على قدر جماهيرية عادل إمام جاء الجدل، تماماً مثلما يتربع في مساحة واسعة لا يضاهيه فيها أحد في قلوب محبي الكوميدياً العربية، فإنه أيضاً يستحوذ على النصيب الأكبر من القيل والقال، إنه نجم الإشاعات الكبرى دوماً، التي بالمناسبة ليست وليدة عصر السوشيال ميديا، فمنذ عشرات السنوات وتلميذ "مدرسة المشاغبين" بطل أحاديث المقاهي بأسطورة شعبية لا تنتهي، مفادها أنه يريد أن يضع صورته على العملة المصرية "الجنيه" بدلاً من الأيقونات الأثرية!
صاحب التاريخ الفني الراسخ والآراء القوية والحضور غير العادي في الذاكرة من المحيط إلى الخليج تتكشف في كل يوم محبة الجمهور له، من خلال متابعة كل لفتة يذكر فيها اسمه، بالتالي كان متوقعاً تماماً أن يبدأ الجمهور بالمقارنة بين الأحاديث التي تتردد حالياً عن إصابته بمرض ألزهايمر وإصرار عائلته على إخفاء الأمر، وبين دور جسده قبل 12 عاماً، ليمثل آخر عمل سينمائي معروض له حتى الآن، حتى لو كان الأمر مجرد مصادفة، فلا أحد يمكن أن يسكت التدوينات والتحليلات والنقاشات.
"صحة الزعيم" تقلق محبيه
على الرغم من أن عائلته الممثل المصري الذي يلقبه محبوه بـ"الزعيم" تيمناً بمسرحيته الشهيرة التي بدأ عرضها عام 1993، متمثلة في شقيقه المنتج عصام إمام تنفي بشدة إصابته بمرض النسيان وتدهور حالته، فإن الربط بين العملَين لم يتوقف، وهو أمر تعززه أيضاً في مخيلة المتابعين قصة فيلم "زهايمر"، حيث كانت إصابة رجل الأعمال محمود شعيب بمرض ألزهايمر أمراً غير محسوم، بل مزيف. فقصة العمل الذي أخرجه عمرو عرفة وكتبه نادر صلاح الدين تدور حول الأب الذي يريد أن ينتقم من أبنائه الطامعين الذين يريدون أن يرثوا ثروته وهو على قيد الحياة وأن يرفعوا عليه دعوى للحجر على أمواله، فيقرر خداعهم بأن يوهمهم بإصابته بالمرض بفعل الشيخوخة.
وقدم إمام في العمل مجموعة من اللقطات الإنسانية المقنعة التي منحت الفيلم أكثر من 13 مليون جنيه في شباك التذاكر المصري، وهو مبلغ يتجاوز بمقاييس هذا الوقت المليوني دولار، حيث كان سعر الدولار الأميركي وقتها أقل من ستة جنيهات مصرية، فيما يظل المشهد الأبرز هو ذلك الذي جمعه برفيق دربه الفنان سعيد صالح، الذي كان يمثل دور رجل مسن مصاب بألزهايمر، وكان مشهداً شديد الحساسية قدم فيه الثنائي أداءً ظل عالقاً في الأذهان.
المفارقة أن ابنة الراحل سعيد صالح فجرت مفاجأة بعد وفاة أبيها بسنوات، حيث أكدت أن والدها كان مصاباً بالفعل بهذا المرض في حياته الواقعية في أثناء التصوير وكان لا يزال في بداية التدهور، وقد عانى أعراضه خمس سنوات تقريباً قبل الوفاة.
فيلم واحد يختصر مسيرة حافلة!
الفيلم باتت صوره متداولة بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد تجدد إشاعات إصابة النجم البارز الذي أتم في مايو الماضي عامه الـ82، بمرض ألزهايمر الذي يعرف بكونه أحد أشكال الخرف ويصنف بأنه مرض عصبي مزمن، كما يتردد أن والد عادل إمام السيد محمد إمام محمد بخاريني كان قد عانى أعراض هذا المرض قبيل رحيله بسنوات وفارق الحياة في عام 1997، وحينها كان النجم الذي حقق نجاحاً ساحقاً في التلفزيون والمسرح والسينما المولود عام 1940 في حي السيدة عائشة بالقاهرة يعرض إحدى مسرحياته في لبنان، وأصر على الرغم من علمه بوفاة الأب على استكمال عمله إيماناً منه بمسؤولية الفنان نحو الجمهور.
ومع صور الفيلم الذي شاركت فيه نيللي كريم ورانيا يوسف وفتحي عبد الوهاب وأحمد رزق وإسعاد يونس، نرى أيضاً المهتمين بصحة "الزعيم" يرفقونها بمجموعة من صور عادل إمام المسربة، التي التقطت في السنوات الأخيرة للمقارنة بين المظهرين، فيما الثابت أن النجم الكوميدي العربي الأشهر لم يقف أمام الكاميرا منذ نحو ثلاث سنوات، فقد كان آخر مسلسلاته هو "فالنتينو" الذي قدمه في رمضان 2020، وكذلك كانت آخر مداخلة هاتفية له منذ عامين وحينها سخر من استمرار تداول إشاعة مرضه، وحتى الآن يصر شقيقه عصام إمام أنه سيبدأ خلال أسابيع تصوير مشاهد فيلمه "الواد وأبوه" مع نجله الفنان الشاب محمد إمام، وهو الفيلم المتعثر منذ سنوات طويلة، فيما أخيراً نشر الفنان الشاب عمر متولي، نجل شقيقة إمام، صورة تجمعهما متمنياً له الصحة، لكن لم يكشف عن توقيت التقاطها، كما أن التعليقات انحصرت في الدعاء للنجم المحبوب بدوام العافية، مطالبين بظهوره في فيديو حديث لإسكات الأقاويل وليس مجرد صورة ثابتة، أو القيام بمداخلة هاتفية في أحد البرامج على الهواء.
