أعلن الجيش الأوكراني، السبت العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي، أنه دخل بلدة كوبيانسك، شرق أوكرانيا، المهمة للإمدادات، وسيطرت عليها القوات الروسية منذ أشهر عدة.
ونشرت القوات الخاصة الأوكرانية صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي تقول إنها لعناصرها "في كوبيانسك التي كانت وستظل أوكرانية".
ونشر مسؤول إقليمي صورة منفصلة لجنود أوكرانيين في البلدة الأوكرانية البالغ عدد سكانها نحو 27 ألف نسمة، وكتب "كوبيانسك هي أوكرانيا".
وتتقدم القوات الأوكرانية في بعض مناطق الجبهة الجنوبية عشرات الكيلومترات إلى أراضٍ استولت عليها القوات الروسية في بداية الحرب، بحسب ما أعلنت متحدثة عسكرية، السبت.
وقالت المتحدثة باسم القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني نتاليا غومينوك لوسائل إعلام محلية، "جنودنا يتقدمون على طول خطوط الجبهة الجنوبية في مختلف القطاعات بين كيلومترين وعشرات الكيلومترات".
كما أعلن جهاز الأمن الأوكراني، السبت، أن وحداته دخلت بلدة كوبيانسك في أول تأكيد رسمي من كييف لدخول قواتها إلى البلدة.
مكاسب سريعة
وحققت أوكرانيا مكاسب سريعة في عملية مضادة مفاجئة في منطقة خاركيف، شمال شرقي البلاد، إذ تجاوزت بعمق الخطوط الروسية.
نشر مسؤولون أوكرانيون صوراً، السبت، تظهر جنوداً يرفعون علم البلاد في البلدة التي تعد مركزاً للسكك الحديدية الرئيسة، والتي تستخدم في توصيل الإمدادات للقوات الروسية في شمال شرقي أوكرانيا، حيث ينذر انهيار في الجبهة الروسية بالتحول إلى هزيمة.
وشاهد صحافي من "رويترز" داخل منطقة شاسعة استعادت قوات كييف السيطرة عليها في الأيام الماضية، الشرطة الأوكرانية تقوم بدوريات في البلدات، إضافة إلى صناديق ذخيرة ملقاة متراكمة في مواقع هجرها الجنود الروس الفارون.
ومع وصول الأوكرانيين الآن إلى مدينة كوبيانسك، حيث تتلاقى خطوط السكك الحديدية التي تربط روسيا بشرق أوكرانيا، زاد التقدم على طول طريق ممر موسكو اللوجيستي الرئيس، ما يحتمل أن يتسبب في حصار الآلاف من القوات الروسية.
وشاركت مستشارة رئيس مجلس خاركيف المحلي ناتاليا بوبوفا صوراً على "فيسبوك" لجنود يرفعون العلم الأوكراني أمام مجلس مدينة كوبيانسك، وظهر علم روسي ملقى عند أقدامهم، وكتبت في التعليق على الصور "كوبيانسك أوكرانية، المجد للقوات المسلحة الأوكرانية".
وفي هراكوف، وهي واحدة من عشرات القرى التي تمت استعادتها، شاهد صحافيو "رويترز" سيارات محترقة تحمل رمز الحرب الروسية "زد"، وأكوام قمامة وذخيرة في مواقع تركها الروس على عجل.
وحملت الجدران رسائل مرسومة بالرذاذ من بينها، "مرحباً بالجميع، نحن من روسيا".
كما كانت هناك ثلاث جثث في أكياس جثامين بيضاء في فناء.
وقال رئيس الشرطة المحلي فولوديمير تيموشينكو إن الشرطة الأوكرانية تحركت في اليوم السابق، وفحصت هويات السكان المحليين الذين عاشوا تحت السيطرة الروسية منذ اليوم الثاني للحرب.
وأوضح أن "المهمة الأولى هي تقديم المساعدة التي يحتاجون إليها، والمهمة التالية هي توثيق الجرائم التي ارتكبها الروس في الأراضي التي احتلوها موقتاً".
