عقب فترة ليست بالقصيرة من تقييد العمليات الإرهابية يعاود "تنظيم القاعدة" نشاطه مجدداً في اليمن، منذراً بموجة عنف محتملة في البلد الغارق بالدماء.
وفي عملية ابتزاز مشابهة لحوادث سابقة بث تنظيم القاعدة، السبت الثالث من سبتمبر (أيلول) الحالي، رسالة مسجلة يظهر فيها موظف في الأمم المتحدة مختطف في اليمن منذ أكثر من ستة أشهر وهو يناشد تلبية مطالب التنظيم لإنقاذ حياته، بحسب ما ذكر موقع "سايت" الذي يرصد الحركات المتطرفة.
وظهر الموظف آكام سوفيول أنام الذي يشغل منصب مدير مكتب الأمم المتحدة للسلامة والأمن في اليمن، مؤكداً أنه اختطف مع زملاء آخرين في الـ 11 من فبراير (شباط) الماضي في أبين عندما كانوا في طريقهم إلى عدن جنوب اليمن، المقر الموقت للحكومة اليمنية بعد استكمالهم مهمة ميدانية.
وكانت المنظمة الأممية أعلنت في فبراير الماضي أن خمسة من موظفيها خطفوا في اليمن الذي يشهد عدد من مناطقه أنشطة للجماعات المتطرفة، ومن بينها جماعة "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" الفرع المحلي لتنظيم "القاعدة"، وأشارت إلى أنها "على اتصال وثيق بالسلطات لتأمين إطلاق سراحهم" من دون أن تفصح عن الجهة المسؤولة التي تقف وراء عملية الاختطاف.
وذكرت السلطة المحلية بمحافظة أبين حينها بأن مسلحين اعترضوا سيارة تابعة للأمم المتحدة في مديرية لودر شرق المحافظة على متنها خمسة موظفين أحدهم أجنبي، قبل أن يقتادوهم باتجاه مديرية مودية شمال شرقي أبين.
مشكلة صحية
وفي الفيديو الذي بثه التنظيم عبر منصته الإعلامية التي تحمل اسم "الملاحم" ظهر سوفيول قائلاً "أنا في قبضة تنظيم القاعدة، وتم اختطافي مع أربعة من زملائي في الـ 11 من فبراير الماضي خلال عودتنا من رحلة رسمية لتقييم الأمن".
وأضاف وقد بدت عليه علامات الخوف والإرهاق، "مرت ستة أشهر على اختطافنا وأنا في مكان لا أعلمه وعائلتي لا يعلمون أين أنا، وإذا مت فعائلتي لن يعلموا بي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الفيديو الذي يتضح أن الجماعة الخاطفة تهدف من ورائه إلى ابتزاز الأمم المتحدة، وهو ما أكدته رسالة سوفيول الذي ذكر أنه "يعاني مشكلات صحية خطرة في القلب والمفاصل وضغط دم مرتفع وسكري"، مضيفاً "أحتاج إلى تدخل طبي عاجل وإلا سأموت متأثراً بسوء حالي الصحية المتدهورة".
تنفيذ عاجل للمطالب
وخاطب سوفيول مسؤوليه بالقول "أنا محتجز منذ ستة أشهر وذلك يعادل 180 يوماً أو أكثر بين أربعة جدران، ولا أستطيع أن أتنفس الهواء النقي أو أرى السماء أو ضوء الشمس، وبالمثل بالنسبة إلى زملائي الآخرين الذين هم معي، أناشدكم كلكم، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، أن تتدخلوا وأرجو منكم أن تستجيبوا إلى مطالب الخاطفين لتحريرنا"، من دون إبداء مزيد من الإيضاحات حول ماهية هذه المطالب ونوعها.
وحث آكام سوفيول الأمم المتحدة على "عمل شيء ما لإطلاق سراحه وموظفيه"، مؤكداً أنه "لا يريد أن يواجه مصير لوك سومرز" المصور الصحافي الأميركي الذي قتل أثناء محاولة تحريره من قبضة "القاعدة" في ديسمبر (كانون الأول) 2014.
وقال "إذا لم يتم إطلاق سراحي بأسرع وقت فعلى الأرجح ستكون نهايتي في القبر، وإذا لبيت مطالب الخاطفين من الممكن أن يتم إطلاق سراحنا اليوم، وإذا لم يتم تلبية المطالب فجهزوا لنا توابيت لاستقبال جثثنا".
وبحسب آكام فقد تم تسجيل الفيديو يوم الثلاثاء التاسع من أغسطس (آب) الماضي بعد زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان بأيام.
وكونه تنظيماً مسلحاً يتحرك في الفراغات الأمنية ومساحات الصراع، تبرز أنشطة تنظيمي "القاعدة" و"داعش" في عدد من مناطق اليمن بين حين وآخر، في استغلال لحال الشتات والتمزق التي سببتها الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات بين الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران والحكومة الشرعية، وخصوصاً في المحافظات التابعة لسيطرة الحكومة الشرعية التي تشهد تباينات حادة داخل فصائلها حول الصلاحيات الأمنية والسياسية، بلغت حد الاقتتال في جولات دامية عدة انتهت بسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مدينة عدن وعدد من المحافظات الأخرى.
تخادم الضد
ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من أبريل (نيسان) الماضي، شهدت العاصمة الموقتة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية توترات أمنية، تخللتها عمليات اغتيال طاولت قادة عسكريين وإعلاميين من قبل مجهولين، فيما تتهم الحكومة الشرعية ميليشيات الحوثي بالوقوف خلفها والتنسيق مع "تنظيم القاعدة" في مسعى "إلى خلق حال من الفوضى داخل المناطق المحررة خدمة لمشروعها الإيراني في اليمن".
ووفقاً للحكومة الشرعية فهناك عملية تخادم والتقاء مشترك بين "تنظيم القاعدة" وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، بالتزامن مع ظهور أدلة أمنية ادعت من خلالها الشرعية استخدام الحوثيين للتنظيم ضد مناهضي مشروعهم، مثل توفير ملاذ آمن لتحركاتهم في محافظة البيضاء وإطلاق عناصره من سجون المخابرات في صنعاء وغيرها.
وكان وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك قد تحدث منتصف مايو (أيار) الماضي عن وجود "تقارير عدة للحكومة اليمنية توضح مدى التعاون والتنسيق بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية مثل ’القاعدة‘ و’داعش‘ خلال عمليات الاغتيالات والاختطاف وغيرها من الأعمال الإرهابية".
وتساءل حينها "لماذا جميع الأعمال الإرهابية تحدث في المناطق المحررة فقط ولا تحدث في المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني؟".