Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رامون" يشعل معركة كلامية حول المعابر بين أردنيين وفلسطينيين

اتهامات لحكومة عمان بالتقصير في منع إنشاء المطار الإسرائيلي وتحذيرات من خسائر بالقطاع السياحي

معبر جسر الملك حسين الذي شكل لسنوات المتنفس الوحيد لفلسطينيي الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

تفاعلت الساحة الأردنية مع قضية لجوء فلسطينيين إلى السفر عبر مطار "رامون" الإسرائيلي وسط حال من التراشق وتبادل الاتهامات وشكاوى مريرة لشركات السياحة وقطاعات أردنية أخرى من احتمالية تعرضها لخسائر كبيرة، إذا ما شهدت الأيام المقبلة عزوفاً فلسطينياً عن التنقل عبر المعابر الأردنية التي ظلت طوال عقود بمثابة متنفس للفلسطينيين وبوابة نحو العالم.

وبخلاف حال الانسجام في المواقف الرسمية الأردنية - الفلسطينية حيال ما شكله القرار الإسرائيلي من قلق وخطر سياسي اقتصادي، ومع انطلاق أول رحلة للفلسطينيين عبر المطار الإسرائيلي، دارت حرب كلامية بين فريقين من رواد منصات التواصل الاجتماعي، الأول يتهم الفلسطينيين بالعمل على تحسين العلاقات مع الإسرائيليين، والآخر يرد على تلك الاتهامات بمطالبة الجانب الأردني بتحسين ظروف السفر عبر "جسر الملك حسين".

لكن مراقبين يرون أن عمان قصرت في ممارسة الضغط على تل أبيب لمنع إنشاء هذا المطار لمخالفته معايير الاتحاد الدولي للطيران، وتوقفت عن متابعة شكواها التي قدمتها عام 2015 إلى الاتحاد الدولي بهدف منع الرحلات الدولية من الهبوط والإقلاع في هذا المطار.

تراشق على منصات التواصل

وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أن أية مشاريع تضر بمصالح الفلسطينيين مع الأردن مرفوضة ولن تجد لها شريكاً، إلا أن ذلك لم يوقف تراشق الاتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يتهم أردنيون الفلسطينيين المؤيدين للسفر عبر مطار "رامون" بتحسين العلاقات مع تل أبيب والرضوخ لها، بينما يقول فلسطينيون إنهم ضحية سياسة الأمر الواقع وإن على عمان تحسين خدماتها المقدمة على المعابر لإفشال المخطط الإسرائيلي وقطع الطريق على أية محاولة لإثارة الانقسام بين الأردنيين والفلسطينيين.

ويقول مراقبون إنه على الرغم من كل التسهيلات التي قدمتها إسرائيل، فإنها لم تنجح حتى الآن بتسيير سوى رحلة واحدة تقل عشرات الفلسطينيين عبر المطار، الأمر الذي يؤكد وجود حال رفض واسعة لدى هؤلاء لاستخدام هذا المرفق.

كما طاولت الانتقادات الجانب التركي الذي وافق على تسيير رحلات جوية من المطار الإسرائيلي إلى المدن التركية على الرغم من علم أنقرة بخطورة هذا الأمر سياسياً.

مواقف حادة

لكن حال الغضب الأردنية هذه لم تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تعدتها إلى مواقف حادة شبه رسمية، ففيما طالب النائب في البرلمان الأردني خليل عطية بمنع أي فلسطيني يسافر عبر مطار "رامون" من دخول الأردن منتقداً صمت الحكومة، اتهم وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة رام الله بالتواطؤ مع إسرائيل في هذا الملف.

المعايطة قال إن "ما يجري سياسي بامتياز وجزء من سياق إسرائيلي تم التوافق عليه مع السلطة الفلسطينية خلال لقاء الرئيس محمود عباس مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الشهر الماضي مقابل الحصول على تسهيلات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبينما يقر الفلسطينيون بصعوبة منع أي مواطن من السفر عبر المطار الإسرائيلي، يرد المعايطة أن ذلك غير صحيح، مشيراً إلى أن الجسور والمعابر الأردنية تقدم خدمة للفلسطينيين منذ 55 عاماً ولا يستحق الأردن رد الجميل له بهذه الطريقة.

وفي تعبير عن الغضب الأردني، طالب رئيس الديوان الملكي السابق رياض أبو كركي الحكومة بسحب الجنسية الأردنية من أي فلسطيني يسافر عبر مطار "رامون" الإسرائيلي، مما دفع البعض إلى اعتباره عقاباً جماعياً بدلاً من البحث عن حلول تشجع الفلسطينيين على الاستمرار باستخدام المعابر والجسور الأردنية.