ومن المحتمل أن تؤدي سيطرة القوات الأوكرانية على جزء على الأقل من كوبيانسك في حالة تأكيد ذلك إلى ترك آلاف الجنود الروس محاصرين على خط المواجهة محرومين من الإمدادات. ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق بشكل مستقل من الوضع في المدينة.
تحرير 30 مستوطنة
وسيطرت أوكرانيا على مساحة شاسعة من الأراضي في الشرق خلال الأيام الماضية في أسرع تقدم لها منذ أن تغلبت على الهجوم الروسي على العاصمة كييف في مارس (آذار).
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب فيديو الليلة الماضية إنه تم تحرير 30 مستوطنة على الأقل في منطقة خاركيف.
واعترفت موسكو بأن جبهتها القتالية اهتزت في خاركيف، لكنها قالت إنها تسرع بإرسال قوات إضافية لتعزيز المنطقة.
ووصف رئيس الإدارة التي عينتها روسيا في المناطق المسيطر عليها في خاركيف، فيتالي جانتشيف، التقدم بأنه انتصار أوكراني، ودعا المدنيين إلى الفرار.
وقتل عشرات الآلاف ونزح الملايين من ديارهم في أوكرانيا ودمرت القوات الروسية مدنا بأكملها منذ أن شنت ما تسميه موسكو "عملية عسكرية خاصة" لـ"نزع السلاح" في أوكرانيا. وتنفي روسيا استهداف المدنيين عمداً.
وزيرة خارجية ألمانيا في كييف
من ناحية أخرى، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى كييف، السبت، في زيارة غير معلنة، تسعى من خلالها كما قالت، إلى إظهار دعم برلين الراسخ لأوكرانيا في الحرب التي تشنها روسيا عليها. وقالت في بيان "توجهت إلى كييف، السبت، لأظهر أن بإمكانهم الاعتماد علينا. سنواصل وقوفنا إلى جانب أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياً من خلال إمدادات الأسلحة والدعم الإنساني والمالي".
وهذه ثاني زيارة للوزيرة الألمانية إلى كييف منذ بدء الحرب الروسية لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.
وإلى جانب المساعدات المالية والعسكرية، تريد ألمانيا مؤازرة كييف في عمليات إزالة الألغام "وإلقاء الضوء على جرائم حرب مرتكبة، خصوصاً من خلال إرسال خبراء بينهم مدعٍ عام" على ما جاء في بيان الوزيرة.
وأضافت، "من الواضح بالنسبة إليّ أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يعول على أننا سنمل من معاناة أوكرانيا".
إلا أن ألمانيا وفق ما أكدت الوزيرة ستبقى إلى جانب الأوكرانيين "الذين يحاربون العدوان الروسي، ليس للدفاع عن حقهم الإنساني بالسلام والحرية، بل أيضاً للدفاع عن السلام الأوروبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان موقف ألمانيا الذي بقي لفترة مبهماً حيال روسيا إثر حربها أوكرانيا قبل ستة أشهر وإحجام برلين أولاً عن توفير الدعم العسكري لكييف، قد أثارا غضب حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلا أن الوضع تحسن بعد ذلك. ويؤكد المستشار الألماني أولاف شولتز أنه يريد أن تتولى بلاده "مسؤولية خاصة" في مساعدة أوكرانيا وتعزيز قدراتها المدفعية ودفاعاتها الجوية.
ويبدو أن حقبة جديدة أقل توتراً في العلاقات الثنائية بوشرت، وتتمثل في وصول سفير أوكراني جديد قريباً إلى برلين. وكان سلفه أندريه ملنيك قد انتقد بقوة على مدى أشهر موقف ألمانيا من روسيا.
