خلال أسابيع قليلة سوف يُقر الكونغرس الأميركي شريحة تمويل ثانية من عملية متسارعة لإنتاج ونشر نظامين من أنظمة الصواريخ فرط صوتية (هايبر سونيك) التي تتجاوز سرعتها أكثر من 15 مرة ضعف سرعة الصوت، وهو نوع من الصواريخ يقول خبراء الاستراتيجية العسكرية "إنها تشكل ثورة جديدة من الأسلحة التي ستغير حتما من قواعد لعبة الحرب ومن شكل الصراعات المستقبلية، ليس فقط لأن هذه الصواريخ غير المسبوقة تصيب أهدافها بدقة متناهية، ولكن أيضا وهذا هو الأهم، لأنه لا توجد دفاعات ضدها حتى الآن في أي دولة حول العالم، كما أنها سوف تُخل بنظرية الردع التي شكلت صمام أمان خلال الحرب الباردة، مما يمثل تهديدا غير مسبوق للاستقرار العالمي".
وفيما جعلت الولايات المتحدة تطوير وتجربة هذه الصواريخ أولوية ملحة لها كي تكون جاهزة للعمل بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2022 ، تُسرع كل من روسيا والصين تجاربهما لتحقيق الأسبقية في إنتاج ونشر هذه الصواريخ، حيث أعلنت روسيا قبل عام واحد نجاحها في تجربة صاروخ من هذه النوعية أطلقت عليه وسائل الاعلام وقتها اسم صاروخ "يوم القيامة"، وقالت "إنها بدأت تشغيل منظومة هذه الصواريخ"، لكن خبراء في البنتاغون اعتبروا ذلك عملا دعائيا وشككوا في أن تكون روسيا قد استكملت تجاربها، أو نشرت بالفعل مجموعة من هذه الصواريخ، كما أعلنت الصين أيضا نجاحها في اختبار صاروخ فرط صوتي قادر على حمل قنابل نووية، وخلال يونيو (حزيران) الحالي أكدت وزارة الدفاع الصينية اختبار إطلاق صاروخ باليستي من غواصة نووية قادر على استهداف أي مكان في الولايات المتحدة، الأمر الذي يزيد من مخاطر التسلح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما هي صواريخ الـ"هايبر سونيك"؟
الصواريخ الفرط صوتية وهي ترجمة "هايبر سونيك" باللغة الإنجليزية، هي صواريخ مبرمجة تبلغ خلال تحليقها سرعات غير مسبوقة تصل إلى عدة أضعاف سرعة الصوت وتتراوح من 5 – 12 ألف ميل في الساعة، ولأن سرعة الصوت 767 ميلاً في الساعة أي 1 ماخ، (نسبة إلى عالم الفيزياء الأسترالي إيرنست ماخ)، فعندما تتجاوز سرعة صاروخ أو طائرة سرعة الصوت تُحدث "صدمة صوتية" يمكن سماعها كطلقة قوية، وعندما تصل سرعة الصاروخ 2 ماخ يكون قد بلغ ضعف سرعة الصوت، وحينما يصل 3 ماخ يكون قد بلغ ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، أما إذا وصل إلى أكثر من 5 ماخ فإنها تُسمى فرط صوتية أو "هايبر سونيك" حيث لم تعد السرعة مجرد "فوق صوتية".
ولهذا أُطلق على الصواريخ التي تتجاوز 5 ماخ هذه التسمية، لكن النماذج الاختبارية الأخيرة للصواريخ الروسية والأميركية والصينية تتراوح سرعتها بين 10 و20 ماخ ، بل تتجاوز ذلك حسب ادعاء كل طرف خلال السنوات القليلة الماضية، وهي تُطلَق من منصات متعددة، حيث يمكن إطلاقها من البر عبر قاذفات صواريخ، أو من البحر عبر غواصات أو سفن، أو من الجو عبر قاذفات استراتيجية.
وبعد إطلاقها، تحلق هذه الصواريخ بسرعة هائلة على ارتفاع 100 ألف قدم (30 كيلومترا) عبر محرك نفاث متقدم، وحينما تبلغ أهدافها خلال دقائق معدودة تتراوح بين (5 – 20 دقيقة) - وفقا لبُعد الهدف عن مكان الإطلاق - تهبط الصواريخ مع قوة الجاذبية الأرضية لتصيب أهدافها بدقة متناهية وبسرعة لا تقل عن 1150 ميلا في الساعة ما يجعلها قوية جدا بما يكفي لاختراق أيةكتل خرسانية أو صفائح فولاذية مدرعة بفضل متفجرات يتراوح وزنها بين 3 و4 أطنان من مادة "تي إن تي" فتُحدث تأثيرا كارثيا وحفرة هائلة حال استخدام الصواريخ التقليدية المزودة برؤوس متفجرة، إلا أن هذه الصواريخ يمكن أيضا أن تحمل قنابل نووية تُستخدم في سيناريوهات مختلفة.
القذيفة الطائرة
يستغل الصاروخ الموجات الصوتية الصادمة التي تخلقها سرعته الخارقة عبر ضغط الهواء المتدفق داخل أقماع صغيرة فيشتعل أثناه مروره خلال جزء في الألف من الثانية. ولأن سطح الصاروخ – المـُغلف بمواد أشبه بالسيراميك ومكونات فايبر كربون ونيكل كروم - ترتفع حرارته بفعل الاحتكاك مع الهواء لتصل إلى 5400 درجة، فإن الوسيلة المتبعة لحماية جدران المحرك من الاشتعال هي تمرير وقود الصاروخ خلال الجدران، وهي فكرة ابتكرها المصممون الألمان الذين اخترعوا صاروخ "في -2" خلال الحرب العالمية الثانية.
هناك من هذه الصواريخ ما يتم تحميله بقذيفة طائرة تنفصل عن الصاروخ وتحلق على ارتفاع يزيد على 100 ألف قدم في طبقات الجو العليا المتعددة "ميزوسفير"، و"ستراتوسفير" و"تروبوسفير" فتصبح القذيفة أشبه بحجر مسطح يقفز فوق سطح الماء، وتشبه القذيفة طائرة بدون محرك حيث تستخدم قوى الديناميكا الهوائية في تحليقها للحفاظ على ثباتها، ثم تتحرك عبر نظام قيادة خاص بها في مناورات جوية سريعة وبسرعة فرط صوتية باتجاه الهدف المحدد، ولهذا تُحافظ القذيفة على الهدف سرياً حتى اللحظات الأخيرة. وتُسمي الولايات المتحدة هذا السلاح بالقذيفة التكتيكية المطورة حيث من المتوقع أن تختبر فعاليتها باسقاط صاروخ محمل بها من طائرات عسكرية العام المقبل.
لا دفاعات تعترض الصواريخ
يكمُن سر خطورة هذه الصواريخ الفرط صوتية في صعوبة رصدها وتدميرها، فهي تصيب أهدافها بسرعة شديدة بعد مناورة فوق الهدف، ولا توجد دفاعات حتى الآن حول العالم قادرة على إسقاطها، مما يهدد بتغيير طبيعة حروب المستقبل. والسبب في ذلك أن هذه الصواريخ تُحلق حينما تقترب من أهدافها على ارتفاعات تتراوح بين 12 و50 ميلا فوق سطح الأرض، وهي مسافة أقل من الارتفاعات التي صُممت الصواريخ الاعتراضية ضد الصواريخ الباليستية للعمل فيها مثل نظام "ثاد" الأميركي الذي يطلق من الأرض، أو نظام "الدرع" الذي يطلق من السفن في البحر، كما أن صواريخ "باتريوت" الأميركية الأقل تعقيدا تعمل في ارتفاعات أقل من ذلك، ما يحُول من فعاليتها.
وعلى الرغم من قدرة الأقمار الصناعية التي تلتقط الأشعة تحت الحمراء على رصد الصواريخ خلال اللحظات الأولى من إطلاقها، فإن الصعوبة تزيد عشرات المرات مع اقتراب الصواريخ من أهدافها، لأن هذا يتطلب تكبير صور الرصد في مدى فراغي واسع والمناورة بشكل غير متوقع، ذلك أن محيط منطقة هبوط الصاروخ يمكن أن تكون على مساحة باتساع ولاية "رود آيلاند" الأميركية، ولا يستطيع أي من المسؤولين الأميركيين سوى إطلاق إنذار عام غير محدد المكان بسبب عدم معرفة مكان سقوط الصاروخ الذي يقطع المرحلة الأخيرة من الهبوط بسرعة ميل واحد في الثانية ويهبط من ارتفاع 100 ألف قدم.
ووفقا للجنرال "جون هيتن" المسؤول الأول في القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة، خلال شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ العام الماضي، فإنه لا يوجد حتى الآن نظام دفاعي يمكن أن يصد هجوم هذه الأسلحة على الولايات المتحدة.
وتدرس وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" حاليا شكل هجمات الصواريخ "الهايبر سونيك" لوضع تصور عن كيفية إنشاء نظام دفاعي فعال في المستقبل، ولكن لا يوجد تصميم هندسي أو تصور واضح لتكاليف إنشاء مثل ذلك النظام.
ولأن هذه البرامج مجرد بداية في صناعة هذه الصواريخ حسب قول القائم السابق بأعمال وزير الدفاع الأميركي "باتريك شاناهان"، فقد أنشأ وكالة جديدة لتطوير الفضاء تضم 225 شخصا مهمتهم الرئيسية نشر شبكة من المستقبلات الحساسة في المدار المنخفض من الأرض بهدف رصد الصواريخ الفرط صوتية التي تستهدف الولايات المتحدة بهدف شن هجمات صاروخية أميريكية ردا عليها.
ما الذي تستهدفه الصواريخ؟
من الناحية النظرية وبسبب السرعة الفائقة والدقة المتناهية لهذه الصواريخ، يرى خبراء استراتيجيون أميركيون "أنها يمكن أن تستهدف صواريخ نووية عابرة للقارات يجري تحميلها على شاحنات أو قطارات، كما يمكن للصينيين استهداف قاذفات أميركية أو طائرات في قواعدها في اليابان أو في جزيرة "غوام" أو استهداف قاعدة رادارات بحرية أو جوية في أي مكان أو مقار قيادة عسكرية في آسيا أو أوروبا".
كما تستطيع هذه الصواريخ "إحداث ثقب ضخم في الأسطح الفولاذية لأي من حاملات الطائرات الأميركية الإحدى عشرة فتمنع إقلاع الطائرات من على متنها، وتعد الصواريخ "الهايبر سونيك" مثالية جدا في شن ما يسمى بـ"ضربة قطع الرأس" والتي تستهدف اغتيال قائد عسكري كبير أو مسؤول سياسي أو زعيم ميليشيا إرهابية".
ولتبيان قدرة هذه الصواريخ ، يقول الأميركيون "إن لديهم نوعين من الصواريخ فرط صوتية تتراوح سرعتهما بين 15 و20 ماخ أي أكثر من 11400 ميل في الساعة، وهو ما يعني أنه إذا انطلق صاروخ من غواصة أو قاذفة استراتيجية أميركية مركزها جزيرة "غوام" في المحيط الهادي، فإن الصاروخ سيصل إلى قلب الأراضي الصينية في أقل من 15 دقيقة فقط".
في المقابل قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إن أحد الصواريخ الروسية الجديدة سوف تبلغ سرعته 10 ماخ بينما ستصل سرعة الثاني إلى 20 ماخ، وإذا كان هذا حقيقيا، فذلك يعني أن طائرة أو سفينة روسية تُطلق صاروخا "هايبر سونيك" من مكان قريب من جزيرة برمودا قرب ولاية فلوريدا في المحيط الأطلسي، فإنها سوف تصيب مبنى البنتاغون علي بعد 800 ميل خلال خمس دقائق فقط، أما الصين فقد اختبرت صاروخا بسرعات تكفي لأن تصل إلى (غوام) خلال دقائق معدودة".
مخاطر الضربة الأولى
خلال العقد المقبل (2020 – 2030) سوف تتولى هذه الصواريخ فائقة السرعة مهمة كان بوسع الأسلحة النووية فقط القيام بها في الماضي، وهي شن الضربة الأولى ضد حكومة دولة أخرى أو ترسانتها العسكرية أو قطع شبكة اتصالاتها الرئيسية أو شل قواتها المخصصة للرد الانتقامي، كل ذلك من دون أن تتساقط أشعة ذرية أو أن تتحمل الدولة المهاجمة إدانة عالمية نتيجة التفجيرات النووية. ولهذا السبب قالت عدة أكاديميات للعلوم والهندسة والطب في الولايات المتحدة "إن الصواريخ "الهايبر سونيك" لا تمثل فقط تهديدا ثوريا للولايات المتحدة، ولكنها يمكن إذا كانت بيد الأعداء أن تشكل تحديا لعقيدة الحرب الأميركية المتمثلة في (اليقظة، والوصول إلى الهدف، والقوة)، حيث إن وصول هذه الأسلحة السريعة جدا سيشكل عامل ضغط رهيب على الوقت بما لا يتيح للقادة العسكريين والزعماء السياسيين خلال مهلة زمنية مناسبة، اتخاذ قرارات دفاعية أو انتقامية بشكل حكيم وعاقل".
