رجح صندوق النقد الدولي أن تكون السعودية واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم هذا العام، مع الإصلاحات الشاملة المؤيدة للأعمال التجارية والارتفاع الحاد في أسعار النفط وانتعاش الطاقة الإنتاجية من الركود الناجم عن جائحة كورونا.
وأفاد الصندوق، في تقرير بشأن ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2022 الصادر، الأربعاء الـ17 من أغسطس (آب)، بأنه من المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بحلول نهاية العام الحالي إلى 7.6 في المئة، وهو أسرع نمو منذ نحو عقد من الزمان، على الرغم من تشديد السياسة النقدية والضبط المالي وتداعيات الحرب في أوكرانيا التي تبقى محدودة.
وعلى المدى المتوسط، من المرتقب أن تتسارع وتيرة النمو نتيجة جني ثمار التنفيذ المتواصل للإصلاحات.
وأكد الصندوق قوة التعافي من تداعيات جائحة كورونا بفضل متانة السيولة والمالية العامة وزخم الإصلاحات ضمن رؤية 2030، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط ومعدلات النمو القوية والنجاح في احتواء التضخم وصلابة القطاع المالي.
وتوقع صندوق النقد أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 4.2 في المئة هذا العام و3.7 في المئة عام 2023.
ولفت صندوق النقد إلى أن معدل النمو الاقتصادي للسعودية عام 2021 بلغ 3.2 في المئة، مدفوعاً بانتعاش القطاع غير النفطي مع ارتفاع معدلات توظيف القوى العاملة السعودية وزيادة مشاركة المرأة.
احتواء التضخم
وأشار الصندوق إلى قدرة السعودية على احتواء التضخم الذي من المتوقع أن يبلغ 2.8 في المئة خلال العام الحالي، و2.2 في المئة في 2023. وأشاد بالتزام الحكومة بالانضباط المالي وبسقوف الموازنة لعام 2022 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع الصندوق أن يبلغ الفائض في موازنة السعودية للعام الحالي 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام و4.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل. كذلك قدر أن يتراجع إلى 24.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام من 30 في المئة العام الماضي. وأدى ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه إلى تحسن الحساب الجاري العام الماضي ليواصل التحسن الملحوظ هذا العام ويصل بحسب توقعات الصندوق إلى 17.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى صعيد الاحتياطات، توقع الصندوق أن ترتفع إلى أكثر من 25 شهراً من الواردات هذا العام من 22 شهراً عام 2021.
ودعا صندوق النقد السلطات السعودية إلى بذل مزيد من الجهود لزيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تدابير السياسة الضريبية، بما في ذلك الحفاظ على المعدل الحالي لضريبة القيمة المضافة البالغ 15 في المئة وتحسين إدارة الإيرادات.
تأثير محدود
أضاف الصندوق "مع إشراف البنك المركزي القوي، يظل القطاع المالي مرناً والمخاطر النظامية منخفضة، من المتوقع أن يكون للزيادات في أسعار الفائدة تأثير محدود في الاقتصاد السعودي في بيئة من ارتفاع أسعار النفط والسيولة القوية إلى جانب التحسينات المستمرة لإطار تنظيم القطاع المالي والمراقبة المستمرة لزيادة الإقراض العقاري لمنع المخاطر من أن تتحقق".
وتابع "يجب أن يواصل صندوق الثروة السيادية في السعودية (صندوق الاستثمارات العامة) التركيز على العائدات المرتفعة ومشاركة أكبر للقطاع الخاص، بما في ذلك مع استمراره في تنفيذ "المشاريع الضخمة".
ورأى مديرو الصندوق في التقرير أنه مع تزايد دور صندوق الاستثمارات العامة، على الحكومة أن تستكمل بسرعة العمل الجاري لوضع إطار لإدارة الأصول والخصوم السيادية، وهو ما ردت عليه السلطات السعودية بأن الخطط الاستثمارية للصندوق السيادي غير معتمدة على الإيرادات النفطية، وأن أي زيادة في نفقات الصندوق ينبغي النظر إليها باعتبارها استثمارات خاصة، لا وسيلة للتحايل على الانضباط المالي.
آفاق إيجابية
من جانبه، قال وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان إن بيان صندوق النقد الدولي أبرز المؤشرات الحالية والآفاق المستقبلية الإيجابية للاقتصاد السعودي، الذي نجح في التصدي لكثير من العقبات والتحديات التي واجهها الاقتصاد العالمي خلال العامين الماضيين، مع الحفاظ على الاستدامة المالية التي عززت من متانته، مؤكداً الدور البارز للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي أجرتها الرياض في ظل رؤية 2030 ومساهمتها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
ورحب الوزير في بيان بإشادة خبراء صندوق النقد الدولي بجهود بلاده في التخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كورونا، مؤكداً أن السعودية تشهد تعافياً قوياً في الوقت الحالي في أعقاب الركود الناجم عن الجائحة، ويتيح ارتفاع أسعار النفط فرصة لتسريع وتيرة الإصلاحات التي يجري تنفيذها في إطار رؤية السعودية 2030.
معارضة توصية إلغاء سقف أسعار البنزين
ذكر صندوق النقد الدولي أن السلطات السعودية رفضت توصية بإلغاء الحد الأقصى على أسعار البنزين محلياً، غير أنه رحب بالتزام الحكومة وصول أسعار الطاقة إلى مستوى السوق بحلول 2030.
وأشار الصندوق في تقريره إلى أن الرياض عارضت هذا الإجراء، نظراً إلى أهمية هذا الأمر في "الحفاظ على التماسك الاجتماعي وضمان استمرار قدرة الصناعات على تحمل الكلفة في وقت تسعى فيه المملكة إلى تعزيز تنمية القطاع الخاص".
وبحسب التقرير، أعرب المديرون عن ترحيبهم بالتزام الحكومة بالانضباط المالي وبسقوف الموازنة لعام 2022 على الرغم من ارتفاع أسعار النفط.
ولدعم الضبط المالي والتحول إلى اقتصاد أكثر خضرة، أكد المديرون الحاجة إلى مواصلة إصلاحات أسعار الطاقة، بما في ذلك إعادة النظر في السقف المحدد لأسعار البنزين.
وأثنى المديرون على الإصلاحات الحكومية الجارية لتقوية شبكات الحماية الاجتماعية من خلال البرامج الموجهة للفئات المستحقة، مما سيساعد على استمرارية إصلاحات أسعار الطاقة.