ألقى الرئيس جو بايدن خطاباً كبيراً حول "روح أميركا" وحالة الديمقراطية في الولايات المتحدة. وكان يتحدث في ولاية بنسلفانيا، التي يترشح فيها لمنصب الحاكم السيناتور الجمهوري دوغ ماستريانو الذي أراد تأجيل التصديق على نتائج عملية الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وكان ماستريانو حاضراً أيضاً في مبنى الكابيتول الأميركي في اليوم الذي وقعت فيه أعمال الشغب في السادس من يناير (كانون الثاني) (على الرغم من أنه يقول إنه غادر قبل حدوثها)، ونقل أنصار دونالد ترمب بالحافلات إلى واشنطن في ذلك اليوم. إذا انتخب في نوفمبر (تشرين الثاني)، فيمكنه بسهولة التمرد ومنع التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2024 إذا انتخب الكومنولث مرشحاً ديمقراطياً للرئاسة.
وماستريانو هو أحد الجمهوريين المؤيدين لشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" ["ماغا" الأحرف الأربعة الأولى من شعار "ميك أميركا غريت أغين"] والذي حذر بايدن الأميركيين منه في خطابه الرئيس حول حالة الديمقراطية.
وقال في نهاية خطابه، "إذا قمنا بواجبنا، في عام 2022 وما بعده، فإننا سنقول بعد فترة طويلة من الآن [إننا] -جميعاً هنا- تمسكنا بإيماننا وحافظنا على الديمقراطية". وبذلك، ضمن الرئيس أن حماية مستقبل الجمهورية ستكون قضية انتخابية رئيسة.
هناك أدلة على أن الأميركيين يتفقون مع هذا الشعور، حيث أظهر استطلاع أجرته شبكة "سي بي أس نيوز" هذا الأسبوع أن 72 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن سيادة القانون والديمقراطية مهددان، و86 في المئة يرون أن تأثير المال في السياسة هو المشكلة الكبرى، يليهم 69 في المئة ممن يشيرون إلى احتمال اندلاع العنف السياسي، و67 في المئة ممن يساورهم القلق إزاء محاولات إلغاء الانتخابات.
إنه التهديد الأخير الذي أشار إليه بايدن عندما تحدث عن الجمهوريين المؤيدين لشعار "ماغا"، إذ رشح الجمهوريون في الولايات المتأرجحة الحاسمة مثل ميشيغان وأريزونا وويسكونسن مرشحين يقولون إن انتخابات 2020 قد سرقت – لا بل إن بينهم مرشحاً لم يستبعد دعم إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وقال الرئيس "إنهم يعتبرون فشل حركتهم (ماغا) بوقف الانتقال السلمي للسلطة بعد انتخابات 2020 أنها تدريب لانتخابات 2022 و2024"، كما أنه انتقد بشكل صريح صديقه السابق، السيناتور ليندسي غراهام، بسبب تحذيره من حصول "أعمال شغب في الشوارع" إذا تم توجيه الاتهام إلى ترمب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسارع بايدن إلى القول إن كلماته لا تشمل جميع الجمهوريين، موضحاً "ليس كل جمهوري، ولا حتى غالبية الجمهوريين، هم أنصار (ماغا)، لا يعتنق كل جمهوري أيديولوجيتهم المتطرفة. أعلم ذلك، لأنني تمكنت من العمل مع هؤلاء الجمهوريين من التيار السائد."
لكن هذا الكلام ليس إلا عبارات سياسية مبتذلة: عارض جميع الجمهوريين، باستثناء عشرة، عزل ترمب بسبب أفعاله في السادس من يناير، ومن بين العشرة لم يتخط الانتخابات التمهيدية سوى اثنين. اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين صوتوا لإدانة ترمب [وقرروا عدم المشاركة في انتخابات التجديد النصفي] قد يخلفهما مرشحان أيدهما الرئيس السابق.
لكن محاربة التطرف اليميني تتطلب إظهار مخاطر مثل هذا النظام، والذي قال عنه الرئيس إنه يأخذ البلاد "نحو أميركا ينعدم فيها حق الاختيار. لا يوجد حق في الخصوصية. لا يوجد حق في منع الحمل. لا يحق لك الزواج ممن تحب".
على العكس من ذلك، يقدم بايدن والديمقراطيون بديلاً أكثر تفاؤلاً من أيديولوجية "ماغا"، ومن هذا المنطلق، سلط الضوء على مجموعة الإنجازات الأخيرة لإدارته، مثل "خطة الإنقاذ الأميركية"، ومشروع قانون البنية التحتية المدعوم من الحزبين، وأخيراً توقيع "قانون الحد من التضخم"، والذي يعد حتى الآن أكبر تشريع مناخي في القرن الحادي والعشرين.
وقال الرئيس، "المتشائمون والمنتقدون يخبروننا أنه لا يمكن فعل شيء، لكنهم مخطئون. لا يوجد شيء واحد لا تستطيع أميركا فعله، لا شيء يفوق قدرتنا إذا فعلنا ذلك معاً".
وبقوله هذا، حاجج بايدن بشكل أساسي بأن الديمقراطية لا تزال هي الحل، وأن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى حكومة استبدادية محتملة بقيادة رجل قوي.
بالطبع، لم يتناول خطاب بايدن بعض التفاصيل المهمة، مثل فشل الديمقراطيين في حماية الحق في التصويت -وهي ربما أكبر حصن ضد محاربة الاستبداد- إلى حد كبير نتيجة لرفض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين جو مانشين وكيرستن سينيما تغيير آلية التعطيل filibuster [إجراءات تعطي أي سيناتور حقاً في تعطيل طرح أي مشروع للتصويت ما لم ينل 60 صوتاً من أصل 100 في الكونغرس]، وكذلك عدم قدرة الديمقراطيين على حماية حقوق الإجهاض، بسبب معارضة مانشين، حتى من دون اللجوء إلى آلية التعطيل.
لكن في حين أن بايدن لم يذكر ذلك صراحة فإن وجهة نظره القائلة بضرورة الحفاظ على الديمقراطية تبرر أيضاً الحاجة إلى هزيمة المتطرفين اليمينيين، مما قد يوفر مكاسب غير متوقعة للكونغرس في المستقبل تسهم بتمرير هذه التشريعات.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 3 سبتمبر 2022
© The Independent