مواصة مد أوروبا بالغاز
في موازاة ذلك، قالت شركة "غازبروم" الروسية إنها ستشحن 42.4 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانيا اليوم السبت، مقارنةً مع 42.5 مليون متر مكعب في اليوم السابق الجمعة، ما يعكس استقراراً في تلك الإمدادات الروسية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن الجمعة أن قوات بلاده استعادت 30 بلدة من القوات الروسية في شمال شرقي البلاد، حيث أرسلت موسكو تعزيزات لمواجهة هذا الهجوم.
وقال زيلينسكي في مقطع مصور بث على الشبكات الاجتماعية "في الوقت الراهن، حررت القوات المسلحة الأوكرانية وسيطرت على أكثر من 30 بلدة في منطقة خاركيف" الحدودية مع روسيا.
روسيا ترسل تعزيزات إلى خاركيف
وأعلن الجيش الروسي الجمعة إرسال تعزيزات باتجاه خاركيف في أوكرانيا رداً على خرق حققته القوات الأوكرانية في هذه المنطقة الواقعة عند الحدود مع روسيا.
وأعلنت كييف الخميس أنها استعادت حوالى ألف كيلومتر مربع في هذه المنطقة الواقعة في شمال شرقي أوكرانيا في الأيام الأخيرة، لا سيما مدينة بالاكليا، إضافة إلى نحو 20 بلدة. وقال رئيس أركان الجيش الأوكراني فاليري زالوجني عبر "تليغرام" "إنها مهمة صعبة لكننا نحرز تقدماً".
في بلدة غراكوفي قرب خاركيف التي استعيدت من القوات الروسية قبل يومين، رأى مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية الجمعة الدمار الذي يشهد على ضراوة المعارك، بينما شرعت الشرطة في نبش جثتين ربما ضحايا جريمة حرب روسية.
قال أناتولي فاسيليف (61 سنة) وهو من السكان القلائل الذين ظلوا في غراكوفي "كان الأمر مخيفاً، كان القصف والانفجارات في كل مكان".
وعلى الرغم من مكاسب القوات الأوكرانية، حث حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينغوبوف السكان الذين غادروا على عدم العودة بسبب أزمة كهرباء وغاز في البلدات التي استعيدت من الروس.
من جهتها، أفادت وسائل إعلام روسية عن نشر تعزيزات في هذا الاتجاه وبثت مقاطع فيديو تظهر مدرعات ومدافع وشاحنات تسير بأعداد كبيرة على طرق لم يحدد مكانها، ولم تعلق موسكو على هذا الانتشار واكتفت ككل يوم بذكر الخسائر الفادحة التي ألحقها الجيش الروسي بالقوات الأوكرانية.
تقدم أوكراني
من بروكسل، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن نشر موسكو تعزيزات يظهر أن روسيا تدفع "ثمناً باهظاً".
وكدليل على التقدم الأوكراني، أعلنت السلطات الموالية لروسيا في الأراضي المحتلة في المنطقة، الجمعة، إجلاء السكان إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة موسكو أو إلى روسيا.
قال المسؤول الكبير في إدارة الاحتلال الروسي فيتالي غانتشيف لقناة "روسيا 24" الجمعة، إن "معارك شرسة" تدور حول مدينة بالاكليا التي ذكرت كييف الخميس أنها استعادتها.
وأضاف "لم نعد نسيطر على بالاكليا، محاولات طرد القوات الأوكرانية قائمة لكن المعارك هناك شرسة وقواتنا عالقة عند أطراف المدينة".
وذكر أن معارك تدور أيضاً قرب بلدة شيفتشينكوفي في منطقة خاركيف. وأضاف "تحاول القوات المسلحة الأوكرانية اختراق خطوط الدفاع، تم إرسال جنود احتياط من روسيا إلى هناك وقواتنا ترد".
وفي حصيلته المسائية أكد الجيش الأوكراني أنه يلحق "خسائر كبيرة بالعدو".
تقع خاركيف عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه (المدينة الثانية) في أوكرانيا في شمال شرقي البلاد عند الحدود مع روسيا مباشرة، وتقاوم منذ بداية الهجوم في الـ24 من فبراير (شباط).
