كان جورج إليوت هو أول من كتب في منتصف القرن الـ19 عن وجوب عدم الحكم على كتاب من غلافه، لكن عبارته ما زالت صحيحة حتى يومنا هذا. للوهلة الأولى، تبدو رواية "فرضية الحب" The Love Hypothesis لآلي هيزلوود مثلها مثل أي رواية كوميدية رومانسية أخرى، يحمل الغلاف صورة مرسومة بأسلوب كرتوني لرجل وامرأة يتبادلان قبلة، بينما تظهر خلفهما مجموعة معدات مخبرية علمية، بالنسبة للقارئ البسيط، قد يبدو الكتاب وكأنه عن عالمين يغرمان ببعضهما. لن يتبادر إلى الذهن أبداً أنه في جوهره يضمر عملاً فاحشاً.
في مرحلة ما، كانت الكلمة التي تصف شيئاً فاحشاً أو غير لائق مرتبطة بالغضب الأخلاقي الصادر عن نشطاء من أمثال ماري وايتهاوس (صاحبة عبارة "احظروا هذا القذارة!") التي كانت تعرف في الستينيات والسبعينيات بأنها "القاضية على الفحش" في بريطانيا، لكن الكلمة ظهرت ضمن سياق جديد الآن وأعيدت صياغتها لتحمل دلالات إيجابية بين جيل الشباب. في يومنا هذا، تستخدم كلمة الفحش ضمن السياق الأدبي لوصف كتاب من أي نوع يتضمن مشهداً أو أكثر من المشاهد الجنسية الصريحة. قد يشمل هذا أي صنف أدبي، من الكوميديا الرومانسية إلى الخيال العلمي إلى الفانتازيا- من المتوقع أن تحظى القصص الفاحشة التي أبطالها وحوش بنجاح كبير قريباً. تحظى الروايات المليئة بالفحش بزخم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً على موقع "تيك توك"- أو "بوك توك" بتعبير أدق - حيث قام 3.7 مليار و3.2 مليار متابع على التوالي بالنقر على هاشتاغ # smut و# smuttok.
تبدأ رواية "فرضية الحب" بأسلوب بريء كفاية مع العديد من الفصول التي توحي بأن الثنائي سيقدم على فعل غير بريء وأخرى تشير إلى أنه لن يفعل ذلك ثم على حين غرة تأتي هجمة الفحش. تكتب هيزلوود في واحدة من اللحظات الأقل تصويراً: "الطريقة التي باعد بين ساقيها بلسانه، بدت وكأنها كانت قطعة من الزبدة يريد قطعها كسكين ساخنة". وتضيف بعد عدة صفحات وأفعال جنسية: "انفتحت أحشاؤها أمامه من دون سابق إنذار. رحبت به وشدته حتى وصل إلى أخفض نقطة، إلى أن انغمس في أعماقها وراح يوسعها لدرجة التمزق، لكن ذلك جعلها تشعر فقط بالامتلاء والاحتواء والكمال". صحيح أن أوصاف هيزلوود تعتبر بالغاً بها بعض الشيء، لكن التفاصيل مهمة جداً عندما يتعلق الأمر بتصوير مشهد فاحش للقارئ تصويراً واضحاً.
