"إذا أراد ريشي سوناك الفوز، فإنه بالتأكيد سيفوز. السؤال هو ما إذا كان يريد حقاً الوصول إلى القمة، بعد كل القصص المؤذية [لسمعته] حول الشؤون الضريبية لعائلته وتغريمه من قبل الشرطة بسبب الحفلات في داونينغ ستريت. لكن إذا كان يريد حقاً أن يكون رئيساً للوزراء، فلن يعترض أعضاء حزب المحافظين طريقه بالتأكيد".
الذي قال الكلام أعلاه في بث تلفزيوني مباشر قبل شهر بالكاد، لهو أخرق مطلق، والأسوأ من هذا إنه لا يزال يمتلك عموداً صحافياً في "اندبندنت". يا لها من دعابة صرفة. ولنكن منصفين تجاه هذا المعتوه الكامل (الذي، إذا لم تكونوا قد خمنتم بعد، فإنه أنا)، هل يمكن لأي شخص حقاً أن يكون توقع رداءة أداء ريشي سوناك؟
هل هذا هو حقاً الشخص ذاته الذي انخرط في الحلبة السياسية من أوسع أبوابها منذ عامين ونصف وبدأ بتوزيع ما قيمته مئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية من الأموال المتاحة؟ وهو من دفع مبلغ 500 مليون جنيه استرليني (نحو 591 مليون دولار) من المال العام مقابل وجبة "واغاماما" [سلسلة مطاعم بريطانية تقدم المأكولات الآسيوية] بنصف السعر للجميع (حتى إنه قدم بعض الأطباق بنفسه)؟ وهو الذي بالكاد تلطخت صورته الشخصية بامتلاكه هودي [رداء مع غطاء للرأس] من الكشمير بقيمة 500 جنيه استرليني (نحو 591 دولاراً)، وشبشاب (فليب - فلوب) بقيمة 150 جنيهاً استرلينياً (نحو 177 دولاراً)، وفنجان قهوة تبلغ قيمته 180 جنيهاً استرلينياً (نحو 213 دولاراً)، وثروة عائلية خاصة تصل إلى المليارات تقريباً التي في ذلك الوقت لم تدر بشأنها شبهات التهرب الضريبي؟
هل هو حقاً ذلك الرجل؟ ريشي السلس والمحبوب والصادق الذي قد لا يكون قادراً على فهم ألم الآخرين تماماً، المصحوب مثلاً بانعدام الوظيفة أو المال عندهم، ولكن يمكنه أن يعطي انطباعاً مقبولاً للغاية عن الشعور به على الأقل؟ حماقة ريشي سوناك غير المعقولة التي برزت خلال المنافسة على قيادة الحزب حتماً قد فاجأته حقاً هو نفسه. الدعابات المحرجة بامتياز التي تبعتها وقفات قصيرة للضحك لم تكن صريحة. على خشبة المسرح في دارلنغتون ليلة الثلاثاء، تلا سوناك قصة طويلة جداً جداً عن مدى روعة مقابلة الأطفال خلال الحملة الانتخابية لأنهم، تهيأوا بربكم لهذه النكتة، بنفس حجمي. لقد انتظر بترقب أن تنبهر الجماهير الويلزية ولو بكلمة واحدة باللغة الويلزية. لكن ذلك لم يحصل.
كما أخبر الجموع المحتشدة في دارلنغتون أنه إذا فاز، فلن يمر وقت طويل قبل أن "يأكلوا البارمو حول طاولة المكتب". ومصدر طبق البارمو هو مدينة ميدلسبره، وعلى حد علمي، نادراً ما يتم تناوله بشكل وجبة حول طاولة المكتب، وقطعاً ليست تلك الوجبة التي نادراً ما تؤكل قبل الساعة 11 صباحاً والتي ستتطلب أيضاً من سائق التوصيل أن يقطع مسافة 500 ميل (804 كيلومترات) ذهاباً وإياباً [إلى ومن ميدلسبره]. فحدق الجمهور به في صمت تام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ربما، وربما فقط، كانت المؤشرات موجودة طوال الوقت. ففي نهاية المطاف، كانت هناك تلك المناسبة حيث قام بملء سيارة شخص آخر بالوقود من أجل الحصول على صورة، ثم لم يتمكن من استبيان كيفية استخدام آلة الدفع اللاتلامسية. وقد تحدث أيضاً عن ذلك، واصفاً إياها بأنها "أكثر اللحظات إحراجاً" في حياته، ولكن لا تقلقوا، فقد توضح له منذ ذلك الحين كيفية استخدام آلة الدفع اللاتلامسية (التي ظهرت عام 2007، عندما كان في منتصف العشرينيات من عمره). يتكبد المرء عناء الاعتقاد بأن الحادثة نفسها كانت أكثر إحراجاً من محاولته المزاح بشأنها.
