Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملكة بريطانيا حارسة البروتوكولات... وكاسرتها

في أحدث خروج لها عن التقاليد الملكية ستلتقي الملكة إليزابيث رئيس الوزراء البريطاني الجديد في قلعة بالمورال

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خرق البروتوكول الملكي خلال زيارته إلى بريطانيا (أ.ب)

حينما تراد الإشارة إلى الحياة المتفردة والمتميزة وشبه المثالية التي يعيشها شخص ما، يقال "فلان يحيا حياة الملوك"، لكن هل ندرك تماماً ما طبيعة حياة الملوك والملكات، ومن لف لفيفهم، وما القيود التي تفرض عليهم مقابل الحياة الملكية التي نحسدهم عليها؟

هناك علاقة طردية بين قدم العائلة المالكة وعراقتها وحجم قائمة القواعد والأعراف السلوكية التي تحكم كل من تضمه هذه الأسرة من رأس هرمها إلى أحدث فرد انضم إليها.

وتماشياً مع اهتمام الجمهور بالأسرة الحاكمة في بريطانيا، الذي يصل حد الهوس أحياناً، لا بد أن تتناول وسائل الإعلام كل شاردة وواردة، وتحلل أي حادثة لمعرفة ما إذا كانت تلتزم بالأعراف والتقاليد الملكية.

تحكم هذه البروتوكولات سير العلاقات ضمن الأسرة المالكة، وطريقة تعامل أفرادها بين بعضهم البعض، وتصرفاتهم داخل القصر وخارجه وأثناء السفر، وتشمل كل ما يخطر على بال المرء، من أماكن استقبال كبار الشخصيات، مروراً بحاجة أعضاء الأسرة المالكة إلى الحصول على موافقة الملكة شخصياً على من اختاروهم ليكونوا شركاء حياتهم، وانتقائها التاج الذي تلبسه أي عروس جديدة تنضم إلى العائلة، ووصولاً إلى الألعاب التي يمنع الملكيون من لعبها، ومواعيد وجبات الطعام وبعض الأغذية التي لا يسمح لهم بتناولها.

تعديل البروتوكولات

وعلى الرغم من أن الملكة إليزابيث الثانية معروفة بتقليديتها وتقديسها الأعراف ومحاولتها الالتزام بها قدر الإمكان، لأنها عملياً تمثل هذه البروتوكولات، لكنها اضطرت في بعض الأحيان إلى خرق قواعد السلوك لأسباب خارجة عن إرادتها في الغالب، ورغبة منها في حالات أخرى.

يوم الأربعاء 31 أغسطس (آب) الماضي، أعلنت متحدثة باسم قصر باكنغهام، أن الملكة ستلتقي رئيس الوزراء بوريس جونسون وخليفته، في السادس من سبتمبر (أيلول) الحالي، في مقر إقامتها بقلعة بالمورال في اسكتلندا للمرة الأولى في حياتها، في خروج عن التقليد المعروف بإجراء حفل التنصيب في قصر باكنغهام.

السبب المعلن لهذا التعديل هو توفير وقت لرئيسي الوزراء المقبل والمغادر، وتجنب أي تغييرات في اللحظة الأخيرة في حال واجهت الملكة البالغة من العمر 96 عاماً مشكلات في الحركة، ما يتيح لها عدم تفويت أول اجتماع مع الشخص الذي سيصبح رئيس الوزراء البريطاني الـ15 في ظل حكمها، والقيام بهذه المهمة بنفسها بدلاً من تفويض نائب عنها.

هذه ليست المرة الأولى التي ترغم الحالة الصحية الملكة على تعديل البروتوكولات، ففي يونيو (حزيران) تغيبت عن حضور قداس الشكر الذي أقيم في كنيسة القديس بول في لندن بمناسبة اليوبيل البلاتيني لجلوسها على العرش، بعد أن أصيبت بالإرهاق أثناء حضور العرض العسكري في اليوم الأول.

وفي عام 2020، أجبرت قواعد التباعد الاجتماعي التي فرضها وباء كورونا إليزابيث الثانية على الوقوف في شرفة منفصلة، وليس إلى جانب دوقة كامبريدج ودوقة كورنول كما هو متعارف عليه، أثناء إحياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صحيح أنه يحق للملكة إليزابيث ما لا يحق لغيرها، لكن هناك مجموعة من البروتوكولات التي تحكم تصرفاتها شخصياً، ولا تستطيع تجاوزها ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

- لا يمكن للملكة التصويت في الانتخابات، لأن ذلك قد يؤثر بشكل غير عادل على النتائج، كما أنها لا تتدخل في السياسة أو تدلي برأيها في قضية ما.

- لا تستطيع شغل منصب حكومي منتخب، حتى لا تؤثر هي أو أفراد عائلتها المالكة على الرأي العام أو تستخدم القوة لتحقيق مكاسب شخصية من المنصب.

