شهدت الساحة الفنية في لبنان في الأسابيع الأخيرة حروباً بين عدد من الفنانين الذين تراشقوا بالاتهامات والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. وبين الرد والرد على الرد، تطورت الخلافات ووصل بعضها إلى القضاء، بعد أن شعر أحد طرفي النزاع أن الهجوم عليه من الطرف الآخر زاد عن حده وتجاوز الخطوط الحمر، سواء عبر التهديد المباشر أو من خلال استخدام عبارات تخدش الحياء وفيها مسّ بالكرامات والشرف.
هوس المتابعين
في معظم الأحيان يكون هوس الفنانين بزيادة عدد المتابعين والمعلّقين على التغريدات والمنشورات، هو السبب الرئيس الذي يدفع بالفنان لتوجيه الشتائم غبر "السوشيال ميديا"، خصوصاً أن لكل فنان "جيشه" من المعجبين الذين يقفون سداً منيعاً في وجه جيش الفنان الآخر. وأحياناً يكتفي الفنان بنشر تغريدة أو خبر مستفزّ ضد الفنان الخصم لتبدأ الحروب بين جيشهما.
قبل زمن السوشيال ميديا كانت تصل بعض الخلافات الفنية إلى المحاكم أيضاً، وقد لا يعرف الناس بها، وإذا عرفوا بها فـيكون عن طريق صحافي مقرب من الفنان يرغب في تسريب خبر ما، بينما يملك اليوم معظم الفنانين حسابات رسميةً خاصة بهم على مواقع التواصل الاجتماعي تمكنهم من الرد فوراً على الإساءات.
في زمن الفن الجميل سجل الراحل عبدالحليم حافظ رقماً قياسياً في عدد الدعاوى المرفوعة ضده، بينها 22 دعوى بعد وفاته. أما أم كلثوم فقاضت الملحن محمد الموجي وطالبته بتعويض 500 جنيه بالإضافة إلى 300 جنيه كان قد قبضها كمقدم من أصل مبلغ قدره 1500، لقاء حصولها على 3 ألحان منه، من بينها "حيرت قلبي معاك" (لحنها رياض السنباطي) و"للصبر حدود". لكن الموجي رفض تلحينها لأنه اعتبر أن هناك ضعفاً في الكلام، فاتهمته بتعمد الإهمال حتى تمرّ مدة العقد الموقع بينهما، وما لبث أن تدخل أحد الأصدقاء للصلح بينهما، فتراجعت عن الدعوى وطلبت من الموجي أن يلحن الكلام الذي يعجبه. فكلف الشاعر محمد حلاوة ليضع كلمات أغنية لها قام بتلحينها وقصدها بأغنية "لو نسيت الذكريات اسأل الصيف اللي فات". لكنها اعترضت على الكلام وطلبت منه تعديله ثم رفضته، عندها طلب منها أن تختار الكلام الذي تريده، وبدل أن تفعل ذلك أرسلت إليه محضراً.
ولأن السوشيال ميديا أصبحت الوسيلة الأولى للترويج للفنانين ولتواجدهم، فإن الكثير من الخلافات الفنية التي تحصل عبرها، تكون مفتعلة ومقصودة ومخططاً لها، ويتم تأجيجها في وقت مدروس، لإثارة الضجّة حول عمل جديد يصدره الفنان كي يسهل تسويقه. أو لأنها قد تعيد بعضاً من الألق لفنان تراجعت نجوميته من خلال تداول اسمه بكثافة. لكن أغلب هذه الخلافات تنتهي بالتراضي كما حصل في الخلاف الشهير بين الفنانتين أصالة وأحلام والذي استخدمت فيه عبارات جارحة وقاسية ومؤذية، والذي بدأ على خلفية تباين في وجهات النظر حول العلاقة بإحدى الإعلاميات. وما لبث أن تجدد قبل أشهر قليلة ووصل إلى حد حظر أحلام لأصالة عبر تطبيق "إنستغرام"، بسبب تجاهل الأخيرة لها في مهرجان Joy Awards وترحيبها بالفنانة إليسا. لكن قبل عدة أيام فوجئ جمهور الفنانتين بانتهاء الخلاف بينهما، بعد قبول أصالة دعوة أحلام إلى العشاء وجلسة ورق لعب.
بين فنانة واخرى
إلى ذلك تحولت أزمة الفنانة نوال الزغبي مع جمهور الفنانة نانسي عجرم إلى معركة علنية بين متابعي الفنانتين، وقالت الزغبي إن الأمور فلتت من يديها، ويجب على كل شخص يأخذ حقه بيده. وبدأت المشكلة إثر منح أحد المواقع العالمية لقب "ملكة البوب" لنانسي عجرم بمناسبة نجاح ألبومها "نانسي 10" الذي أصدرته في عام 2021. لكن جمهور نوال اعتبر أنها الأحق باللقب وأنها استخدمته للترويج لأغنياتها الأخيرة. لكن نوال ما لبثت أن أكدت أن لا خلاف مع نانسي وغردت على "تويتر" أنها لا تهتم للألقاب، وأن أعمال الفنان ونجاحاته هي الأهم، كما مدحت متابعيها وأشارت إلى أنها تحب دلعهم لها، وهذا لا يعني أنهم يتهجمون على أحد بل أن كل فنان ينال نصيبه.
