أيام قليلة ويبدأ العام الدراسي الجديد في مصر وسط أزمات اقتصادية مشتعلة في العالم كله ألقت بتأثيراتها في كل شيء بما في ذلك قطاع التعليم، فكلفة المصروفات والملابس والأدوات المدرسية بكل أشكالها أصبحت عبئاً كبيراً على الأسر المصرية في ظل الارتفاع الكبير للأسعار.
وبات التعليم أحد البنود التي تلتهم جزءاً كبيراً من موازنة الأسر، حتى وإن ألحقت الأطفال بتعليم أقل في الكلفة، إذ تختلف نوعيات المدارس ما بين الحكومي والخاص والدولي، ولكل نوع موازنة تختلف تماماً عن الأخرى ومتطلبات تتنوع بحسب طبيعة التعليم المقدم.
وتزدحم الأسواق في الفترة السابقة لدخول المدارس بالمشترين الذين يبحثون عن أفضل جودة وأقل سعر للحقائب والأدوات المكتبية والملابس والأحذية سواء في المولات الكبرى والمتاجر الفاخرة، وحتى الأسواق الشعبية مثل الفجالة والأزهر التي تبيع بأسعار منخفضة وجودة متفاوتة.
وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت في إحصائها للعام الماضي 2021/2022 أن إجمالي عدد التلاميذ في المدارس الحكومية والخاصة يصل إلى 25 مليون طالب على مستوى الجمهورية، مما يعني أن هناك حاجة بكميات ضخمة إلى مستلزمات المدارس على اختلاف أنواعها.
إقبال متوسط على الشراء
مع حال الارتفاع الشديد في الأسعار لجأ كثير من الأسر إلى شراء الضروري فقط من الحاجات المدرسية والاستعانة بما يصلح استخدامه من مستلزمات العام الدراسي الماضي توفيراً لأقصى قدر من النفقات. يقول سيد صاحب محل لبيع الحقائب المدرسية بمنطقة الجيزة لـ"اندبندنت عربية"، "هذا العام الإقبال متوسط على شراء الحقائب المدرسية بسبب الوضع الاقتصادي واعتماد كثير من الأسر على حقائب العام الماضي في حال جودتها، فمثل هذا الوقت من العام كانت حركة البيع أكثر بدرجة كبيرة، وبشكل عام هناك تفاوت في الأسعار، فالحقائب تبدأ أسعارها من نحو 300 جنيه (16 دولاراً أميركياً) وحتى 1200 جنيه (60 دولاراً أميركياً) لبعض الماركات الأغلى التي يكون معها مقلمة ولانش باج، وبشكل عام الإقبال أكبر على شراء الحقائب للأطفال الصغار الذين يدخلون المدرسة للمرة الأولى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما يقول حسن وهو عامل بأحد المكتبات بالقاهرة "لم يبدأ العام الدراسي بعد، ولذا فإن حركة البيع حالياً مرتكزة على فكرة ما يطلق عليه "السابلايز" supplies وهي قوائم المشتريات التي تطلبها المدارس من الأطفال صغار السن لاستخدامها طوال العام، وتضم أقلاماً وألواناً وخامات للأعمال الفنية وصلصالاً وأشياء من هذا القبيل، وبالطبع هناك زيادة نسبية في الأسعار هذا العام، إضافة إلى اعتماد أكبر على المنتجات المحلية بسبب تقييد الاستيراد".
ويضيف "يصل سعر كشكول 60 ورقة إلى نحو سبعة جنيهات (أقل من نصف دولار) بينما يصل سعر عبوة أقلام الرصاص المكونة من ستة أقلام من الأنواع العادية إلى 20 جنيهاً (نحو دولار واحد)، وهناك زيادة نسبية في الأسعار لكنها ليست بالقدر الكبير، وبشكل عام فإن حركة البيع متوسطة وبقدر محدود لأن الأسر تشتري الضروري جداً لارتباطها بمستلزمات مدرسية أخرى كثيرة".
ساحات حكومية
لمواجهة الارتفاع الشديد في أسعار المستلزمات المدرسية أقامت الحكومة ساحات لبيع مستلزمات المدارس انتشرت في أماكن مختلفة من أنحاء البلاد، تتيح جميع المشتروات بأسعار مخفضة لمواجهة الغلاء ومساعدة محدودي الدخل، إذ تبدأ أسعار الحقائب المدرسة من 150 جنيهاً (ثمانية دولارات).
يعتمد المشترون من هذه الساحات على الشراء بسعر الجملة وشراء مستلزمات العام الدراسي كاملة مرة واحدة، حيث تقل أسعارها بنسبة تصل من 20 إلى 30 في المئة عن المكتبات، فمثلاً سعر 10 كراسات 45 جنيهاً (ثلاثة دولارات) ودستة الأقلام الرصاص 15 جنيهاً (أقل من دولار واحد)، وإضافة إلى ذلك افتتح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي معرضاً تحت اسم "أهلاً بالمدارس" في أرض المعارض بالقاهرة بالتعاون مع وزارة التموين، إذ صرح على المصيلحي وزير التموين خلال الافتتاح بأنه سيقام 23 معرضاً رئيساً بالمحافظات و119 معرضاً فرعياً، إضافة إلى 33 شادراً، و27 قافلة متحركة و500 مكتبة، مضيفاً أن هناك تخفيضات كبيرة على مستلزمات المدارس من كراسات وكشاكيل وأقلام، إضافة إلى الزي المدرسي والنظارات وبعض المواد الغذائية مثل الألبان بتخفيضات كبيرة، كما أن المعرض يتميز بأن أكثر من 70 في المئة من معروضاته محلية الصنع.
تقول فاطمة أم لثلاثة أطفال بواحدة من المدارس التجريبية (حكومية ولكن تدرس باللغة الإنجليزية)، "لجأت هذا العام إلى مثل هذه الساحات التي توفرها الحكومة لشراء المستلزمات الدراسية بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار وحاجتي لكم كبير من الأدوات المكتبية، إضافة إلى الزي المدرسي الذي قلصت شراءه هذا العام".
أسعار الوقود والحافلات المدرسية
لا تقتصر متطلبات المدارس على الأدوات المكتبية وإنما هناك مصروفات أخرى تتعلق بالانتقالات التي تتأثر بأسعار الوقود والكتب المستوردة من الخارج التي تعتمد عليها المدارس الدولية ومدارس اللغات التي تقدم مناهج إضافية لتدريس اللغات تحت مسمى المستوى الرفيع.
المهندس محمود أب لطفلين في واحدة من مدارس اللغات يقول "لدي طفلان في المرحلة الابتدائية والمشكلة الأكبر من الأدوات المكتبية هذا العام بالنسبة إلي وإلى كثيرين غيري هي الارتفاع الكبير في سعر الباصات المدرسية فقد وصل سعر الباص المدرسي هذا العام إلى 11 ألف جنيه (ما يعادل نحو 600 دولار أميركي) للطفل الواحد، وهذا مبلغ كبير جداً إضافة إلى الزيادة الكبيرة التي أضافتها المدرسة على الزي المدرسي والكتب الخاصة بالمستوى الرفيع المستوردة من الخارج وكلاهما لا يوجد له بديل ولا بد من شرائه من المدرسة، ففعلياً لم تقم المدرسة بزيادة المصروفات لكن على أرض الواقع هناك زيادة تعادل خمسة آلاف جنيه (260 دولاراً) ما بين الباص والملابس والكتب".