- عليها الالتزام باتباع كنيسة إنجلترا التي يعتنقها ملوك بريطانيا منذ عام 1534، ولا يمكنهما اعتناق طائفة الروم الكاثوليك، على الرغم من صدور قرار في عام 2011 ألغى منع رأس الهرم من الزواج من شخص من طائفة الروم الكاثوليك.

- لا ترتدي الملكة، فساتين مكشوفة أو تنانير قصيرة، وعليها الالتزام بارتداء أزياء محتشمة لا تكشف أجزاء من جسمها.

على كل حال هناك بعض الأمور التي تمكنت الملكة في السابق من تجاوزها من دون أن يكون لها أثر ضار، مثل قبولها باقة زهور من إحدى المعجبات التي لم تعرف أنه تصرف غير مقبول ملكياً، أو سماحها لميغان ماركل في عام 2017، قبل ارتباطها بشكل رسمي بالأمير هاري، المشاركة في احتفالات أعياد الميلاد التي تقتصر عادة على أفراد العائلة الملكية حصراً والأزواج، ثم دعوة والدة ماركل، دورياً، في العام الذي يليه، وتكرار هذا التجاوز سنة 2019 بدعوة صديق حفيدتها الأميرة بياتريس، إدواردو موزي.

كسر الحواجز

ويبدو أن الملكة تستغل الأجواء الاستثنائية التي تعم أعياد الميلاد لكسر المزيد من الحواجز، فتدعو الطاهي الملكي لتناول كأس من الشراب في غرفة الطعام في قصر ساندريغهام، المحظورة تماماً على غير أفراد العائلة المالكة.

في عام 2009، ومن باب الترحيب، سمحت لكيت ميدلتون التي كانت في ذلك الوقت ما زالت تواعد الأمير ويليام، بالتقاط الصور أثناء أول زيارة لها لقلعة بالمورال، وفق ما ذكرت كاتبة السيرة الذاتية الملكية كيتي نيكول، كما أن الملكة سمحت لكيت وويليام بدعوة من يشاءان إلى حفل زفافهما الملكي الذي أقيم عام 2011.

لكن تجاوزات الملكة إليزابيث، لم تقتصر على الأفراح فقط بل شملت ذات مرة الأتراح، من المتعارف عليه أن الملكة لا تحضر الجنازات كي لا يصرف حضورها الاهتمام عن الشخص المتوفى، لكنها في عام 2019 قررت المشاركة في جنازة مدبرة المنزل الخاصة بها أنيت ويلكين.

أحياناً، يتجرأ البعض على خرق تقاليد التعامل مع الملكة، مثلما حدث عندما أقدمت ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأميركي الأسبق، على عناق الملكة البريطانية وتطويقها بذراعيها في حركة عفوية عند لقائها بها عام 2009، بحسب ما تذكر السيدة الأولى السابقة في مذكراتها. وعلى الرغم من أن البروتوكول الملكي يحظر قيام ضيوف الملكة بلمسها، لم يكن هذا هو الخرق الوحيد الذي قام به الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018، إذ نسي في الزيارة نفسها الانحناء لمضيفته، ورفع كأسه خلال مأدبة العشاء إعراباً عن شكره على كرم الضيافة، بعد أن سبق الملكة ببضع خطوات أثناء استعراض مراسم الشرف.

وفي الذكرى الـ25 لوفاة الأميرة ديانا التي صادفت أخيراً، يتذكر كثيرون أن الراحلة كانت من أكثر الشخصيات معارضة للقواعد الملكية الصارمة وخروجاً عنها، بدءاً من إصرارها على اختيار خاتم زواج جاهزاً وليس مصمماً خصيصاً لها، مروراً برفضها التعهد بالطاعة لزوجها أثناء تبادل النذور في حفل زفافهما عام 1981، واختيارها فساتين قصيرة وعارية الكتفين والصدر، واستخدامها المجوهرات الملكية المتوارثة بطريقة غير تقليدية ووضع طلاء الأظافر، وصولاً إلى إرسالها ابنيها لتلقي تعليمهما في مدرسة حكومية، وأخذهما لتناول البرغر في مطاعم سلسلة "ماكدونالدز" للوجبات السريعة.

مع أن إليزابيث هي الملكة الأطول حكماً التي ما زالت على قيد الحياة، بالتالي شهد سجلها الطويل كثيراً من التجاوزات البسيطة التي قامت بها شخصياً أو تعرضت لها، لكننا لا ندري مدى رضاها عن البروتوكولات التي ستتبع عند وفاتها، أو تسريبها بطريق الخطأ الذي حدث في أبريل (نيسان) عندما سربت حكومة ويلز بريداً إلكترونياً حساساً وسرياً للغاية.

 

* نشر هذا الموضوع لأول مرة بتاريخ 3 سبتمبر 2022

المزيد من منوعات