قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء السابع من سبتمبر (أيلول)، إن روسيا لم تخسر شيئاً في المواجهة العالمية مع الولايات المتحدة بسبب الصراع في أوكرانيا، وإنما استفادت في الواقع من خلال وضع نهج سيادي جديد من شأنه أن يعيد لها نفوذها العالمي.
وأشار بوتين بشكل متزايد إلى الصراع في أوكرانيا باعتباره نقطة تحول في التاريخ، حيث تتخلص روسيا أخيراً، من الإهانات التي صاحبت انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وفي مسعى لتأكيد ميل روسيا نحو آسيا، قال بوتين أمام المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك الروسية، إن الغرب يفشل بينما آسيا هي المستقبل.
وفي خطابه الرئيس، لم يذكر بوتين أوكرانيا إلا عند الإشارة إلى صادرات الحبوب، لكن عندما سئل عما إذا كان الصراع تسبب في خسارة، قال بوتين إن روسيا حققت مكاسب.
وأضاف، "لم نخسر شيئاً ولن نخسر شيئاً، وسيتم التخلص من كل ما هو غير ضروري وضار، ومن كل ما يمنعنا من المضي قدماً".
تعزيز السيادة
واستطرد بوتين بالقول، "في ما يتعلق بما ربحناه، فأستطيع أن أقول، إن المكسب الرئيس كان تعزيز سيادتنا، وهذه هي النتيجة الأساسية لما يحدث الآن، إن هذا سيقوي بلادنا في نهاية المطاف من الداخل".
وأرسلت روسيا عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا في الـ24 فبراير (شباط) في ما وصفته بعملية خاصة لتقويض القدرات العسكرية لجارتها الجنوبية والقضاء على من وصفتهم بالقوميين الخطرين.
وتبدي القوات الأوكرانية مقاومة شديدة، ولم يكشف أي من الجانبين عن عدد الجنود الذين قتلوا.
"حمى" الغرب
قال بوتين، إن الغرب يفشل لأن المحاولة غير المجدية والعدوانية لعزل روسيا بالعقوبات تدمر الاقتصاد العالمي، في وقت تنهض فيه آسيا.
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب عملياتها في أوكرانيا. ويقول بوتين، إن العقوبات أشبه بإعلان الحرب.
وأوضح بوتين، "إنني أتحدث عن حمى عقوبات الغرب، بمحاولته الوقحة والعدوانية لفرض أنماط من السلوك على دول أخرى، لحرمانها من سيادتها وإخضاعها لإرادته".
وأضاف، "أنه في محاولة لمقاومة مجرى التاريخ، تعمل الدول الغربية على تقويض الركائز الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي، الذي تم بناؤه على مدى قرون"، مشيراً إلى أن الثقة في اليورو والدولار والاسترليني آخذة في التراجع.
ومن بين ضيوف المنتدى كبير المشرعين الصينيين لي تشان شو، ثالث أبرز شخصية حالياً في الحزب الشيوعي الصيني. ومن المقرر أن يلتقي بوتين بالرئيس الصيني شي جينبينغ الأسبوع المقبل في أوزبكستان.
وقال بوتين، إن الصين ستدفع ثمن الغاز لشركة "غازبروم" بالعملتين الوطنيتين، حيث سيتم الدفع مناصفة بالروبل الروسي واليوان الصيني.
ودفعت مساعي الغرب لفرض عزلة اقتصادية على روسيا، أحد أكبر منتجي الموارد الطبيعية في العالم، الاقتصاد العالمي إلى مصير مجهول مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وأوضح بوتين أن الاقتصاد الروسي يتأقلم مع ما سماه بالعدوان المالي والتكنولوجي للغرب، لكنه أقر ببعض الصعوبات في بعض الصناعات والمجالات.
وحذر من أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق. وقال إنه سيبحث تعديل اتفاقية الحبوب مع أوكرانيا لوضع قيود على الدول التي يمكنها استقبال الشحنات.
لا عتاد عسكرياً في زابوريجيا
وقال بوتين، الأربعاء، إن موسكو لم تنشر عتاداً عسكرياً في محطة زابوريجيا، التي تسيطر عليها قوات روسية في جنوب أوكرانيا، حيث أثار القصف المتكرر مخاوف من وقوع حادثة نووي.
وأكد أنه "يثق بالتأكيد" في التقرير الذي نشرته الثلاثاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب زيارة مبعوثين لها المحطة، وأوصت فيه بإنشاء منطقة آمنة حول أكبر منشأة نووية في أوروبا.
وقف شحنات الغاز
وأعلن الرئيس الروسي أن بلاده ستوقف شحنات الغاز والنفط للدول التي تحدد سقفاً للأسعار. واعتبر أن تحديد سقف محتمل لأسعار الغاز الروسي من قبل الأوروبيين سيكون "حماقة".
وأضاف، "لن نرسل أي شيء على الإطلاق إذا تعارض مع مصالحنا الاقتصادية، في هذه الحالة لا غاز، لا نفط، لا فحم، لا زيت وقود، لا شيء".
ونفى أن تكون روسيا تستخدم الطاقة "سلاحاً" ضد أوروبا، بعد أيام من توقف شحنات الغاز الروسي عبر خط أنابيب "نورد ستريم".
مضيفاً، "سنبيع الغاز في جميع أنحاء العالم"، على الرغم من العقوبات الغربية التي تهدف لحرمان الكرملين من عائدات الطاقة الحيوية.
وفي حديثه في المنتدى اقتصادي، انتقد أوروبا في شأن وضع حد أقصى لسعر الغاز الروسي ووصفها بأنها خطوة "غبية". وقال إن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإن الطلب العالمي على الطاقة الروسية مرتفع.
واعتبر أن ألمانيا والعقوبات الغربية هي المسؤولة عن عدم تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 1" وأن أوكرانيا وبولندا قررتا بمفردهما إغلاق خطوط الغاز الأخرى إلى أوروبا.
معلناً أن شركة "غازبروم" يمكن أن تستأنف نقل الغاز عبر "نورد ستريم "1 إذا أعيد توربين رئيس إلى روسيا.
وأضاف، أن موسكو وافقت على جميع المعايير الأساسية لبيع الغاز إلى الصين عبر منغوليا
وكرر بوتين، تأكيده على أن الحكومة الأوكرانية "نظام غير شرعي"، قائلاً إنها تشكلت بعد "انقلاب" عام 2014.
"الحرب لن تنتهي هذا العام"
في المقابل، أعلن القائد الأعلى للجيش الأوكراني الأربعاء، السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، أن كل الأسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن الحرب مع روسيا لن تنتهي هذا العام، كما أعلن مسؤوليته عن سلسلة من الضربات على قواعد جوية روسية في شبه جزيرة القرم، بما في ذلك واحدة تسببت في دمار منشأة ساكي العسكرية الشهر الماضي.
وفي مقالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، قال القائد العام للجيش الأوكراني فاليري زالوجني إن الضربات نفذت بصواريخ أو قذائف صاروخية من دون الخوض في التفاصيل، مؤكداً أن 10 طائرات حربية دمرت.
من جهة أخرى اقترح الحزب الحاكم في روسيا الثلاثاء (6 سبتمبر) إجراء استفتاء في المناطق الأوكرانية التي تحتلها القوات الروسية لضمها إلى روسيا في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقال الحزب الذي يتزعمه الرئيس فلاديمير بوتين إن الأمين العام لمجلس روسيا المتحدة أندريي تورتشاك أكد أن "دونيتسك ولوغانسك وكثيراً من المدن الروسية الأخرى ستتمكن من العودة لبر الأمان، والعالم الروسي الذي تقسمه راهناً حدود رسمية سيستعيد وحدة أراضيه". يذكر أن روسيا ستحتفل في الرابع من نوفمبر المقبل بيوم الوحدة الوطنية.
