فيما تتواصل التحذيرات من دخول مصر في موجة التخلف عن سداد الديون التي تجتاح عدة دول، كشفت وزارة المالية المصرية، أن الحكومة تتطلع لإصدار سندات باليوان الصيني المعروفة باسم "باندا" بأكثر من 500 مليون دولار، لافتة إلى جاهزية البلاد لإصدار صكوك سيادية بنحو 1.5 إلى 2 مليار دولار. وكشفت أن الأسواق الدولية غير مناسبة في الوقت الحالي من حيث السيولة والتكلفة، لافتة إلى أن عمر الدين الخارجي لمصر يصل إلى 12 عاماً، وأن متوسط سعر الفائدة للدين الخارجي لمصر يبلغ 6 في المئة. وأشارت إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مستمرة وتسير في اتجاه مطمئن، وأنه لم تحدد قيمة التمويل المتوقع من الصندوق حتى الآن.
وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، فقد ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 157.801 مليار دولار بنهاية مارس (آذار) الماضي 2022، مقابل 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول) 2021، بنسبة زيادة تبلغ نحو 8.4 في المئة. وتستهدف مصر خفض معدل الدين إلى 84 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بنسبة 103 في المئة في نهاية يونيو (حزيران) 2016، وتقليل نسبة خدمة الدين إلى 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
لماذا تتخارج الحكومة من بعض الأنشطة؟
وكشف وزير المالية المصري محمد معيط، أن تخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية يستهدف تمكين القطاع الخاص وتعظيم دوره في الأنشطة الصناعية والتصديرية لخلق مليون فرصة عمل منتجة سنوياً. وأوضح أن الدولة تستهدف زيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات المنفذة إلى 65 في المئة، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً خلال السنوات الأربع المقبلة، بخاصة أن بلاده تمتلك مصادر طاقة مستدامة وبنية تحتية مطورة وكوادر شابة.
وأكد أن المواطن هو المستفيد الأول من ذلك بتوافر فرص العمل المتنوعة وتحسن البنية التحتية وجودة المنتجات والخدمات في ظل المنافسة العادلة التي يمكن أن تسهم أحياناً في خفض تكلفة إتاحة السلع والخدمات. مشيراً إلى أن الحكومة تستهدف إرساء دعائم آليات قوية لتنظيم الأسواق وضمان المنافسة العادلة لتسريع وتيرة التنمية وتعظيم العائد الاقتصادي لأصول للدولة.
وشدد الوزير المصري على أن زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي وتعظيم الصادرات تعد أولوية رئاسية لضمان نمو قوي ومستدام يسهم في تحقيق التنمية الشاملة، بحيث يتم توجيه "الوفورات المالية" لتحسين معيشة المواطنين، وخفض المديونية الحكومية.
التنمية البشرية
وأشار إلى أن العام المالي الماضي شهد زيادة في الإنفاق على التنمية البشرية وشبكات الحماية الاجتماعية، حيث ارتفع الإنفاق على الصحة بنسبة 21 في المئة، والتعليم بنسبة 23 في المئة، وهو ما يفوق معدل النمو السنوي لمصروفات الموازنة الذي يقدر بـ 14.8 في المئة بما يعكس الأولوية التي توليها الحكومة لهذين القطاعين الحيويين.
وقال إن المديونية الخارجية لأجهزة الموازنة استقرت عند 81.4 مليار دولار في يونيو 2022 بنسبة 19.2 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بنحو 81.3 مليار دولار في يونيو 2021. ولفت إلى أن الحكومة المصرية تستهدف خفض معدل الدين للناتج المحلي إلى 75 في المئة بحلول عام 2026، وأن 77 في المئة من المديونية الحكومية "محلية" لمؤسسات وأفراد في مصر و23 في المئة فقط "خارجية" بالعملة الصعبة.