ليس من المفاجئ إذن أن يكون إدراج الفحش في "فرضية الحب" جعل الرواية تستمع بمكانها لوقت طويل هذا العام ضمن قائمة أفضل 10 كتب عن الخيال الجنسي تباع عبر موقع "أمازون". إنها تحظى بشعبية كبيرة، حيث حصلت على نحو 660 ألف مراجعة على موقع "غوغل ريدز" Goodreads وتقييم 4.31 من 5 بالمتوسط. على الرغم من أنها قد لا تكون الكتاب الأكثر فحشاً على الإطلاق، فإنها تتسلل بين الروايات الكوميدية الرومانسية التي تحمل أغلفة بريئة مثل "حاصل قسمة القبلة" The Kiss Quotient لـهيلين هوانغ، التي تحكي قصة امرأة تستأجر مرافقاً ذكراً لمساعدتها على فعل الأمور الجنسية التي ترغب بها، ورواية "شريك السكن" The Roommate لـروزي دانان، حيث تنتقل البطلة للعيش مع نجم أفلام إباحية ذكر، حيث يبدو أن كليهما يخفي جانباً فاحشاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أخبرني كل من دارما بيزير وميكايلا ستراديوتو، اللذين يشرفان على المدونة الصوتية "نادي الكتب التي لا تحبها والدتك" للأعمال المليئة بالفحش: "يتم منح حلة جديدة تناسب جيلنا الحالي لأغلفة الكتب الفاحشة التي كانت تبدو مثل قصص "ميلز أند بون" Mills & Boon الرومانسية الصادرة عن دار هارليكوين للنشر... إنها تصميمات نظيفة ولطيفة وأنيقة، بألوان مشرقة أكثر تجذب القارئ، تخفي محتوى الكتاب لكنها لافتة للنظر. تبدو أغلفة كتب هارليكوين القديمة مبهرجة ومزخرفة ومهذبة، لكن الجيل الجديد لا يريد ذلك. يريد مستهلكو الأدب الفاحش الآن مظهراً أكثر ذوقاً وتطوراً".
في حين أن الفحش في الأدب قد يكون مرتبطاً الآن بأغلفة "ميلز أند بون" القديمة، والتي تصور بشكل عام زوجين بالكاد تستر الملابس جسديهما يتعانقان ضمن أجواء مثيرة نوعاً ما- سواء أكان ذلك سريراً أو حظيرة– في الواقع لم تبدأ عملاقة الأدب الرومانسي بتقديم محتوى صريح إلى رصيدها حتى عام 2012، بعد النجاح الكبير الذي حققته ثلاثية "خمسون طيفاً من غراي" Fifty Shades of Grey. حتى عندما قامت بذلك، غيرت هارليكوين كيفية تسويقها لرواياتها الصريحة في تقليد لكتب أي إيل جيمس الرائجة، حيث صممت الأغلفة بدرجات ألوان داكنة وتبرز عنصراً واحداً فقط في الصورة مثل ربطة عنق أو قناع أو زوج من الأصفاد، في حين أن هذه الأغلفة كانت علامة مميزة للقارئ على أن الكتاب يحتوي على شكل ما من الفحش، فقد حدث بعد عقد من الزمن تغير في طريقة تسويق الفحش- على الأقل ضمن سياق الأدب الرومانسي.
عملت ريتا فرانجي، مديرة الفن والتصميم في مطبعة بيركلي التابعة لدار بينغوين للنشر، جنباً إلى جنب مع مديرة التحرير سيندي هوانغ، على رواية "تاريخ حفل الزفاف" The Wedding Date الرومانسية الشهوانية لـجاسمين غيلوري الصادرة عام 2018. قال أحد الأشخاص الذين راجعوا الكتاب، إنه "صدم" من كم المشاهد الجنسية في العمل، بالنظر إلى أن الغلاف كان "جذاباً وليس مثيراً". على كل حال، كان غلاف روايت غيلوري المرسوم بصورته الرومانسية المظللة بألوان زاهية هو الذي أطلق هذا الاتجاه.
تقول هوانغ: "تمر الاتجاهات بدورات، وكانت الأغلفة المرسومة رائجة بشكل كبير قبل 20 عاماً مع ازدهار "الأعمال الأدبية الموجهة للشابات""، موضحة أنه على الرغم من كونه أسلوباً غير جديد، فإن القراء الأصغر سناً لم يكونوا على دراية به "لذلك كان جديداً وحديثاً بالنسبة لهم".
فرانجي، التي صممت أيضاً رسمة غلاف رواية غيلوري الجديدة "ثملة بالحب" Drunk on Love تصف النهج الحالي المتبع في تصميم أغلفة الروايات الرومانسية على أنه "سهل المنال، جذاب، ومرح"، لكنها تقول إن "القارئ سيبحث عن شيء ما جديد" في وقت ما، الأمر الذي سيفرز اتجاهاً جديداً.
