Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومات إسرائيل تشرخ العلاقات مع مصر

تراجع لبيد عن تعهداته يثير غضب القاهرة التي يرى مراقبون أنها لن تجد شريكاً قبل استقرار الوضع في تل أبيب

عندما كان بينيت على رأس الحكومة شهدت العلاقات المصرية - الإسرائيلية خطوات غير مسبوقة (رويترز)

تصريح لافت أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الاثنين 22 أغسطس (آب)، كاشفاً عن وجود أزمة في العلاقات المصرية – الإسرائيلية الممتدة منذ نحو 45 عاماً. ما فتح باب التساؤل عن أسباب تلك الأزمة وإذا ما كانت مرتبطة بحالة الاضطراب السياسي الذي تعيشه الدولة العبرية، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات البرلمانية الخامسة في غضون أقل من أربع سنوات.

سبب الخلاف، بحسب غانتس، يأتي على خلفية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. لكن تقارير إعلامية إسرائيلية لفتت إلى أسباب أخرى للأزمة التي أدت إلى إلغاء رئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل. فقد أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، إلى أن بداية الأزمة كانت قبل أكثر من شهرين، حين أعلن الجيش الإسرائيلي عن إسقاط طائرة مسيرة مصرية عبرت الحدود إلى إسرائيل. وبينما كانت الوفود الأمنية للبلدين تحاول احتواء الأزمة، كشف الإعلام عن مقبرة جماعية لجنود مصريين قرب القدس، قتلوا في حرب الأيام الستة عام 1967.

وفي يوليو (تموز) الماضي، كشف الإعلام الإسرائيلي عن وجود مقبرة جماعية قرب القدس دفن فيها ما لا يقل عن 80 عسكرياً مصرياً من ضحايا حرب يونيو (حزيران) 1967 بعد حرقهم أحياء بينما كانوا أسرى، بمخالفة للقوانين الدولية. ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إجراء اتصال هاتفي مع يائير لبيد، توافقا خلاله على قيام السلطات الإسرائيلية بتحقيق كامل وشفاف بشأن تلك الأنباء. وتعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بالتعامل بإيجابية وشفافية وإطلاع الجانب المصري على مستجدات الأمر، وفق بيانات رسمية من الرئاسة المصرية ورئاسة الوزراء الإسرائيلية.

تراجع إسرائيلي

وفاقم من الخلاف السلوك الإسرائيلي خلال العملية العسكرية على غزة، إلا أن ما دفع الأمور للظهور علانية هو الغضب المصري من تراجع تل أبيب عن التعهد بالإفراج عن الأسيرين الفلسطينيين بسام السعدي وخليل عواودة، على الرغم من أن اتفاق الهدنة بين إسرائيل و"حركة الجهاد الإسلامي" تضمن أن تعمل مصر على جهود الإفراج عنهما، بالإضافة إلى عدم التزام رئيس الحكومة الإسرائيلية بطلب الرئيس المصري بوقف العمليات العسكرية في الضفة الغربية، تجنباً لتجدد الصدام في غزة.

ولم يصدر عن الجانب المصري أي تعليق رسمي بشأن تصريحات غانتس أو تقارير الإعلام الإسرائيلي.

وفي السابع من أغسطس الجاري، أٌعلن بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، تطبيقاً لهدنة تمت بوساطة مصرية، وتبعها إشادة من الحكومة الإسرائيلية وأطراف دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بجهود القاهرة خلال القصف المتبادل الذي امتد لثلاثة أيام.

تراجع حكومة لبيد عن التزاماتها في الهدنة أرجعه مستشار "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" عماد جاد إلى المزايدات والحسابات الداخلية في ظل عدم استقرار الحكومات وتعاقب الانتخابات خلال السنوات الماضية، مضيفاً أن عدم تنفيذ تل أبيب تعهداتها أحرج الجانب المصري أمام الفصائل الفلسطينية.

وأشار جاد إلى استغلال رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو الوضع عبر التصريح بأنه إذا ما كان موجوداً على رأس السلطة لما توقف عن ملاحقة المسلحين. وفي المقابل، أراد لبيد ألا يظهر في موقف الضعيف وغير القادر على ضبط الأوضاع، ما دفعه إلى التراجع عن تعهداته للقاهرة.

تجاوز الخلاف

الرغبة الإسرائيلية في تجاوز الخلاف مع مصر بدا في زيارة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، إلى القاهرة، واجتماعه برئيس الاستخبارات العامة المصرية لمتابعة وقف إطلاق النار في غزة والحفاظ على الهدوء في القطاع.

