراءة مؤشر مديري المشتريات لقطاع الإنشاء في "ستاندرد أند بورز غلوبال ماركيت إنتليجانس" لشهر يوليو عند 48.9 نقطة، في مقابل 52.6 نقطة في يونيو، وأي قراءة للمؤشر فوق 50 نقطة تعني نمواً، وما دون ذلك يعني انكماشاً، وهو الانكماش الأول في القطاع الإنشائي منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وأسوأ قراءة بشكل عام منذ شهر مايو (أيار) 2020، وتراجع مؤشر بناء البيوت الجديدة الشهر الماضي للشهر الثاني على التوالي، بينما أعلنت شركات الهندسة المدنية أسوأ نتائج أداء لها في نحو عامين، بقراءة على المؤشر سجلت 40.1 نقطة.
ومع أن عدداً كبيراً من البنوك ومؤسسات الإقراض العقاري يتوقع أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة لتصل إلى 2.5 في المئة بنهاية هذا العام، ما يعني زيادة كلفة الاقتراض العقاري إلا أنها ترى أن ذلك سيبطئ فقط من معدلات النمو في أسعار العقارات ولن يؤدي إلى انهيارها.
وكانت مجموعة "لويدز" المصرفية، التي تملك شركة هاليفاكس وتعد أكبر مقرض عقاري في بريطانيا، ذكرت الشهر الماضي أنها وإن كانت تتحسب لتباطؤ في زيادة أسعار العقارات بالتالي حجم الإقراض العقاري، لكن سعر الفائدة على قروضها يتوقع أن يرتفع في خلال العام ونصف العام المقبلين.