هدم نظرية الردع
ويخشى خبراء عسكريون من أن هذه الصواريخ تمثل تهديدا قاتلاً بالنسبة للأسلحة المخصصة للرد، ما يعني أن ضغوطا هائلة ستُلقي بثقلها على مُتَخذي القرارات السياسية والعسكرية في الدول المختلفة كي تبادر كل دولة بأن تكون هي البادئة بالهجوم باستخدام الصواريخ فرط صوتية لشل حركة وقدرات الخصم وقت التوترات السياسية والعسكرية انطلاقا من قاعدة "من لم يبدأ الحرب، سوف يخسرها".
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن هذه الصواريخ سوف تهدم نظرية الردع والتدمير النفسي المتبادل بين الطرفين المتحاربين، التي كانت أساس العقيدة العسكرية خلال السباق النووي في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وحالت دون اشتعال حروب نووية بينهما حتى في أحلك أوقات أزمة الصواريخ الكوبية في مطلع الستينيات، ذلك أن كل طرف كان على ثقة من قدرة الخصم على الرد المدمر إذا بادر الطرف الآخر بالهجوم.
تهديد السلام الدولي
حتى الآن يتجاهل صُناع القرار المخاطر الجديدة التي تحملها صواريخ "الهايبر سونيك"، فعلى خلاف التكنولوجيات العسكرية السابقة، كالأسلحة الكيماوية والبيولوجية والصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية المتعددة، التي أشعلت نقاشا دوليا انتهى بمفاوضات أعقبها اتفاقات بين الدول العظمى، فإن واشنطن وموسكو وبكين وهي الأكثر انخراطا في تطوير هذه الأسلحة، لم تسع أي منها للتوصل لأي نوع من الاتفاق للحد من تطوير ونشر هذه التكنولوجيا، فوزارة الخارجية الأميركية، لم تبادر باتخاذ الخطوة الأولى للتفاوض حول هذه التكنولوجيا. فيما يخشى خبراء الحد من التسلح من أن الفشل في تنظيم هذه الأسلحة على مستوى دولي ستكون له عواقب وخيمة يصعب وقفها، كما حذر مكتب شؤون نزع السلاح التابع للأمم المتحدة في تقرير أصدره في فبراير (شباط) الماضي من أن الدول التي تخشى تدمير قوات الرد التابعة لها في هجمات مفاجئة بالصواريخ فرط صوتية، قد تقرر استخدام صواريخ نووية تحت ظروف معينة أو أنها قد تضع قواتها النووية على الأقل في حال تأهب.
وحيث إنه لا يوجد اتفاق دولي حول كيفية ومتى يمكن استخدام الصواريخ فائقة السرعة هذه، ولا توجد خطط أو مبادرات لبدء هذه المناقشات، فإن التسابق سيظل محموما بين القوى الرئيسية الثلاث وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين، بل إن دولا أخرى انضمت إلى السباق مثل الهند وفرنسا اللتين شرعتا في برنامج تطوير للأسلحة فرط صوتية بشراكة مع الروس، وفقا لما ذكرته مؤسسة "راند" البحثية في واشنطن عام 2017، كما توجد مراكز بحثية مدنية وعسكرية استرالية وأوروبية، بينما تعمل اليابان على سلاح "هايبر سونيك" ينتظر أن تختبره عام 2025.
الروس قادمون
على الرغم من التكلفة المرتفعة لتطوير صواريخ الفرط صوتية والانتكاسات والصعوبات التي واجهت اختباراتها من انفجار الصواريخ أو خروجها عن السيطرة أو حماية إلكترونياتها من الحرارة الشديدة، فإن ذلك لم يُحبط أي طرف، بل استمرت وتيرة السباق متسارعة إلى حد بعيد.
