لم يمنع المسؤولون في قصر باكنغهام أنفسهم من الابتسامة الخفيفة حين تلقوا برقية تعزية في وفاة الملكة إليزابيث الثانية من الرئيس الصيني شي جينبينغ، إذ تذكر هؤلاء كيف كانت الملكة مستاءة خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الزعيم الصيني لبريطانيا عام 2015، وعبرت عن ذلك في حفلة بحديقة القصر في العام التالي، والتقط ميكروفون الكاميرا حديثها الذي تسرب للإعلام. وبدا إحساس الملكة الراحلة وقتها عكس ما كان يصرح به رئيس الوزراء في ذلك الوقت ديفيد كاميرون ووزير خزانته جوروج أوزبورن عن "عصر ذهبي" للعلاقات بين بريطانيا والصين.
وفي برقية تعزية للملك تشارلز الثالث أعرب الرئيس الصيني عن "تعاطفه العميق مع العائلة المالكة البريطانية والحكومة والشعب البريطاني"، بحسب ما ذكرته وكالة "شينخوا" الرسمية الصينية للأنباء. وأشار الرئيس شي في رسالته إلى أن الملكة الراحلة كانت أول عاهل بريطاني يزور الصين.
ونشر السفير الصيني لدى بريطانيا زنغ زيغوانغ على حسابه في موقع "تويتر" صورة للملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب عند سور الصين العظيم عام 1986، وكان ذلك قبل ثلاث سنوات من تظاهرات ميدان تيانانمين وما تلاه من قتل المحتجين.
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية هيمن خبر وفاة الملكة إليزابيث على عناوين وسائل الإعلام في الصين وأصبح منذ يوم الجمعة الموضوع الأكثر بحثاً عنه على مواقع التواصل الصينية. فعلى موقع "ويبو"، وهو مثل "تويتر" في الصين، كان 20 موضوعاً من أكثر 50 موضوعاً بحثاً لها علاقة بوفاة الملكة، لكن ذلك لم يمنع من وجود تعليقات تلوم من يتحدثون عن وفاة ملكة بريطانيا مطالبين بأنه على الشعب الصيني أن يتذكر الزعيم ماو تسي تونغ الذي وافق يوم الجمعة أيضاً ذكرى وفاته الـ46.
وقحون وغير معقولين
في حفل الحديقة بالقصر في عام 2016، التقت الملكة قائدة الشرطة وقتها لوسي دورسي. وعندما علمت أنها كانت المسؤولة عن العملية الأمنية خلال زيارة الرئيس الصيني في العام السابق قالت الملكة "يا لحظك السيئ"، وأثناء الحديث قالت الملكة إن المسؤولين الصينيين كانوا "وقحين مع السفيرة (البريطانية في الصين)" خلال إعداد ترتيبات الزيارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين قالت دورسي للملكة إنه خلال مناقشة الترتيبات الأمنية مع المسؤولين الصينيين غادروا الاجتماع وقالوا إن الزيارة ألغيت ردت الملكة بالقول، "غير معقولين". وكانت ترتيبات الزيارة شهدت مشاحنات بين المسؤولين الصينيين ومسؤولي الأمن والمراسم البريطانيين، خرجت في كثير من الأحيان عن سياق الدبلوماسية وأعراف التعامل في تلك الحالات.
ومن بين تلك الأمور شكوى المسؤولين الصينيين من ترتيبات الأمن باستمرار ومحاولتهم أن يتولوا قيادة عملية ترتيب وتأمين المناسبات في بريطانيا على عكس العرف التقليدي أن يتولى البلد المضيف وأجهزته تلك المهمات. وفي إحدى المرات تذمر المسؤولون الصينيون من أن السجادة الحمراء التي فرشت في استقبال الرئيس الصيني كانت "قصيرة جداً".
ليس هذا فحسب بل إن السفارة الصينية أحضرت كميات هائلة من الإعلام لتوزيعها بحيث ترفع في كل مكان ينتقل إليه الرئيس شي جينبينغ، وذلك للتغطية على أي أعلام ترفع، تحديداً من قبل انفصاليي التيبت. ولا يتفق ذلك مع تقاليد البروتوكول الدبلوماسي التقليدي، لكن في النهاية سمح البريطانيون بذلك.
ليس هذا فحسب بل إن المعارضين الصينيين في بريطانيا اتهموا السلطات البريطانية وقتها بأنها "تقوم بمهمات الديكتاتور شي"، فقد اعتقلت الشرطة البريطانية شاو جيانغ، وهو أحد الناجين من مجزرة ميدان تيانامين حين تظاهر أمام "مانشن هاوس" حيث كان الرئيس شي سيشارك في مناسبة هناك. وحمل المعارض الصيني لافتات من قبيل "الديمقراطية الآن" و"أنهوا حكم الفرد"، وبعد إلقاء القبض عليه فتشت الشرطة مسكنه وصادرت بعض أغراضه مثل جهاز الكمبيوتر الخاص به. كذلك اعتقلت الشرطة وقت الزيارة قبل سبع سنوات امرأتين من إقليم التيبت بعد أن حاولتا التلويح بأعلام التيبت أثناء مرور موكب الرئيس شي.