قبل أسبوعين من موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في إيطاليا تبدو جورجيا ميلوني في طريقها لتحقيق فوز كاسح لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة أول حكومة يمينية متشددة في البلاد.
ويضم الائتلاف اليميني حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) ذا الجذور الفاشية و"الرابطة" المناهض للهجرة بزعامة ماتيو سالفيني و"فورتسا إيطاليا" بزعامة سيلفيو برلوسكوني، ويتوقع أن يحصل على 46 في المئة من الأصوات.
وأفاد استطلاع أجراه "يوتريند" قبل حظر يسبق الاقتراع أن اليسار بقيادة الحزب الديمقراطي يبدو في طريقه للفوز بـ28.5 في المئة من الأصوات، بينما قد تحصل "حركة 5 نجوم" الشعبوية على 13 في المئة.
هزيمة مرتقبة
في خطوة مفاجئة أقر زعيم الحزب الديمقراطي إنريكو ليتا بالهزيمة هذا الأسبوع، لكنه حض الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد على اختيار حزبه أو المخاطرة بإهداء اليمين فوزاً ساحقاً سيتيح له تعديل الدستور.
وقال المحامي برناردو (55 سنة) الذي رفض الإفصاح عن اسم عائلته، "سأصوت لميلوني"، مبدياً رغبته في "تلقين الحزب الديمقراطي درساً" بسبب حملته الانتخابية السلبية القائمة على "كراهية الآخرين".
وتمت الدعوة إلى الانتخابات المبكرة عقب استقالة رئيس الوزراء ماريو دراغي في يوليو (تموز) بعد أن سحبت ثلاثة أحزاب في ائتلافه دعمها له، ما أدخل إيطاليا في وضع ضبابي بينما تعاني تضخماً وجفافاً قياسياً.
حلول لأزمة الطاقة
وتعهد الائتلاف اليميني بحلول باهظة التكلفة لأزمة الطاقة وغلاء المعيشة التي تعصف بثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، من دون توضيح كيفية تمويل خططه.
وخصص الاتحاد الأوروبي نحو 200 مليار يورو لتمويل تعافي إيطاليا بعد الوباء، علماً بأن لديها ثاني أعلى دين عام في منطقة اليورو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت ميلوني البالغة 45 سنة التي برزت كشخصية صريحة وقوية، إنها ستعيد التفاوض على هذا الاتفاق الذي يشترط تنفيذ إيطاليا سلسلة إصلاحات.
ويصر الائتلاف اليساري على أن هذا التمويل معرض للخطر إذا فاز اليمين.
انتخابات سابقة ومصاعب راهنة
وفي انتخابات 2018، فاز حزب "إخوة إيطاليا" بأكثر بقليل من أربعة في المئة من الأصوات، لكن الاستطلاعات باتت تشير إلى أن هذا الرقم ارتفع إلى 24 في المئة على الرغم من أن أصوله تعود إلى "الحركة الاجتماعية الإيطالية" التي شكلها أنصار الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني بعد الحرب العالمية الثانية.
وجذبت ميلوني الإيطاليين بشعارها "الله والبلد والعائلة"، لتخطف أنصار سالفيني الذي كان يحظى بشعبية في الماضي، ويقول محللون إنه حدد مصيره السياسي بيده عندما قام بمناورة فاشلة من أجل الوصول إلى رئاسة الوزراء عام 2019.
وتعهدت خفض الضرائب وتخفيف البيروقراطية وزيادة الإنفاق الدفاعي وإغلاق حدود إيطاليا من أجل حمايتها من "الأسلمة"، فضلاً عن إعادة التفاوض على معاهدات أوروبية بهدف منح روما مزيداً من السلطة ومحاربة "مجموعات ضغط من مجتمع الميم".
مخاوف أوروبية
ومن شأن انتصار لليمين أن يمثل "خطراً كبيراً" للاتحاد الأوروبي، وفق ما أفاد ليتا الصحافة الفرنسية في أغسطس (آب)، إذ لم تكن هناك "قط دولة أوروبية رئيسة تديرها قوى سياسية تناهض بهذا القدر من الوضوح فكرة مجتمع أوروبي".
ويعاني اليمين من انقسامات عميقة على خلفية الهجوم الروسي، إذ أيدت ميلوني إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بينما يعارض سالفيني الذي لطالما كان من المعجبين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات.
بدورهم، يسعى اليساريون لإكمال ما بدأه دراغي المؤيد لأوروبا.
ويقول محللون إن دعوات اليسار للاستمرارية أقل إقناعاً بالنسبة إلى الناخبين الفقراء الذين يعانون القلق في إيطاليا المغرقة بالديون، إذا ما قورنت بوعود التغيير.
وأشارت الخبيرة السياسية الإيطالية ناديا أوروبيناتي في تصريح لصحيفة "دوماني" الخميس إلى أنه "ما زال هناك هامش للمفاجآت"، خصوصاً إذا ما أخذ في الاعتبار بأن نحو 20 في المئة من الناخبين الذين يحق لهم التصويت لم يحسموا قرارهم بعد، بحسب الاستطلاعات.