يقول بيزير وستراديوتو، إنهما شهدا زيادة طفيفة في شعبية الأدب الفاحش. يوضحا: "لقد أطلقنا هذه المدونة الصوتية مع بداية وباء كورونا، عندما لم يكن أحد يتحدث عن الأدب الفاحش... منذ أن بدأنا، عاد الأدب الشهواني ليكون موجة سائدة مرة أخرى. سواء أكان ذلك بسبب العزلة أو عدم القدرة على الخروج في مواعيد غرامية أو مجرد وجود تدفق هائل في كتاب الأدب الشهواني، نعتقد أن الانضمام إلى ذلك الاتجاه واستعداد جيلنا للحديث عن الجنس خلقا هذا الاستهلاك النهم الجديد للفحش".
من المؤكد أن استعراض الكتب على "بوك توك"، يلعب دوراً في شعبية الأدب الفاحش، وتوجد الآن المئات من الحسابات، وما يتفرع عنها، المخصصة لمراجعات الكتب الفاحشة على الموقع. هيلاري هندرسون هي مالكة أحد تلك الحسابات. تستعمل هندرسون اسم المستخدم bookishhill على "تيك توك" ولديها نحو 189 ألف متابع. تقول إنها شاهدت تدفقاً من القراء الجدد لهذا النوع، لا سيما بين أجيال نهاية القرن الماضي وبداية الألفية الحالية.
توضح هندرسون: "أعتقد أن جاذبية الأدب الخيالي الشهواني هي التعرف على رغبات المرء وملذاته وعدم خوفه من الاستمتاع بها... هناك سبب وراء تحويل الناشرين جهودهم التسويقية نحو بوك توك، وذلك لأنها منصة فعالة، بمجرد أن يجد القراء وسطاً يجمعهم بالقراء الآخرين الذين استمتعوا بالرومانسية الفاحشة على تيك توك، فمن السهل أن نفهم كيف نمت شعبية هذا النوع الأدبي".
قالت مستخدمة أخرى، أرادت أن يشار إليها باسم المستخدم الخاص بها على "تيك توك" @ smutbooksarelife، إنها وجدت سلوى في الكتب الفاحشة أثناء الوباء. وحتى تعرفها على "بوك توك" في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، لم تكن تدرك أنها ليست الوحيدة المهووسة بهذا الأمر الجديد. تشرح قائلة: "ساعدنا بوك توك في العثور على بيئة آمنة لمشاركة هوايتنا... أعرف أن كثيراً من الناس ربما كانوا يقرؤون كتباً مثل هذه لسنوات، لكنهم الآن يشعرون بالأمان عند التحدث عنها بصراحة".
وتضيف أنها شاهدت كثيراً من القراء يطلبون صراحة من المؤلفين تغيير أغلفة كتبهم وجعلها رصينة أكثر حتى يتمكنوا من شرائها وقراءتها علناً. تشرح قائلة: "أرى هذه المناقشة في صفحتي مرة واحدة على الأقل في الشهر... يريد القراء غلافاً برسم كرتوني أو تصميم رصين لا يقول بشكل صارخ (أنا أقرأ رواية فاحشة) لأي شخص يمر أمام القارئ".
من السهل رؤية التباين هنا بشكل واضح: يبدو أن الأجيال الشابة تستمتع بصراحة أكبر بالكتب الفاحشة، لكنها تفضل أن تكون الأغلفة أكثر تحفظاً.
توضح هندرسون: "الأغلفة المتحفظة مقبولة أكثر لدى جمهور أوسع". ومع ذلك، فهي تعتقد أنه ستكون هناك عودة للأغلفة على نمط كتب "ميلز أند بون" في المستقبل القريب. تقول، "ما أجده مثيراً للاهتمام هو الطلب المتزايد على الأغلفة ذات الأسلوب القديم... إنها تحمل نفحة من الحنين إلى الماضي، لكننا نتطلع إلى أبناء جيل نهاية القرن الماضي وبداية الألفية الذين لا يخجلون من التحدث عن الكتب المثيرة التي يقرؤونها. سيكون للأغلفة المتحفظة مكان دائماً في هذا النوع، صحيح. على كل حال، فإن كثيرين سعيدون بتفاخرهم بملذات القراءات الخاصة بهم ويريدون أن تتناسب أغلفة الكتب مع ذلك".
© The Independent