صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت الـ10 من سبتمبر (أيلول) الحالي، لدى تفقده مناطق من جنوب باكستان غمرتها الفيضانات، بأنه لم يشهد من قبل "مجزرة مناخية" بهذا الحجم، ملقياً اللوم على الدول الغنية.
وقضى نحو 1400 شخص في باكستان منذ يونيو (حزيران) جراء الفيضانات التي زاد الاحترار المناخي من شدتها.
وقال غوتيريش خلال مؤتمر صحافي عقده في مرفأ كراتشي بعد أن تفقد الخراب في المناطق التي اجتاحتها المياه في جنوب باكستان، "رأيت كثيراً من الكوارث الإنسانية في العالم، لكنني لم أشهد يوماً مجزرة مناخية بهذا الحجم".
وأضاف، "لا أجد كلاماً لوصف ما شاهدته اليوم".
ثلث البلاد نحو مجهول
ونتجت الفيضانات من أمطار موسمية غزيرة وغمرت ثلث البلاد فأتت على محاصيل ومساكن ومؤسسات تجارية وطرقات وجسور. ويأمل غوتيريش أن تسهم زيارته في حشد الدعم لباكستان التي تقدر حاجاتها بما لا يقل عن عشرة مليارات دولار لإصلاح أو إعادة بناء البنى التحتية المتضررة أو المدمرة، وهو مبلغ لا يمكن للبلد جمعه بمفرده في وقت يواجه فيه أعباء ديون فادحة.
وقال إن "الدول الغنية تتحمل مسؤولية أخلاقية أن تساعد الدول النامية مثل باكستان على النهوض من كوارث كهذه والتكيف من أجل الصمود حيال الكوارث المناخية التي ستتكرر للأسف في المستقبل".
وأشار إلى أن دول "مجموعة الـ20" تتسبب اليوم بـ80 في المئة من انبعاثات الغازات ذات مفعول الدفيئة.
حرب على الطبيعة
وتعد باكستان مسؤولة عن أقل من واحد في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، لكنها الثامنة على قائمة وضعتها منظمة "جيرمان ووتش" غير الحكومية للدول الأكثر عرضة لخطر الظواهر القصوى الناجمة عن التغير المناخي.
وطالت الفيضانات أكثر من 33 مليون شخص باتوا مشردين وعاجزين عن تأمين حاجاتهم الأساسية، في حين دمرت نحو مليوني منزل ومؤسسة تجارية، وغمرت 7000 كيلومتر من الطرق وجرفت 500 جسر.
وكان غوتيريش قد ندد، الجمعة، بلامبالاة العالم، وخصوصاً الدول الصناعية الكبرى حيال التغير المناخي، معلناً بعد وصوله إلى باكستان، "إنه ضرب من الجنون، إنه انتحار جماعي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعزو إسلام آباد الفيضانات الكاسحة التي طاولت أكثر من 33 مليون نسمة إلى التغير المناخي الذي يزيد من شدة الظواهر المناخية القصوى في جميع أنحاء العالم.
وجدد غوتيريش انتقاداته، السبت، فكتب في تغريدة أن "باكستان ودول نامية أخرى تدفع ثمناً مروعاً لتعنت الدول الكبرى المسببة لانبعاثات غازات الدفيئة، والتي تواصل الاعتماد على الطاقات الأحفورية".
وتابع، "من إسلام آباد، أوجه نداء إلى العالم، أوقفوا هذا الجنون. استثمروا منذ الآن في الطاقات المتجددة. أوقفوا الحرب على الطبيعة".
وقالت الثلاثينية المقيمة في قرية غمرتها الفيضانات قرب سوكور (جنوب)، روزينة سولانجي، الجمعة، "جميع الأطفال والرجال والنساء معرضون لهذا الحر الخانق. ليس لدينا طعام ولا سقف فوق رؤوسنا. يجب القيام بمبادرة من أجل الفقراء".
مخيمات مرتجلة ويائسون
وسجلت البلاد هذه السنة معدل أمطار موسمية يزيد بخمسة أضعاف على المعتاد، بحسب مصلحة الأرصاد الجوية. وتسببت الأمطار بفيضان الأنهار في الشمال الجبلي، فجرفت المياه خلال دقائق كثيراً من الطرقات والجسور والمباني، وتراكمت في سهول الجنوب وغمرت مئات آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي. وأقيمت مئات المخيمات فوق المساحات الجافة النادرة المتبقية في جنوب البلاد وغربها. وغالباً ما تكون الطرقات أو السكك الحديدية المرتفعة المواقع الأخيرة التي لم تغمرها المياه.
وتسود مخاوف من ظهور أوبئة مع تكدس الناس ومواشيهم في هذه المخيمات المرتجلة، ولا سيما أنه تم الإبلاغ عن حالات ملاريا وجرب.
وتوقف غوتيريش خلال جولته القصيرة في بعض هذه المخيمات، والتقى أناساً يائسين بينهم امرأة ولدت طفلاً في الليلة السابقة. كما تفقد بعد ذلك مدينة موهنجو - دارو التاريخية المدرجة على قائمة "اليونيسكو" للتراث العالمي، والتي تعرضت لأضرار جراء الأمطار الغزيرة.