وأشار إلى أن حجم الاقتصاد المصري تضاعف ثلاث مرات خلال الست سنوات الماضية، بمعدلات تفوق معدلات مديونية الحكومة، على نحو يعكس نجاح الحكومة في توجيه التمويلات التنموية إلى استثمارات حقيقية، ومشروعات ومبادرات ذات جدوى أسهمت في تحسين البنية التحتية بشكل غير مسبوق بات أكثر جذباً وتحفيزاً لاستثمارات القطاع الخاص بما يساعد في دفع النشاط الاقتصادي، ويؤدي إلى توفير فرص العمل للمواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة إليهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ما يتعلق ببرامج الدعم والحماية الاجتماعية، كشف وزير المالية المصري أنه تمت زيادة دعم السلع التموينية بنحو 17 في المئة خلال العام المالي الماضي ليصل إلى 97 مليار جنيه (5.056 مليار دولار). كما تمت زيادة قيمة المعاشات بنحو 70 في المئة خلال الفترة من 2018 حتى 2022 التي يستفيد منها 10.5 مليون مواطن.
ومن المقرر أن تُسدد الخزانة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي 190.5 مليار جنيه (9.947 مليار دولار) للمعاشات بمعدل نمو سنوي يبلغ نحو 5.9 في المئة، مبيناً أنه تم تحويل أكثر من 542 مليار جنيه (28.302 مليار دولار) إلى صناديق المعاشات خلال 38 شهراً لصرف المعاشات وزيادة الملاءة المالية لنظام المعاشات.
وأشار إلى أنه تمت زيادة الإنفاق على المرتبات والأجور إلى 400 مليار جنيه (20.887 مليار دولار) في موازنة العام المالي الحالي، وسيتم اعتباراً من سبتمبر (أيلول) المقبل زيادة الأسر المستفيدة من الدعم النقدي إلى 5 ملايين أسرة بنحو 20 مليون مواطن بتكلفة إجمالية 25 مليار جنيه (1.305 مليار دولار) سنوياً، مع صرف حزمة مساعدات استثنائية لـ 9.1 مليون من الأسر الأكثر احتياجاً لمدة 6 أشهر بتكلفة شهرية أكثر من 900 مليون جنيه (47 مليون دولار) بإجمالي يصل إلى 5.5 مليار جنيه (0.287 مليار دولار). فيما بلغ إجمالي دعم السلع البترولية خلال العام المالي الماضي، نحو 59 مليار جنيه (3.08 مليار دولار).
البطالة تتراجع إلى 7.2 في المئة
على صعيد مؤشرات أداء الاقتصاد، قال معيط، إن الاقتصاد المصري سجل أعلى معدل نمو منذ عام 2008 بنسبة 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط عالمي عند مستوى 3.2 في المئة للاقتصادات الناشئة.
وأشار إلى أن معدل البطالة تراجع إلى 7.2 في المئة خلال شهر يونيو 2022 بتوفير 826 ألف فرصة عمل، وانخفض عجز الموازنة من 13 في المئة خلال العام المالي 2012- 2013 إلى 6.1 في المئة من الناتج المحلي خلال العام المالي الماضي، وبذلك يكون معدل عجز الموازنة، للمرة الأولى منذ سنوات، أقل من متوسط الدول الناشئة.
ولفت إلى نجاح الموازنة في تحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بقيمة 100 مليار جنيه (5.22 مليار دولار) وبنسبة 1.3 في المئة من الناتج المحلي، وبذلك تكون مصر واحدة من الدول القليلة من الاقتصادات الناشئة التي حققت فائضاً أولياً في العام المالي الماضي. وأوضح أن إيرادات الموازنة العامة للدولة ارتفعت بنسبة 19.6 في المئة مقارنة بمعدل نمو سنوي للمصروفات بلغ نحو 14.8 في المئة، كما ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 18.7 في المئة إلى 990 مليار جنيه (51.697 مليار دولار).
وقال إن تقديرات الفائض المستهدف خلال موازنة العام الجاري زاد إلى 1.6 في المئة مقابل نحو 1.5 في المئة. لافتاً إلى أن إجمالي الإيرادات المقدرة يبلغ نحو 1.518 تريليون جنيه (79.268 مليار دولار)، لافتاً إلى أن إجمالي إنفاق الحكومة العامة للموازنة العامة للدولة وموازنات الهيئات الاقتصادية العامة يبلغ 5.7 تريليون جنيه (297.65 مليار دولار)، حيث يبلغ حجم إنفاق الهيئات الاقتصادية 2.6 تريليون جنيه (135.77 مليار دولار) لـ59 هيئة اقتصادية، بخلاف الهيئة القومية للإنتاج الحربي.