قبل أشهر قليلة، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "أن بلاده سوف تبدأ في نشر صاروخ "آفانغارد" (تعني الطليعة باللغة الروسية)، وهو صاروخ فرط صوتي يتم إلحاقه بصاروخ "سارمات" العابر للقارات، ثم ينفصل عنه ويناور قبل أن يصل إلى هدفه ويحلق بسرعة 20 ماخ"، كما نشر الإعلام الروسي "أن صاروخ (سارمات) تم اختباره فوق سيبيريا لمسافة 3 آلاف ميل"، كما قال مسؤولون روس "إن موسكو تعمل على تطوير نظام ثالث فرط صوتي يطلق من الغواصات، فضلا عن صاروخ (كينزال) الذي يطلق من الجو ويصل مداه إلى 1200 ميل، وصاروخ (زيركون) المضاد للسفن ويتراوح مداه بين 400 و1000 كيلومتر".
ويتفاخر بوتين في مناسبات عديدة بأن الصواريخ "هايبر سونيك" التي تمتلكها روسيا يمكن أن تصيب أي نقطة في العالم والإفلات من الدرع الصاروخية الأميركية، وعلى الرغم من أن الأميركيين ينكرون ما يعلنه الروس من تقدم بدعوى أن سجل الأميركيين مماثل لسجل الروس وأنه لا يوجد لديهم سوى نجاحات قليلة وإخفاقات كثيرة، فإن المسؤولين في البنتاغون مقتنعون بأن أسلحة موسكو ستشكل قريبا تهديدا حقيقيا.
الصينيون يناطحون
أما الصين، فتسير على درب تطوير هذه الصواريخ منذ سنوات، وكان الصينيون أكثر من نشروا بحوثا في تطوير الصواريخ فرط صوتية كما حققوا اختبارات مذهلة تفوق تلك الاختبارات التي نفذتها الولايات المتحدة، وأعلنت بكين لأول مرة في أغسطس (آب) الماضي عن تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية وتقليدية، ويختلف الصاروخ "ستاري سكاي – 2" الذي أعلنت عنه، عن نسخ سابقة مشابهة من نوع "دي إف – زد إف" في أن رحلاته متعددة المراحل ويتميز بقدرات عالية على المناورة.
الأميركيون واثقون
أما في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من إدراك الأميركيين أنهم استغرقوا كثيرا من الوقت في أبحاثهم المتعلقة بالاتصالات الفضائية والحروب تحت الماء، فإنهم أدركوا ضرورة التحول والتركيز على هذه الصواريخ الثورية، حيث نصّب جيمس ماتيس، وزير الدفاع السابق، مايكل غريفن وكيلا لوزارة الدفاع للبحوث والهندسة ليدير مشروعات بقيمة 17 مليار دولار منها ما يخص تطوير الصواريخ فرط صوتية الذي خصص له نحو 3 مليارات، ويتوقع أن تصل ميزانيته إلى 5 ملايين دولار العام المقبل بعدما وافق الكونغرس بالإجماع على زيادة كبيرة في الإنفاق الفيدرالي من أجل إنتاج ما يُسمى "تكنولوجيا تغيير قواعد اللعبة"، كما أجمع الكونغرس في قانون أصدره أخيراً أن الأسلحة فرط صوتية يجب أن تكون جاهزة للعمل بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2022 لإنشاء نظامين صاروخيين خلال 3 سنوات.
من جانبها انتشرت فورة الحماسة في أوساط شركات السلاح الأميركية، خاصة بعدما منح البنتاغون شركة "لوكهيد مارتن"، وهي أكبر شركة سلاح بالولايات المتحدة، نحو مليار ونصف المليار دولار لبناء نماذج صاروخية يمكن إطلاقها من الجو ومن قاذفات بي 52 الاستراتيجية.
ويقول غريفن "إن تطوير الصواريخ فرط صوتية تمثل أولوية للبنتاغون، وإن الولايات المتحدة تظل هي الرائدة في تكنولوجيا الصواريخ فائقة السرعة وهي تسرع ببرامجها الآن".
في كل الأحوال، لن يمضى كثير من الوقت قبل أن تبدأ الولايات المتحدة وروسيا والصين في استكمال منظوماتها الصاروخية فرط-صوتية وتواصل تطويرها لتتغير استراتيجيات وقواعد الحرب عما كانت عليه في الماضي، ويدخل العالم سباق تسلح من نوع جديد في غياب أي تعاون دولي لتنظيم عمل هذه الصواريخ أو الحد من خطورتها.