عادل إمام الذي قدم في مسيرته ما يقرب من 170 عملاً، كثير منها يعد علامات في ما يتعلق بالكوميدياً والدراما الاجتماعية وحتى السياسة، وكان ضيفاً أساسياً على مواسم رمضان بداية من عام 2012، حينما قدم "فرقة ناجي عطا الله" الذي كان فيلماً بالأساس، لكنه لم يكتمل سينمائياً فاستبدل بعمل تلفزيوني بالقصة نفسها، لكن الجمهور اختار من هذه المسيرة فيلماً واحداً وكأنه عنوان لحياته، وذلك على الرغم من التأكيدات المتوالية على أنه بخير ويتمتع بذاكرة حديدية مثلما ذكر الفنان شريف حلمي الذي قال إنه زار عادل إمام منذ أيام في منزله وتأكد من سلامته البدينة والعقلية، مستشهداً بوجود رجل الأعمال أحمد مقبل، نجل سارة عادل إمام، في الجلسة، حيث من المعروف أن مقبل دوماً يرافق حماه في أمسيات السمر مع الأصدقاء منذ سنوات طويلة.
والشيء نفسه بالنسبة إلى نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي، الذي قال إنه تواصل بشكل مباشر معه وطمأن محبيه عليه، فمصادفة هذا الدور ليست لعنة بالطبع كما يتصور بعضهم لكنها مجرد مفارقة، لا سيما أن البطل كان يدعي المرض، حيث يرى الناقد الفني طارق الشناوي هذا الربط نوعاً من أنواع التعسف، وأن تشابه بعض الأدوار بتفاصيل في حياة أصحابها "يعد مجرد استثناء يؤكد القاعدة الأساسية التي تشير إلى أنه لا علاقة إطلاقاً بين شخصيات النجوم في الواقع وبين الأدوار التي يجسدونها، وأن تلك الصدف هي أمور تؤكد تلك القاعدة"، لافتاً إلى أن عادل إمام قدم شخصيات كثيرة بينها الكفيف وصاحب المرض العضال وغيره، وكذلك سميرة أحمد قدمت شخصيات الخرساء والعمياء والكسيحة، متمنياً لها الصحة والسلامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصادفات متكررة
لكن اللافت أيضاً أن سيرة مرض ألزهايمر تطارد عادل إمام بصفة دائمة بخاصة بعد أن كان هذا المرض سبباً بشكل أو بآخر في ابتعاد الفنان الراحل محمود ياسين عن مسلسل "صاحب السعادة" الذي قام ببطولته إمام عام 2014، وما قيل حينها إن محمود ياسين كان يعاني بوادر النسيان، بالتالي فضل الانسحاب بعد أن صور يومين بالفعل، ليأتي الفنان خالد زكي بدلاً منه مجسداً شخصية وزير الداخلية في العمل الكوميدي الاجتماعي الذي كتبه يوسف معاطي وأخرجه رامي عادل إمام.
كان الفنان الراحل عمر الشريف أيضاً من أشهر من أصيبوا بمرض ألزهايمر في سنواته الأخيرة، والمفارقة أيضاً أن النجم العالمي كان قد جسد في عام 2009، شخصية المسن جوم، الذي يعاني الخرف وينسى تفاصيل حياته الخاصة، ويعيش في صراعات نفسية حينما يتعرف على شابة عاشقة للرسم والفنون تدعى ماري، وذلك في فيلم فرنسي بعنوان " J"ai oublié de te dire ـ نسيت أن أقول لك"، حيث فارق الشريف الحياة عام 2015 بعد سنوات من المعاناة من هذا المرض، كذلك أعلنت أسرة الممثلة عايدة عبد العزيز قبيل رحيلها إصابتها بمرض ألزهايمر، وكانت قد ابتعدت من الساحة الفنية قبل وفاتها مطلع عام 2022 بست سنوات.
وفي ما يتعلق بالمصادفات التي تربط بين الشخصيات التي قدمها المشاهير، فإن الفنان المصري يوسف فوزي قد كشف عن إصابته بمرض الشلل الرعاش في عام 2016 في حين أنه كان قد قدم في عام 2000 شخصية طبيب لامع يصاب بالمرض ذاته، وذلك في مسلسل "أوبرا عايدة" أمام يحيى الفخراني وحنان ترك، وحينها تندر فوزي بنفسه على تلك المصادفة، وهنا يعود الناقد طارق الشناوي للتعليق مشدداً على أن تلك المفارقات "لا تعني شيئاً". مستشهداً بحكاية قيلت عن الفنان الراحل أنور وجدي ومشككاً في صحتها وهي تتعلق بما تردد على مدار عقود حول أن الفنان الراحل حينما كان في بداية حياته ولا يزال فقيراً شاهد رجل أعمال ثري لديه سيارة فارهة، فتمنى أن يكون لديه مثلها ولما أخبره من حوله بأن صاحبها مريض بالسرطان، قيل إن وجدي تمنى أن يصاب بالمرض نفسه إذا كان سيحصل على ثروة هذا الرجل، ليصاب بالفعل بالمرض نفسه ويفارق الحياة متأثراً بمضاعفاته. ويشير طارق الشناوي أن هذه القصة على الأغلب زائفة واخترعتها المخيلة وأضافت لها مبالغات، مشيراً إلى أن الجمهور يبحث دوماً عن المفارقة في أي حدث يتعلق بالمشاهير.