تحذير أوكراني
من ناحية أخرى، حذرت الوكالة الأوكرانية المسؤولة عن الأمن النووي، الأربعاء، من أن وقوع حادثة نووي في محطة زابوريجيا للطاقة، لا يهدد أوكرانيا وحدها بل الدول المجاورة أيضاً.
وقال رئيس هذه الهيئة بالنيابة أوليغ كوريكوف، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، إنه في حال حدوث أضرار في قلب المفاعل "ستكون هناك عواقب ليس على أوكرانيا وحدها بل وبوضوح عواقب خارج الحدود".
وأضاف، أن هذه المحطة الواقعة في جنوب البلاد والمنفصلة حالياً عن شبكة الكهرباء قد تصبح في وضع يتم فيه تزويد أنظمتها الأمنية بالطاقة الاحتياطية التي تعمل بالديزل. وتابع، "لكن في زمن الحرب من الصعب جداً إعادة ملء احتياطات الديزل"، التي تحتاج إلى أربعة خزانات منها يومياً.
وقال المسؤول نفسه، "من المحتمل أن نجد أنفسنا في مواجهة نقص في الديزل ما قد يؤدي إلى وقوع حادثة يضر بقلب المفاعل، بالتالي إطلاق مواد مشعة في البيئة".
ويرى خبراء أن فقدان التغذية الكهربائية للمفاعلات قد يؤدي إلى توقف تبريدها وانصهار قلب المفاعل.
توضيحات من "الطاقة الذرية"
في الأثناء، طلبت روسيا "توضيحات" من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تقريرها حول الوضع في محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا، بحسب ما ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الربعاء السابع من سبتمبر (أيلول).
وقال لافروف لوكالة "انترفاكس"، "هناك حاجة للحصول على توضيحات إضافية، لأن التقرير يضمّ عدداً من علامات الاستفهام (...) طلبنا توضيحات من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ميدانيا، تعرضت مدينة إنرغودار التي تقع فيها محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب شرقي أوكرانيا للقصف، مساء الثلاثاء السادس من سبتمبر، بعد ساعات من نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية دعا إلى إقامة "منطقة آمنة" حول الموقع الذي يسيطر عليه الروس.
وقال دميترو أورلوف رئيس البلدية الموالي لكييف في المنفى عبر "تلغرام"، "حالياً هناك انفجارات في مدينة إنرغودار، الاستفزازات مستمرة، هناك قصف من قبل المحتلين".
ويرفض المسؤولون عن الاحتلال الروسي في المنطقة هذه التأكيدات ويتهمون الجيش الأوكراني بالقيام بأعمال القصف.
ودعا أورلوف سكان المدينة البالغ عددهم 50 ألفاً قبل الحرب، إلى "البقاء في ملاجئهم" لحماية أنفسهم.
وأكد رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندري ييرماك عبر "تويتر"، أن "الاستفزازات الروسية في إنرغودار، حول موقع محطة الطاقة النووية، لن تنجح". وقال، "يجب الرد بقوة على التلاعبات (الروسية) القائلة: ارفعوا العقوبات كي تحصلوا على الغاز".
من جانبه، رفض فلاديمير روغوف عضو الإدارة الموالية للاحتلال الروسي في منطقة زابوريجيا هذه المزاعم، مشيراً إلى أن "قصف القوات المسلحة الأوكرانية" أدى إلى "انقطاع ثان للتيار الكهربائي" خلال النهار في إنرغودار.
ويتعرض موقع محطة زابوريجيا النووية ومحيطه في إنرغودار للقصف منذ عدة أسابيع، بينما تتبادل كييف وموسكو الاتهامات في شأن المسؤولية عن هذه الضربات.
ونشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الثلاثاء، تقريراً بعد زيارة فريق تابع لها إلى المكان، ودعت إلى إقامة "منطقة أمنية" لمنع وقوع حادث نووي.