معاناة على المعابر

ووسط انقسام الفلسطينيين بين مؤيد ورافض للسفر عبر "رامون"، يستذكر طرف ثالث المعاناة والازدحام غير المسبوق الذي شهده "جسر الملك حسين" في يوليو (تموز) الماضي، حيث تقطعت السبل بآلاف المسافرين الذين اضطر كثيرون منهم إلى المبيت في العراء لأيام.

ويشكل "جسر الملك حسين" نافذة الفلسطينيين الوحيدة على العالم، فيسافرون إلى أي دولة عبر مطار الملكة علياء ويمر عبره سنوياً نحو 250 ألف مسافر، لكن بسبب المعاناة، تبدو الأمتار القليلة التي تفصل بين الأراضي الأردنية والفلسطينية من خلال هذا المعبر وكأنها أميال طويلة بالنسبة إلى آلاف الأسر الفلسطينية.

وتلقي السلطات الأردنية باللوم على الجانب الإسرائيلي الذي يعمل ببطء ويسمح يومياً بدخول 80 حافلة فقط، مما يتسبب بكل هذه المعاناة والاكتظاظ، وهو ما دفع إدارة المعبر الأردني إلى الإعلان عن آلية جديدة تمثلت في الحجز المسبق لتجنب الازدحام، بينما يقول مراقبون إن هذا الازدحام مفتعل من الجانب الإسرائيلي لتبرير تشغيل مطار "رامون" الذي تعتبره عمان منذ إنشائه مضراً بمصالحها الاقتصادية إذ لا يبعد عن مطار العقبة جنوب المملكة سوى 20 كيلومتراً فقط.

العمق الأردني

 من جهته، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية خلال تدشينه برفقة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة محطة تحويل كهرباء الرامة لتزويد الفلسطينيين بالتيار، أن المشاريع التي من شأنها الإضرار بالمصالح الأردنية - الفلسطينية لن تجد لها شريكاً فلسطينياً على الصعيدين الرسمي والشعبي، وأضاف "لا مطار رامون ولا أي مطار غيره سيكون بديلاً عن عمقنا الأردني".

أشتية اتهم إسرائيل بتعمد إعاقة حركة التجارة والتنقل، مثمناً الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية لتسهيل عبور الفلسطينيين عبر الجسور من خلال تمديد ساعات العمل وتوفير سبل الراحة للتنقل، بينما قال الخصاونة إن حكومته ملتزمة تسهيل عبور الفلسطينيين وانتقالهم عبر جسر الملك حسين إلى الأردن.

خسائر اقتصادية للأردن

في الجانب الاقتصادي، يتحدث الأردنيون عن خسائر بالجملة ولقطاعات عدة، في مقدمتها مكاتب السياحة وشركات الطيران والنقل الجوي إذ اعتاد نحو 200 ألف فلسطيني السفر سنوياً عبر مطار الملكة علياء ومن خلال شركة طيران الملكية الأردنية.

ويتخوف مالك إحدى شركات السياحة والسفر من أن تطاول الخسائر رحلات الحج والعمرة، بخاصة أن الأردن يتفرد حالياً بتسيير هذه الرحلات للجانب الفلسطيني سنوياً.

وينظر القطاع السياحي الأردني إلى الأمر على أنه ضربة اقتصادية جديدة، وقال ياسر عبده صاحب مكتب للسياحة والسفر إن الخسائر ستطاول عدداً من القطاعات كالفنادق والمطاعم ومكاتب تأجير السيارات، بينما يذكر أمجد أبو غربية الذي يدير أحد أهم مكاتب السياحة والسفر في العاصمة عمان أن عدد مكاتب السياحة التي تتعامل مع الجانب الفلسطيني لا تقل عن 500 مكتب وبشكل يومي، موضحاً أن السوق الفلسطينية تشكل 50 في المئة من الحجوزات.

وإذ اعتبر أمين سر جمعية وكلاء السياحة باسم الغلاييني، أن التحرك الرسمي الأردني لا يتناسب مع خطورة الموقف مطالباً باتخاذ إجراءات حقيقية قبل أن يتأثر القطاع السياحي، رأى مراقبون أن عمان لا تملك أية أدوات ضاغطة على إسرائيل لمنع تشغيل مطار "رامون"، وأن كل ما تستطيع فعله هو استقطاب الفلسطينيين عبر تسهيلات وتحسينات على عمل معابرها الحدودية مع الأراضي الفلسطينية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي