لم تخرج جلسة الحوار الوطني الثانية التي دعا إليها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لإيجاد حلول للأزمة السياسية الخانقة في البلاد إلى نتائج تذكر يمكن أن تمثل أرضية مناسبة لبدء حوار حقيقي يشارك فيه التيار الصدري، فالاجتماع الذي عقد بغياب ممثل عن التيار الصدري وحضور أبرز قادة الإطار التنسيقي المنافس وقادة تحالف السيادة الذي يمثل السنّة في البرلمان وممثلين عن الأحزاب الكردية وبحضور بعثة الأمم المتحدة في العراق، خرج باتفاق سياسي يبدو أنه بعيد من رؤية زعيم التيار الصدري في إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد.
حفظ الاستقرار
وبحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء فإن المجتمعين أكدوا أن "تطورات الأوضاع السياسية وما آلت إليه من خلافات تحمل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، وحماية البلد من الأزمات ودعم جهود التهدئة ومنع التصعيد والعنف وتبني الحوار الوطني للتوصل إلى حلول"، مشددين على ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني.
ووفقاً للبيان فإن "الاجتماع خلص إلى ست نقاط أهمها تشكيل فريق فني لتعميق الرؤى وتقريب وجهات النظر لإجراء انتخابات باكرة وإجراء إصلاحات في بنية الدولة، فضلاً على دعم جهود التهدئة".
تفعيل المؤسسات وإصلاح بنية الدولة
وأوضح البيان أن المجتمعين شددوا على تفعيل المؤسسات والاستحقاقات الدستورية ودعوة التيار الصدري للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية ومناقشة كل القضايا الخلافية والتوصل إلى حلول لها، داعين إلى ضرورة تنقية الأجواء بين القوى الوطنية ومن ضمن ذلك منع كل أشكال التصعيد، ورفض الخطابات التي تصدر أو تتسرب وتسبب ضرراً بالعلاقات الأخوية التاريخية ومعالجتها من خلال السبل القانونية المتاحة، وبما يحفظ كرامة الشعب ومشاعره واستحقاقاته واحترام الاعتبارات الدينية والسياسية والاجتماعية.
وتابع البيان أن المجتمعين أكدوا ضرورة تحقيق الإصلاح في بنية الدولة العراقية، وتثمين المطالب بمعالجة أي اختلال في أطر العمل السياسي أو الإداري من خلال التشريعات اللازمة والبرامج الحكومية الفعالة ومناقشة أسس التعديلات الدستورية.
استمروا في الإصلاح
وغرد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد ساعة من بدء الاجتماع، داعياً أنصاره إلى الاستمرار في الإصلاح وأطلق أنصاره "وسماً" في مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الخصوص "ليؤكد بشكل لا يقل اللبس رفضه لكل مقرراته ونتائجه في موقف رافض كما يبدو لأي حوار جديد من دون تحقيق شروط التيار ومنها حل البرلمان وإقامة انتخابات جديدة التي لم يتطرق لها اجتماع قادة الكتل السياسية".
وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي شدد، الأحد الرابع من أغسطس (آب) الماضي، في تغريدة له عبر حسابه في "تويتر" على "ضرورة أن يتضمن جدول أعمال جلسات الحوار الوطني المقبلة جملة من الأمور التي لا يمكن أن تمضي العملية السياسية من دون الاتفاق عليها وهي تحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية الباكرة وانتخاب رئيس الجمهورية واختيار حكومة كاملة الصلاحيات متفق عليها".
وتتزامن جولة الحوار الثانية مع أخرى تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف التقت خلالها عدداً من المسؤولين العراقيين دعتهم خلالها إلى ضرورة إيجاد الحلول للأزمة التي تعيشها البلاد.
الصدر لن يغير موقفه
ويرى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لا يزال يعارض الإطار التنسيقي ونتائج الاجتماع حتى قبل أن تظهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إن البيان تضمن "مؤشرات مهمة لمعالجة الاختلافات أو الإشكالات المتعلقة بالاختناقات في بنية النظام السياسي والدستوري بالعراق، وضرورة إجراء إصلاحات دستورية"، مبيناً أن "التيار الصدري لا يزال يأخذ موقع المعارض للإطار التنسيقي ولتدخل إيران في الشؤون السيادية للعراق وللمحاصصة الطائفية والسلاح المنفلت والميليشيات".
ولفت إلى أن التيار الصدري لا يزال يستحوذ على موقع المعارض المعبر عن إرادة الجماهير الشعبية الغاضبة سواء جماهير تشرين أو القوى المستقلة أو منظمات المجتمع المدني أو قوى التغير، مشيراً إلى أن التيار يطرح المبادئ الكبرى لكل المناهضين للنظام الاستبدادي الذي ارتكب أخطاء في مجال الاقتصاد والزراعة والصناعة وأدى إلى تدمير والبنى التحتية.
المبادرات مرفوضة
وأوضح أن تغريدة الصدر الأخيرة تؤكد رفضه لأية مبادرة أو مشروع أو بيان مع وجود الإطار التنسيقي في هذا الاجتماع لكونه يدرك أية خطوة بهذا الاتجاه ستعزز سلطة واحتكار الإطار التنسيقي لمجلس الوزراء والبرلمان وعودة هيمنة أحزابه على النظام السياسي والأمني، مؤكداً أن عودة نفوذ الإطار من جديد وبقوة ستعني استمرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وتهديد أمن المواطنين.
وأشار إلى أن تغريدة الصدر تؤكد رفضه الانحياز إلى إيران أو الولايات المتحدة ويؤكد ضرورة استقلال القيادة العراقية وعدم انحيازها لأحد.
لم تأت بجديد
فيما أشار مدير "مركز كلواذا لقياس الرأي" باسل حسين إلى أن "مخرجات الحوار الوطني الثانية لم تأت بين القوى السياسية بجديد، لا سيما بعد أن سجلت مرة أخرى غياب ممثل عن التيار الصدري"، مشيراً إلى أن "مقتدى الصدر رفض أي لقاء مع قوى الإطار التنسيقي أو ممثلين عنه، إذ سبق أن أعلن أكثر من مرة رفضه للحوار معهم لأنه بحسب رأيه قد جربهم وجرب على حد وصفه توقيعاتهم لكنهم لم يلتزموا بأي تعهد قد قطعوه له".
ولفت إلى أن "جلسة الحوار الثانية لم تقدم أية مبادرة حقيقية مستندة إلى نقاط واضحة وصريحة وإنما احتوت على جمل إنشائية من غير مضمون حقيقي، ولن تجد صدى لدى مقتدى الصدر أو تياره وسرعان ما تنتهي تلك المخرجات من دون تطبيق فعلى على أرض الواقع".