وقالت الوكالة الأممية، "لا يمكن للوضع الحالي أن يستمر"، في الوقت الذي تخضع فيه المحطة للاحتلال الروسي كما تقع قرب خط المواجهة.
نزع السلاح حول محطة زابوريجيا
حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، روسيا وأوكرانيا على الاتفاق على محيط منزوع السلاح حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وقال غوتيريش لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "في خطوة أولى، يجب على القوات الروسية والأوكرانية الالتزام بعدم الانخراط في أي نشاط عسكري تجاه موقع المحطة أو من موقع المحطة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "في خطوة ثانية، ينبغي إبرام اتفاق بشأن محيط منزوع السلاح، ويشمل ذلك على وجه الخصوص التزام القوات الروسية بسحب جميع الجنود والمعدات العسكرية من ذلك المحيط والتزاماً من القوات الأوكرانية بعدم الدخول إليه".
روسيا "تأسف" لإحجام تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول زابوريجيا عن اتهام أوكرانيا
أسف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، الثلاثاء، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي لكون تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول زابوريجيا أحجم عن اتهام أوكرانيا التي تعتبرها موسكو مسؤولة عن قصف محطة زابوريجيا النووية.
وأوضح فاسيلي نيبينزيا، "نأسف لعدم ذكر مصدر عمليات القصف هذه مباشرة (...) في تقريركم هذا"، معتبراً أن التقرير الذي عرضه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المجلس عن بعد "تأكيد" على أن "التهديد الوحيد" لهذا الموقع يأتي "من عمليات القصف والتخريب التي ترتكبها القوات المسلحة الأوكرانية".
واشنطن تتهم موسكو بشراء أسلحة من بيونغ يانغ
واتهمت الولايات المتحدة روسيا بشراء كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر من كوريا الشمالية لاستخدامها في أوكرانيا، في انتهاك محتمل للحظر الأممي المفروض على بيونغ يانغ.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الجنرال بات رايدر للصحافيين، "لدينا معلومات مفادها أن روسيا تواصلت مع كوريا الشمالية لطلب ذخائر منها". وأضاف، "هذا الأمر يدل على الوضع الذي تجد فيه روسيا نفسها في ما يتعلق باللوجيستيات والإمدادات".
وتابع، "نعتقد أن الأمور تسير بشكل سيء بالنسبة لروسيا على هذا الصعيد".
وأتى تصريح المتحدث باسم البنتاغون بعد أن كان مسؤول أميركي قال بشرط عدم نشر اسمه، إن "وزارة الدفاع الروسية تحصل على صواريخ وقذائف مدفعية بملايين الدولارات من كوريا الشمالية لاستخدامها في ساحة المعركة في أوكرانيا".
وأضاف المسؤول، أن عمليات الشراء هذه "تدل على أن الجيش الروسي لا يزال يواجه نقصاً حاداً سببه جزئياً العقوبات" التي فرضها الغربيون على موسكو.
ليز تراس تقبل دعوة لزيارة أوكرانيا
تحدثت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أول اتصال لها مع زعيم أجنبي، وقبلت دعوة لزيارة أوكرانيا مؤكدة دعمها البلاد في حربها مع روسيا.
وبريطانيا واحدة من أكبر الداعمين الدوليين لأوكرانيا إذ أرسلت ما يقرب من سبعة آلاف سلاح مضاد للدبابات ومئات الصواريخ وعربات القتال المدرعة، كما تدرب الجنود الأوكرانيين.
وجاء في بيان أرسله مكتب تراس أن "رئيسة الوزراء تحدثت إلى رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي هذا المساء لتأكيد دعم المملكة المتحدة الثابت لحرية وديمقراطية أوكرانيا".
وأضاف البيان، "قالت رئيسة الوزراء إنها تتطلع إلى العمل مع الرئيس (الأوكراني) في الأسابيع والأشهر المقبلة، وإنها مسرورة لقبول دعوة لزيارة الرئيس زيلينسكي في أوكرانيا قريباً".