أفادت "غارديان" بأن المملكة المتحدة تشجع الأفارقة الذين يواجهون خطر المجاعة على تناول الحشرات، وذلك من خلال مشروعين يستهدفان تعزيز هذه الممارسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي. ويمر تمويل المشروعين عبر وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية البريطانية. وليس الترويج لتناول الحشرات الصالحة للأكل جديداً، فلطالما أُبرِزت كمصدر مهم للبروتين لا يتطلب تطويره مساحة الأرض وكمية المياه نفسيهما كما هي الحال مع تربية الماشية، لكن طعم الحشرات والمقاومة الثقافية لتناولها يعيقان توسيع تربيتها بغرض الاستهلاك البشري في أماكن كثيرة حول العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن مؤسسة خيرية بريطانية تستثمر 50 ألف جنيه استرليني (نحو 57550 دولاراً أميركياً) في مشروع في جمهورية الكونغو الديمقراطية يعمل لتربية اليرقة الأفريقية والجرادة المهاجرة وذبابة الجندي الأسود لأغراض الاستهلاك البشري. والمشروع مخصص لمحافظتي كيفو الشمالية وكيفو الجنوبية في هذه الدولة الأفريقية حيث تنتشر تربية الماشية بوصفها إحدى وسائل كسب العيش للسكان الريفيين. "لكن مع ازدياد عدد السكان في هذه المناطق، تتقلص المساحة المخصصة لتربية الحيوانات ويضغط إنتاج لحم البقر على الموارد المائية".
ويستهلك سكان كيفو الجنوبية بالفعل 23 نوعاً من الحشرات، وفق "غارديان"، على رغم أنهم لا يربونها بل يجمعونها من المناطق البرية، وتختلف الأنواع بين فصل وآخر من فصول السنة. وتدرج وزارة الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية على موقعها المخصص لمشاريع التنمية الخارجية مشروع تربية الحشرات بوصفه "يسعى إلى إنتاج حشرات لاستخدامها غذاءً بشرياً أو في تصنيع العلف الحيواني". وبدأت المبادرة في مارس (آذار) وتستمر حتى ديسمبر (كانون الأول) وتمولها الوكالة الكاثوليكية للتنمية الخارجية، وهي مؤسسة خيرية لديها مقرات في إنجلترا وويلز. وأشارت الصحيفة إلى أن الوكالة لم تستجب لطلباتها للتعليق لدى إعداد التقرير، لكن بعد نشره أكدت أن المشروع لا يستهدف إنتاج حشرات للاستهلاك البشري بل صنع علف من الحشرات للأسماك المخصصة للاستهلاك البشري يعزز المحتوى البروتيني لهذه الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في زيمبابوي، فثمة مشروع قيد التنفيذ يستهدف استخدام ديدان الموبان في العصيدة التي تُقدَّم إلى الطلاب في المدارس، بحسب "غارديان". ويجمع الناس في مناطق ريفية بالبلاد بالفعل اليرقات الخضراء لتناولها خلال المواسم المطيرة. وبميزانية تصل إلى 300 ألف جنيه استرليني (نحو 345 ألف دولار أميركي) وصلت كمساعدة، يأمل المسؤولون عن المشروع في إطعام الأطفال الفقراء الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والحادية عشرة والمقيمين في البلدة الجنوبية غواندا وفي العاصمة هراري طبقاً غنياً بالحشرات الغنية بدورها بفيتامينات ومعادن، تشمل الفوسفور والبوتاسيوم والحديد والنحاس والزنك والمنغنيز والصوديوم والفيتامينين ب1 وب2 والنياسين.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول عن المشروع، الدكتور ألبرتو فيوري، وهو أستاذ في الكيمياء والتكنولوجيا الغذائيين لدى جامعة أبرتاي بمدينة داندي الإسكتلندية، قوله إن سكان زيمبابوي يعتمدون بكثافة على الذرة الفقيرة بالبروتين والمعادن الأساسية والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية. وقال إنه وفريقه وضعا معادلة تجمع بين ديدان الموبان والبقول والفاكهة، وكلها عناصر محلية بعدما جعلت الحرب في أوكرانيا وارتفاع سعر الدولار المواد المستوردة بعيدة من متناول مواطنين كثر. وشدد على أن الطبق مستساغ الطعم استناداً إلى اختبارات تضمنت تذوق الطبق في إسكتلندا. وبعد انطلاق المشروع في الدولة الأفريقية، سيجري فيوري وفريقه اختبارات متابعة للطلاب المشاركين للتأكد من انعكاس المشروع إيجاباً على صحتهم.
وقالت الدكتورة سارة بينون، مؤسِّسة "مزرعة الحشرات" في بيمبروكشاير بويلز وعالمة الحشرات للصحيفة، إن المشاريع التي تروج للحشرات القابلة للاستهلاك البشري تمثل "طريقة أكيدة لإنقاذ الحياة وتحسين التغذية في صفوف أفقر الناس في العالم. ونشجع بنشاط الناس في العالم المتقدم على شمول الحشرات في أنظمتهم الغذائية. فبوجود سكان تفوق متطلباتهم الغذائية قدرات الكوكب، ومع إنهاك الزراعة الحالية للتنوع البيولوجي وتغييرها للمناخ، لا خيار لدينا سوى تغيير الطريقة التي ننتج بها الأغذية ونستهلكها... والطريقة التي ننظر بها في الأمر".