رجح تقرير حديث أن يؤدي تباطؤ النمو العالمي مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، في ظل أزمات التضخم، وارتفاعات الأسعار، والحرب الروسية في أوكرانيا، إلى انخفاض الطلب على التأمين، وارتفاع تكاليف المطالبات في تأمينات الممتلكات أكثر من تأمينات الحياة.
وأشار التقرير الصادر عن معهد "سويس ري" إلى أن النقص في قطع الغيار أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة بشكل غير مسبوق. ورجح أن تتجاوز قيمة الأقساط العالمية سبعة تريليونات دولار للمرة الأولى في عام 2022، وذلك بسبب التشدد في الأسعار، مع نمو بنسبة 6.1 في المئة في إجمالي أقساط التأمين (الممتلكات والحياة) في عام 2022.
وأوضح التقرير، الذي يحمل عنوان "اتجاهات صناعة التأمين العالمية 2022 – 2023... مخاطر التضخم تأتي في المقدمة"، أن استمرار البنوك المركزية على مستوى العالم في تشديد السياسات المالية والنقدية ورفع أسعار الفائدة من شأنه أن يعزز عوائد الاستثمار على المدى الطويل، مع تحقيق محافظ سندات شركات تأمين الممتلكات عوائد أعلى بصورة تدرجية. ورجح التقرير أن يشهد قطاع تأمين الحياة في عام 2023 ارتفاعاً في القيمة الحقيقية لأقساط التأمين العالمية بنسبة 1.9 في المئة.
ومن حيث القيمة الاسمية توقع التقرير أن تتجاوز أحجام الأقساط العالمية سبعة تريليونات دولار بحلول نهاية هذا العام للمرة الأولى على الإطلاق، ويستند هذا التوقع إلى زيادة تشدد الأسعار في تأمين الممتلكات، لمواجهة التضخم المرتفع والنمو القوي للأقساط في الأسواق الناشئة، بالتالي ستكون أحجام الأقساط أعلى 17 في المئة عما كانت عليه في بداية أزمة كورونا، مما يعكس مرونة أسواق التأمين في التعامل خلال فترة الوباء وما بعده.
وحول الاتجاهات المستقبلية في أسواق التأمين العالمية، قال التقرير إن التباطؤ الاقتصادي سيؤثر في نمو سوق التأمين العالمي في عامي 2022 و2023، مع توقع نمو إجمالي أقساط التأمين (الحياة والممتلكات)، ولذلك يجب أن يحاول قطاع التأمين على الحياة الاستفادة من زيادة الوعى بالمخاطر والإقبال على التفاعل الرقمي.
ومن ناحية أخرى، يعد الجانب الإيجابي المتوقع حدوثه هو أن تدعم أسعار الفائدة المرتفعة بمرور الوقت ربحية الصناعة من خلال تحقيق عوائد استثمار أعلى. وتطرق التقرير إلى العوامل التي قد تؤثر في نمو قطاع التأمين بشكل سلبي، وهي تأثير الحرب في أوكرانيا، واستمرار التضخم في ما يتعلق بالمطالبات، في حين أن العوامل التي قد تؤثر في نمو قطاع التأمين بشكل إيجابي، تتمثل في ارتفاع معدلات الفائدة، وزيادة الوعى بالمخاطر بعد جائحة كورونا، وتشدد الأسعار.
تسارع معدلات النمو مع انحسار تداعيات كورونا
كان مركز "ديلويت" للخدمات المالية، قد أعلن في يوليو (تموز) الماضي، عن نتائج دراسة استقصائية عالمية بين 424 من كبار المسؤولين التنفيذيين في صناعة التأمين في مجالات التمويل والتكنولوجيا والتسويق وتنمية الكفاءات. وأشار المشاركون في الدراسة إلى موجة من التفاؤل بمستقبل القطاع على مستوى العالم، بخاصة بعد انحسار تداعيات جائحة كورونا.
وتوقعت الدراسة تسارع معدلات النمو، واستعادة نشاط الأعمال بشكل عام، والعودة إلى العمل، حيث وضعت شركات التأمين خططاً لزيادة استثماراتها في المنصات الرقمية التي حققت الغرض منها، وكان لها الفضل في الحفاظ على عملاء الشركات طوال أزمة الجائحة.
وأظهرت الدراسة نظرة إيجابية على مستوى الصناعة ككل، واتفق ذلك مع توقعات معهد "سويس ري"، مرجحاً زيادة الطلب على التأمين في جميع أنحاء العالم، مع انتعاش الأقساط في جميع فروع التأمين بنسبة 3.3 في المئة خلال عام 2021 و3.9 في المئة في عام 2022، مقارنة بانخفاض قدره 1.3 في المئة خلال 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت التوقعات عن تصدر الصين معدلات النمو بمعدل بلغ نحو تسعة في المئة خلال 2022، تليها الأسواق الناشئة (باستثناء الصين) بنسبة 4.9 في المئة، بينما من المرجح أن تشهد الأسواق المتقدمة نمواً أكثر اعتدالاً بمتوسط ثلاثة في المئة. ومن المتوقع أن تسجل شركات التأمين على الحياة العالمية التي استفادت من زيادة وعي المستهلك، بسبب تداعيات جائحة كورونا، معدلات نمو أعلى من المتوسط بنسبة 4.0 في المئة خلال العام الحالي.
وتوقعت الدراسة أن يقفز النمو العالمي لأقساط تأمينات الممتلكات 3.7 في المئة خلال 2022، مقارنة بنمو بلغت نسبته 2.8 في المئة خلال عام 2021، وذلك بسبب عودة مزيد من الأشخاص إلى أماكن عملهم، كما تسارع شركات التأمين نحو ضخ استثمارات إضافية في التكنولوجيا الرقمية، مستهدفة تحقيق نمو كبير وانتعاش اقتصادي خلال الأعوام المقبلة، وذلك على الرغم من استمرار المخاوف في شأن المتغيرات التي أوجدتها جائحة كورونا.
زيادة النفقات الخاصة بالاستدامة ومخاطر المناخ
في الوقت نفسه، كشفت الدراسة عن أنه ما زال هناك عديد من العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الانتعاش، وتحد من تحقيق أهدافه كاستمرار التضخم وزيادة النفقات المتعلقة بالاستدامة ومخاطر المناخ والشمول المالي وتطبيق المعايير المحاسبية، فضلاً عن التغير المستمر والسريع في رغبات العملاء.
كما لا يخفى التغير الشامل الذي طرأ على منظومة لوجيستيات وخدمات التأمين بعد الجائحة، وسعي شركات التأمين إلى وضع استراتيجيات مرنة وإعادة توظيف العمالة عالية المستوى، بخاصة من يتمتعون بمهارات متقدمة في التكنولوجيا وتحليل البيانات.
وتعتمد الشركات على هذه التكنولوجيا لتحسين تجربة العملاء من خلال تبسيط الخطوات التي يمر بها العملاء، وتقديم خدمات مخصصة تلائم كل فئة منهم.
وذكرت الدراسة أنه لتعزيز الثقة مع العملاء في القطاع تتخذ شركات التأمين خطوات لتحقيق مزيد من الشفافية في كيفية قيامها بجمع واستخدام البيانات الشخصية للعملاء، بل يتعدى الأمر ذلك إلى البحث عن حلول شاملة لمشكلات المجتمع الأكثر أهمية، مثل التخفيف من الأثر المالي للأوبئة والكوارث الطبيعية على المجتمع.