كذلك، أكد غانتس في تصريحاته للإذاعة الإسرائيلية أن مصلحة البلدين "تتطلب تجاوز الأزمة الحالية"، مشدداً على أن "مصر لاعب إقليمي رئيسي ومن أهم أصدقاء إسرائيل". وقلل غانتس من حجم الخلاف، قائلاً إن في بعض الأحيان "تكون هناك تقلبات" في علاقة الدولتين، وإن "الطرفين سيجدان الطريق لإعادة الاستقرار"، معرباً عن أمله في تجاوز الأزمة خلال الأيام المقبلة.

ورأى جاد أن عودة علاقات القاهرة وتل أبيب إلى حالتها الطبيعية مرهونة باستقرار الأوضاع السياسية الإسرائيلية، أي بعد تشكيل الحكومة عقب انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مستبعداً تكرار تل أبيب تلك العمليات الأمنية والعسكرية كي لا تثير الغضب المصري.

تأثير نتنياهو

ولفت جاد إلى أن العودة المحتملة لنتنياهو على رأس الحكومة قد تؤدي إلى "برودة" في العلاقات المصرية - الإسرائيلية، وتراجع في "الأجواء الإيجابية" لا يصل إلى عتبة الخلاف، وذلك بما لرئيس الحكومة الأسبق من خبرة وثقل وعلاقات مع الولايات المتحدة. وأشار إلى أن العودة المرتقبة لواشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني قد تسيطر على الأجواء في تل أبيب، وتدفع الأوساط الإسرائيلية إلى محاولة تهدئة وتحسين العلاقات مع مصر استعداداً لأي مشكلات مقبلة مع إيران.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، تصدر نتنياهو وحلفاؤه استطلاعات الرأي. وعلى الرغم من تأييد الإسرائيليين أداء حكومة لبيد في الهجوم على غزة، أظهرت استطلاعات رأي أجريت عقب الهدنة استمرار تفوق معسكر نتنياهو الذي يتوقع حصوله على 59 مقعداً في الكنيست من أصل 120.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي يونيو الماضي، قاد نتنياهو جهود المعارضة بهدف إسقاط الائتلاف الحاكم، عبر عرقلة إقرار قوانين مهمة داخل الكنيست واستقطاب نواب من أحزاب الائتلاف، ونجح في دفع رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت إلى اتخاذ قرار بحل الكنيست والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة.

ولفت أستاذ العلوم السياسية جمال سلامة إلى أن فترة حكم نتنياهو لم تشهد تواصلاً مباشراً بين مصر وإسرائيل. ما يرجح أن تُحدث عودته للسلطة فتوراً بين البلدين، خصوصاً أنه يسوق نفسه على أنه من المتشددين. ما يؤثر على القضية الفلسطينية التي تعد الضابط لعلاقات مصر وإسرائيل.

وأكد سلامة ضرورة انتظار معرفة سياسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة تجاه الفلسطينيين وإذا ما كان الخلاف مع مصر سينتهي، مضيفاً أن توجه حكومة تل أبيب تجاه الفلسطينيين هو ما يضبط بوصلة علاقاتها مع القاهرة. وأشار إلى أن علاقة مصر مع إسرائيل تندرج ضمن فكرة التعامل مع الأمر الواقع ولم تكن بتاتاً علاقات طبيعية على الرغم من اتفاقية السلام الموقعة عام 1979.

تعزيز العلاقات

وخلال العام الذي كان فيه بينيت على رأس الحكومة (يونيو 2021- يونيو 2022) شهدت العلاقات المصرية - الإسرائيلية خطوات غير مسبوقة، إذ زار شرم الشيخ في سبتمبر (أيلول) 2021، وكانت الزيارة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي إلى مصر منذ عام 2011، ثم زيارة أخرى في مارس (آذار) الماضي. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تم تسيير رحلة الطيران الأولى لشركة "مصر للطيران" الحكومية إلى إسرائيل، بعد عقود من استخدام شركة تابعة تسمى "سيناء للطيران"، وهي الخطوة التي وصفتها إدارة الطيران الإسرائيلي بـ"السابقة التاريخية".

وشهد "عام بينيت" تعديل مصر وإسرائيل اتفاقية السلام، بما يسمح بتعزيز الوجود العسكري المصري، بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها، في منطقة رفح الحدودية شمال جزيرة سيناء، وفق ما أعلنه الجانبان في نوفمبر 2021، نتيجة لاجتماع اللجنة العسكرية المصرية - الإسرائيلية المشتركة. وقالت القوات المسلحة المصرية إن الاتفاق ضمن مساعي الحفاظ على الأمن القومي المصري وضبط وتأمين الحدود.

المزيد من تحلیل