وكان هناك أيضاً تلك الحادثة حين استولى عليه الإحراج نوعاً ما أثناء إخبار اثنين من تلاميذ المدارس عن مدى حبه لمشروب الكوكا المكسيكية الذي اتضح أنه مصنوع من السكر النقي بدلاً من الفركتوز، والذي يعد بحد ذاته من تلك الشائعات الغريبة وغير الصحيحة تماماً المتداولة في ملاعب أطفال التسعينيات التي تلاشت بعد فترة وجيزة من انتشار الإنترنت على نطاق واسع. راجعوا أيضاً شائعة إزالة ضلعي المغني "برنس" Prince.
هناك أسباب أخرى أيضاً. هل يمكن لأي شخص أن يلوم حملة سوناك حقاً على أنها تزداد سوءاً مع مرور الأيام؟ إنه رجل لا يزال يتثاقل مشياً نحو قمة إيفرست، بعد أن قيل له مسبقاً إنه سيموت قبل أن يصل إلى القمة. ولكنه لا يزال مستمراً، يخوض معركة لا يمكنه الفوز بها الآن. هل كان يجب أن يتوقع أن حزبه سوف يكرهه لقيامه بما تعتبره ربما بقية البلاد شيئاً مشرفاً، أي تخليصنا من بؤس بوريس جونسون؟
هل كان عليه أن يستنتج أنها ستكون بالتأكيد نهاية آفاقه الانتخابية، حينما لم يقم بما يكفي لإقناع الناس، كما تعلمون، بأنه ربما ليس متهرباً، ولو قليلاً، من دفع الضرائب؟
أحدث ما لفظه سوناك هو "خطته المكونة من 10 نقاط لبريطانيا". وهي تتضمن أفكاراً مبتكرة مثل "إعادة بناء اقتصادنا" و"الفوز في الانتخابات العامة المقبلة". هل يدرك ريشي سوناك أن هذا ليس ما يعرف باسم "خطة"؟ بل إنها قائمة أمنيات وهدايا لعيد الميلاد، كتبها رجل لا يبدو أنه أدرك أن وظيفته هي تحقيق الهدايا، وليس طلبها.
لا تزال هناك أسابيع طويلة مستمرة من الحملة. ويكاد يكون من المستحيل رؤية كيف يمكن أن تزداد الأمور سوءاً، لكنها ستزداد سوءاً بالتأكيد.
لا يزال سوناك يبلغ من العمر 42 سنة فقط، ولكن تاريخياً، فإن الاحتمالات ليست جيدة بالنسبة إلى السياسيين البريطانيين الذين ينافسون على قيادة حزبهم من دون الفوز بها. فالترشح للقيادة هو أمر لا يمكنك فعله سوى مرة واحدة.
هناك استثناءات، لكن [زعيم الليبراليين الديمقراطيين] إد دافي Ed Davey هو الشخص الوحيد حالياً الذي نجح في القيام بذلك، وبينما خسر أمام جو سوينسون Jo Swinson عام 2019 وثم فاز بعدها بفترة وجيزة، فإنه كان محظوظاً لأنه لم يرتكب حماقات علناً خلال العملية الانتخابية.
من اللافت للنظر الاستذكار أن ريشي سوناك كان، منذ وقت ليس بعيداً، هو من يحدد مستقبل البلاد، وستكون أمامه عقود عدة للتفكير بهذه الحقيقة، بعد ما يصح وصفه بأنه من أكثر عمليات التضحية السياسية بالنفس بهلوانية على مر الأزمنة.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 10 أغسطس 2022
© The Independent