من جهتها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن "انقطاع كامل للتيار الكهربائي" في بلدة إنرغودار الأوكرانية، حيث تقع محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهو وضع "يؤثر في سلامة العمليات".
إضافة إلى الاختراق في هذه المنطقة، أعلنت كييف أيضاً الخميس سلسلة انتصارات في الجنوب والشرق، مؤكدة أنها استولت على مناطق وبلدات عدة، وفي حال عززت هذه المكاسب الأوكرانية ستعد الأهم بالنسبة إلى كييف منذ انسحاب القوات الروسية من ضواحيها في نهاية مارس (آذار).
وفي حوض دونباس للتعدين في شرق أوكرانيا حيث دارت أعنف المعارك في الأشهر الأخيرة، أكدت كييف الخميس أن قواتها تقدمت مسافة كيلومترين إلى ثلاثة كيلومترات قرب كراماتورسك وسلوفيانسك واستعادت السيطرة على بلدة أوزيرني.
على بعد 45 كيلومتراً في باخموت، قتل ثمانية مدنيين الخميس وأصيب 17 آخرون في ضربات روسية، بحسب السلطات الأوكرانية.
وبحسب الحاكم المحلي بافلو كيريلينكو، فإن باخموت التي كان عدد سكانها 70 ألفاً قبل اندلاع النزاع في أواخر فبراير محرومة من الماء والكهرباء لليوم الرابع على التوالي.
وخلال زيارة لبراغ، أشاد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بالانتصارات الأخيرة التي حققتها أوكرانيا، مشيراً إلى أن الأسلحة الغربية مثل "HIMARS" الأميركية، استخدمت "لتغيير المعادلة في ساحة المعركة". وقال "نشهد الآن نجاحاً في خيرسون (جنوب) وفي خاركيف ولهذا السبب الأمور مشجعة للغاية".
أما وزير الخارجية الأميركي فوصل إلى بروكسل لحضور اجتماع مع حلف شمال الأطلسي وينوي التشديد على "وحدة" أعضاء المنظمة "لضمان أن يكون تحالفنا قوياً قدر الإمكان لردع روسيا عن أي عدوان جديد".
350 مليار دولار لإعادة البناء
جاء في تقرير أصدره البنك الدولي والحكومة الأوكرانية والمفوضية الأوروبية الجمعة، أن الهجوم الروسي على أوكرانيا تسبب في أضرار مباشرة تزيد قيمتها على 97 مليار دولار حتى أول يونيو (حزيران) لكن إعادة البناء يمكن أن تتكلف 350 مليار دولار.
وقال التقرير إن أوكرانيا تكبدت 252 مليار دولار أخرى تمثلت في تعطل التدفقات الاقتصادية وتعطل الإنتاج علاوة على النفقات الإضافية المرتبطة بالحرب في الوقت الذي يُتوقع فيه أن يتسبب نزوح ثلث الأوكرانيين من ديارهم في زيادة معدل الفقر إلى 21 في المئة ارتفاعاً من اثنين في المئة فقط قبل الحرب.
وإجمالاً قدر التقرير احتياجات إعادة البناء بما يصل إلى 349 مليار دولار حتى الأول من يونيو، وهو ما يزيد بمقدار 1.6 على حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الذي بلغ 200 مليار دولار في عام 2021.
ومطلوب من هذا المبلغ 105 مليارات دولار على المدى القصير لمواجهة الأولويات الملحة مثل إعادة بناء آلاف المدارس المهدمة أو المدمرة وأكثر من 600 مستشفى.
ومن الضروري أيضاً الاستعداد للشتاء المقبل الذي يرجح أن يكون قاسياً، وذلك بإصلاح البيوت واستعادة أنظمة التدفئة وشراء الغاز. وجاء في التقرير أن جميع الأرقام أولية وأن من المرجح أن ترتفع مع استمرار الحرب.