لكن المناوشات الفنية يمكن أن تصل في حالات أخرى إلى طريق مسدود، ويكون القضاء هو الحد للفصل فيها. وهذا ما حصل في خلاف الفنان تامر عاشور والمنتجة سارة الطباخ، عندما تقدم عاشور ببلاغ يتهمها فيه بالتعنت ضده وبعدم التزامها بالعقد المبرم بينهما. فردت عليه بشكوى قضائية تؤكد خلالها أن شركتها التزمت كل بنود العقد بينهما. فما كان من عاشور إلا أن هاجمها عبر حسابه على "تويتر"، مشيراً إلى أنه لن يرد عليها لأن نقابة المهن الموسيقية هي المسؤولة عن فناني مصر. وسبق أن دخل الفنان محمد الشرنوبي في نزاع مع الطباخ استمر 7 أشهر، حاول خلالها أن يفسخ العقد، لكنّه تعرّض للإيقاف من نقابة المهن الموسيقية ثم من اللجنة الثلاثية في غرفة صناعة السينما، وتم شطب دعواه من المحكمة الاقتصادية، ولكن ما لبث أن انتهى خلافهما بالصلح.
قضية شرف
أما آخر الفنانين الذين تتصاعد الخلافات بينهما بشكل كبير وقاس عبر السوشيال ميديا، فهما فارس كرم وميريام فارس. وبدأت المشكلة بين الطرفين على خلفية "بوستر" لحفلة تجمع بينهما ظهرت فيها صورتها بحجم أكبر من صورته. الأمر الذي استفز فارس إلى درجة وصف ميريام بأنها صاحبة "نفسية محمضة" (وكلمة محمضة هي لفظ باللهجة العامية يستخدمه اللبنانيون للإشارة بأن الفاكهة قد فسدت). ميريام أشارت إلى أنها لن تردّ على المستوى الذي تكلم به فارس، ولكنها ما لبثت أن قالت إنها كانت تظن أنه شخص محترم. ولكنها فوجئت بما قاله، مع أن الأمر لا يستدعي ذلك وأن ما حصل معيب وأنها زعلت من كلامه خصوصاً أن منظمي الحفلة أكدوا لها أن فارس يعرف أنها هي من اختارت اسمه بين مجموعة أسماء عرضت عليها، كي يشاركها الحفلة. وبدل أن يتشكرها تحدث عنها بهذه الطريقة. وسرعان ما جاءها الجواب من فارس الذي نشر تحت هاشتاغ "زمن الرقصات" تغريدة لا تخلو من الغمز واللمز وفيه مسّ بالعرض والكرامة، بحيث كتب: "بحب ذكرك إيام ما كنتِ تغني بالمطعم وتركضي تتصوري معي آخر الليل. والباقي بتعرفيه كتير منيح. صرتي بدك تدبريلي حفلات. فعلاً اللي استحوا ماتوا". فما كان من ميريام إلا أن هددته بالقضاء وحولت خلافهما إلى قضية شرف، معتبرة سببها هو أن رجلاً، لم يتمكن من أن يكون على قدر التحدي مع امرأة مثلها، ولم يتقبل الحقيقة وأنها ستلقنه درساً من خلال القضاء، كي يكون عبرة لكل الرجال الذين يعتدون على شرف النساء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل تطورت وتدحرجت ككرة الثلج عندما دخلت الفنانة لطيفة التونسية على خط الأزمة بعد انتشار تسجيل صوتي لفارس كرم، تحدث فيه عن كواليس ما حصل بينه وبين ميريام. وأشار إلى أن الجهة المنظمة اتصلت به من أجل المشاركة في حفلة تجمع بينه وبين لطيفة وميريام فارس، وأنه وافق، ولكن ميريام أصرت على عدم مشاركة لطيفة. ثم نشرت بوستر للحفلة على صفحتها، وتعمدت أن تكون صورته صغيرة وفمه مشوّهاً. وأطلت في مقابلة وقالت إن الجهة المنظمة هي التي قررت أن يكون شكل البوستر على هذا النحو، ولذلك هو قال إن "نفسيتها محمضة" عندما سئل عن الموضوع.
تهديد بالقتل
إلى أزمة ميريام فارس وفارس كرم، نشب خلاف ثلاثي بين الفنانة إليسا من جهة والشاعر أحمد ماضي والفنان زياد برجي من ناحية أخرى، بسبب أغنية "وبطير". وذلك عندما تجاهلت إليسا اسم الشاعر عندما تحدثت عن عملها الجديد، الأمر الذي أثار غضب ماضي الذي رد عليها بهجوم قاس على "تويتر". ثم تطور الخلاف وشمل برجي عندما ردت إليسا بتغريدة هاجمتهما فيها، مشيرة إلى أن هناك من يهاجم على مواقع التواصل الاجتماعي وآخر من "يردح" على الخاص، كي يحافظ على صورته. وأكدت أنها ستطرح الأغنية كما وعدت الجمهور، لأنها ملكها ولكنه سيكون التعاون الأخير معهما. وبالفعل طرحت إليسا الأغنية وغيرت عنوانها إلى "أنا وبس"، مما دفع ماضي إلى إعلان نيته بمقاضاتها قانونياً، مشيراً إلى أن التنازل عن الأغنية لا يعني أنها دفعت حقوقها المادية. كما أنها لفظت كلمات وحروفاً بشكل خاطئ، وفي هذا تشويه للأغنية. أما برجي فكشف عن نيته إصدار الأغنية بصوته، ليعود ويعلن أنه تلقى تهديداً بالقتل جاء فيه "لا تنشر أغنية إليسا بصوتك وإلا"، وأن التهديد ورد إلى هاتف ابنته التي لا يتعدى عمرها السبع سنوات. الأمر الذي دفعه إلى تقديم بلاغ ضد مجهول لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان. وبعد تسريب مقطع من الأغنية بصوته، أشار إلى أنه ليس هو من قام بالتسريب بل "فانز" إليسا، وأنه سيصدر الأغنية رسمياً، لأنه لم يقدم تنازلاً عنها، بل سماحاً فقط، وهذا يعني أن من حقه أن يصدرها بصوته.