يحذّر خبراء اقتصاديون من أن التخفيضات الضريبية التي تعِد بها ليز تراس وريشي سوناك في معركتهما للوصول إلى رئاسة الوزراء غير قابلة للتطبيق من دون تخفيضات كبيرة في الإنفاق الحكومي في وقت تتزايد معدلات التضخم.
ففي تقرير دامغ صادر عن معهد دراسات المالية العامة، يتعرض كل من المتنافسَين على زعامة حزب المحافظين إلى انتقادات لفشلهما في مصارحة الناخبين في الأزمة الاقتصادية المقبلة.
ويحذر التقرير من أن معدلاً أعلى من المتوقع للتضخم كفيل بإرغام الخزانة على إنفاق 23 مليار جنيه استرليني (28 مليار دولار) إضافية العام المقبل على المزايا المخصصة للأفراد والفوائد المترتبة على الديون – حتى قبل توفير أي مساعدة إضافية تهدف إلى لجم فواتير الطاقة ودعم الخدمات العامة.
وهذا يشير إلى أن القواعد الضابطة للاقتراض والديون ستُكسَر ما لم "يُطبَّق خفض مطابق للإنفاق" يعوّض عن التخفيضات الضريبية التي وعد بها المتنافسان على الزعامة.
وقال نائب مدير المعهد، كارل إيمرسون: "في الواقع، أصبحت المملكة المتحدة أكثر فقراً خلال السنة الماضية. وهذا يجعل القرارات في شأن الضرائب والإنفاق أكثر صعوبة.
"ومن الصعب الوفاء بالوعود التي قدمها كل من السيدة تراس والسيد سوناك بخفض الضرائب في الأجل المتوسط في غياب أي تدابير محددة لخفض الإنفاق العام ورغبة مفترضة في إدارة الموارد المالية للبلاد بمسؤولية".
وشهد السباق على القيادة هجوماً شنه السيد سوناك، وزير المالية السابق، على الاقتصاديات "الخيالية" التي تتحدث عنها وزيرة الخارجية حين تعِد برزمة من التخفيضات في الضرائب الشخصية وضرائب الشركات تفوق قيمتها 30 مليار جنيه.
لكن على رغم موقفه بوصفه مرشح "الإدارة المالية السليمة"، فهو يتعهد أيضاً بخفض الضرائب في المستقبل القريب، بعدما تعهد بحسم بنس واحد من الضريبة الأساسية على الدخل البالغة 20 بنساً [لكل جنيه] قبل الانتخابات العامة المقبلة عام 2024 – وخفض هذه الضريبة إلى 16 بنساً بحلول عام 2030.
ويردد معهد دراسات المالية العامة في تقريره تحذيراً أطلقه أخيراً مكتب مسؤولية الميزانية، وهو الهيئة التي تراقب الخزانة، ومفاده بأن "التمويل العام أصبح بالفعل على مسار بعيد الأجل غير مستدام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلص إلى ما يلي: "لن تؤدي التخفيضات الضريبية الكبيرة وغير الممولة والدائمة إلا إلى تفاقم المشكلة".
وتأتي الاستنتاجات الصارخة بعدما صعّدت السيدة تراس، المرشحة المفضلة القوية لتولي رئاسة الوزراء، خطابها عن خططها لخفض الضرائب في المناسبات الحزبية – حتى مع تسجيل التضخم أعلى مستوى له منذ 40 سنة عند 10.1 في المئة.
وقالت لأعضاء في حزب المحافظين في إيرلندا الشمالية: "أعتقد بأننا بلغنا مرحلة في اقتصادنا باتت فيها الضرائب أعلى مما ينبغي ومن المحتمل أن تؤدي إلى خنق النمو".
ولوح السيد سوناك بالفعل بشبح التضخم، زاعماً أن تحميل "بطاقة ائتمان البلاد" تخفيضات ضريبية غير ممولة من شأنه أن "يفاقم التضخم ويديمه لفترة أطول".
كذلك حذر المحافظين من أن الناخبين لن "يغفروا" للحزب إذا فازت السيدة تراس بالسلطة وفشلت في إنقاذ الفقراء من فواتير الطاقة المتصاعدة، من دون أن يحدد خططاً تفصيلية خاصة به.
وعلى رغم أن من المتوقع أن يهبط التضخم في أغسطس (آب)، فمن المرجح أن يقفز إلى 13.3 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) عند رفع سقف أسعار الطاقة مرة أخرى – ما يهدد بدفع المملكة المتحدة إلى الركود، كما يخشى بنك إنجلترا.
ويطالب حزب العمال بتجميد فواتير الطاقة لمدة ستة أشهر، إذ قالت وزيرة المالية في حكومة الظل راشيل ريفز: "يتعين علينا أن نحكم السيطرة على التضخم المتصاعد الذي يجعل الأسر تشعر بقلق كبير من ألا تتمكن من تلبية متطلباتها".
ولفت معهد دراسات المالية العامة إلى أن الاقتراض القصير الأجل الإضافي "ليس بالأمر الإشكالي بالضرورة"، لكنه جادل بأن هذا الإجراء من المرجح أن "يناسب تمويل الدعم المستهدف" أكثر من أي شيء آخر.
وأشار المعهد إلى أن "أعباء إضافية، قد تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات، ستترتب بغرض مواصلة دعم الأسر وتعويض الخدمات العامة عن تداعيات ارتفاع معدل التضخم".
© The Independent