دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الثلاثاء 16 أغسطس (آب) الحالي، قادة القوى السياسية إلى "اجتماع وطني" في قصر الحكومة، الأربعاء 17 أغسطس، لإطلاق الحوار، مشيراً إلى أن "هذه الدعوة تأتي من منطلق المسؤولية الوطنية المشتركة التي تجمع العراقيين على مبدأ حفظ وحدة العراق، وأمنه، واستقراره".
وجاءت دعوة الكاظمي وسط تطورات لافتة شهدتها الساحة السياسية العراقية منذ مطلع الشهر الحالي، تمثلت في اقتحام أنصار زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، مقر البرلمان وإعلان اعتصامهم المفتوح، في مقابل توجيه "الإطار التنسيقي"، الذي يقف على خلاف حاد مع توجهات وآراء الصدر، مناصريه نحو "جسر المعلق" بالقرب من المنطقة الخضراء، شديدة التحصين ومقر الحكومة والبعثات الدبلوماسية، فيما تخشى الأوساط السياسية والشعبية اصطداماً فعلياً بين الفريقين المتضادين.
حوار وطني عراقي
وأكد الكاظمي أنه سيعلن، الأربعاء، عن حوار وطني عراقي لكل قادة البلد، مبيناً أن الانسداد السياسي انعكس على تشكيل الحكومة وغياب الموازنة. وقال الكاظمي خلال الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء، "للأسف ما زلنا نعيش التحديات السياسية والانسداد السياسي وانعكاساته على أداء الحكومة"، مبيناً أن "الحكومة ليست طرفاً في الصراع السياسي، لكن هناك مَن يحاول أن يحمّلها مسؤولية هذه الأزمة ويهرب من المشكلة، وأن يحول كل المشاكل باتجاه الحكومة". وأضاف، "أزمتنا ليست الوحيدة في هذا العالم، هناك تجارب كثيرة مرت قريباً من تجربتنا، وقد تكون أكثر تعقيداً، لكن باستخدام الحكمة نجح القادة العقلاء في عبور تلك المرحلة، وتحولت بعض هذه الدول إلى تجارب ناجحة".
وزاد الكاظمي، "سنغافورة مثلاً، كانت نموذجاً للدولة الفاشلة، ونراها اليوم تحولت إلى واحدة من أهم الدول في العالم، وفي رواندا، كانت هناك حرب أهلية ومجازر لكنها تحوّلت اليوم إلى دولة مهمة في أفريقيا، فمن غير المعقول في العراق، هذا البلد المؤسس للحضارة الإنسانية وبعمر يقارب 6 آلاف سنة، ما زلنا نتعاطى مع المشاكل بطريقة كسر الإرادات".
وكشف الكاظمي، "المطلوب الحكمة والوفاء لهذا البلد فقد أعطانا الكثير، وأعطانا التاريخ والكثير مما نتباهى ونفتخر به، ويجب أن نرد جزءاً من هذا الجميل إلى بلدنا ووطننا وإلى شعبنا، هذا الشعب المسكين الذي تعرّض منذ فترة طويلة إلى سوء الإدارة والعوز والحروب المدمرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين رئيس الوزراء، "لقد كان قرارنا في هذه الحكومة هو ألا نتورط بالدم العراقي، لا اليوم ولا غداً، الدم العراقي غالٍ، والمشاكل يجب أن تُحل بالحوار ثم الحوار، ولهذا سأدعو غداً (الأربعاء) إلى حوار وطني عراقي لكل قادة البلد، من أجل المساهمة في إيجاد حل، والتفكير في حل هذه القضية". وأضاف، "رسالتي إلى إخواني قادة البلد: الكل زائل والتاريخ هو الحكم، يجب أن نكون بمستوى التحدي، والتضحية من أجل العراق ليست عنصر ضعف وإنما عنصر قوة، ولا يتصور البعض عندما يقدم تنازلاً إلى أخيه كأنما هو في موقف ضعف، هذا خطأ، فالتنازل هو عنصر قوة حقيقي".
وأعرب الكاظمي عن أمله من الجميع التحلي بالصبر والشجاعة، حتى نعبر هذه المرحلة ونتمكن من بناء بلدنا، على الرغم من عدم وجود موازنة منذ سنتين فالأمور ماضية بشكل صحيح".
لكنه أكد أن "الحكومة لا تستطيع أن تعيش من دون موازنة، مضت سنتان من دون موازنة، لكننا أدرنا البلد، ففرصة النجاح ممكنة إذا تكاتفنا وتعاملنا بروح فريق العمل الواحد وبروح الانتماء للعراق".
ولفت إلى أن "هذه الحكومة جاءت في ظروف استثنائية ونجحت في عبور جميع التحديات، لكن من المؤسف أن عمر الحكومة قارب 28 شهراً، وحتى هذه اللحظة لم تتوفر الموازنة إلا لستة شهور فقط".
وتابع، أن "الناس تتساءل وتطلب كل شيء، وهو أمر من حقها. من حق الناس أن يطلبوا شوارع مبلطة ومياهاً ومدارس ورعاية صحية، لكن كل هذا يجب أن تتوفر معه الموازنة، كي تقوم الحكومة بدورها".
وختم الكاظمي قائلاً، إن "الانسداد السياسي انعكس على تشكيل الحكومة وعلى غياب الموازنة، وقبلنا بكل التحديات وحاولنا تذليلها، وكنا دائماً نجابه الاتهامات والافتراءات والظلم بالصمت من أجل العراق، ومن أجل شعبنا الذي يستحق حياة أفضل مما يعيشها حالياً".
ترحيب بالدعوة
في المقابل، رحب رئيس "ائتلاف النصر" حيدر العبادي، بدعوات التهدئة، مؤكداً ضرورة خفض التصعيد، وقال العبادي في تغريدة على حسابه بـ"تويتر"، "أرحب بدعوات التهدئة، ونزع صواعق التوتر"، مبيناً أن "ذلك دليل على الشعور بالمسؤولية". وأضاف، أن "المرحلة حرجة، وخفض التصعيد ضرورة، وتلمس مخارج للأزمة الراهنة حاجة وطنية كبرى لا تحتمل التأجيل"، مشيراً إلى أن "المواطنين ينتظرون حلاً لمعاناتهم، ومهمة الساسة التعاون لتقديم حلول لمصلحة الوطن".
بشرط حضور الجميع
من جهة أخرى، كشف النائب معين الكاظمي عن "تحالف الفتح" الذي يتزعمه هادي العامري، عن موقفهم من دعوة رئيس الحكومة، فقال إن "منهج تحالف الفتح والإطار التنسيقي بشكل عام يدعو إلى الحوار الوطني الشامل"، مؤكداً "الموافقة على المشاركة بحضور جميع المكونات والأقليات لمناقشة الأوضاع إضافة إلى دعوات زعيم التيار الصدري لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لمعرفة المبررات". ولفت النائب ذاته إلى أن "ما نتج عن انتخابات 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، هي نتائج انتخابات مبكرة جاءت بعد إقالة حكومة عادل عبد المهدي، ومنذ عام 2019 وحتى الآن، الأمور معطلة والمكونات السياسية ترغب في تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ الوعود التي قُدمت للجماهير". وأضاف، أنه "بشكل عام، هناك ترحيب بأي حوار وطني شامل ينعقد في بغداد تشارك فيه كافة المكونات".