مثلما يجمع صوتها أوتاراً كثيرة وألواناً موسيقيّة مختلفة، تجمع شخصيّتها بين الشّغف بالموسيقى والفنّ ودراسة الصّحافة في المعهد العالي للصّحافة وعلوم الإخبار بتونس. سامية حامّي مغنّية وموسيقيّة شابّة ظهرت لأوّل مرّة أمام الجمهور عام 2011 في برنامج للأطفال يقدّمه الممثّل التّونسيّ الرّاحل سفيان الشّعريّ. غنّت ضمن مجموعة من الفتيات الصّغيرات "الحلم العربيّ". ومنه، واصلت حلمها في الفنّ والغناء. هي الآن لم تتخرّج بعدُ من معهد الصّحافة. ولكنّها تمارس المهنة عبر عملها في القسم الثّقافيّ للإذاعة الأبرز في تونس "موزاييك إف إم" وتعدّ مشروعها الموسيقيّ الأوّل الذي يعرضُ قريباً في مهرجان الحمّامات الدّوليّ والذي اختارت له اسم "الخابية". فيما يخصّ هذا المشروع/ العرض وتجربة هذه الفنّانة الشّابّة، أجرت معها "اندبندنت عربية" هذا اللقاء.
تقول سامية إنّ بداياتها انطلقت من الشّغف بالموسيقى، استماعاً وأداء منذ الطّفولة. ثمّ تطوّر الأمر مع التحاقها بمعهد الموسيقى "سيدي صابر"، حيث تدرّبت على مختلف تقنيّات الأداء والعزف على آلة العود. وتوّجت بالحصول على ديبلوم الموسيقى العربيّة عام 2016. ومع ذلك، فقد استمرّ اهتمامها بالأنماط الموسيقيّة الغربيّة على حدّ سواء.
يعتبر الممثّل التّونسيّ الرّاحل سفيان الشّعريّ أحد الوجوه الفنّيّة البارزة في تونس. إذ حقّق شهرة عظيمة، بخاصّة من خلال بطولته للمسلسل الهزليّ ذي الأجزاء العديدة والرّواج الكبير في تونس"عندي ما نقلّك". وقد خوّلت له هذه الشّهرة أن يقدّم مبادرات مختلفة من بين أهمّها تجربته في تقديم برنامج "سفيان شو"، الذي يهتمّ بتقديم مواهب الأطفال أمام جمهور القناة الوطنيّة. ولكن نادراً ما غابت أسماء هؤلاء الأطفال لتعود بعد سنوات في شكل تجارب فنّيّة ناضجة ومميّزة، أو على الأقلّ لم يحدث ذلك بعد إلاّ في حالة سامية حامّي، على حدّ علمنا. فقد كان مرورها في البرنامج وآداؤها لرائعة وردة الجزائريّة "أكدب عليك" ومشاركتها في غناء "الحلم العربيّ" لافتاً للأنظار بصوتها الذي بدا قويّاً وجميلاً على نحو مختلف منذ تلك السّنّ المبكّرة. مرور سامية حامّي أمام المنبر الذي اكتشف موهبتها على حدّ قولها لم يكن مروراً عابراً. "فمن البرنامج انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثمّ إلى عروض ثقافيّة مختلفة، من بينها حفل تأبين الشّهيد شكري بلعيد وكذلك حفل تأبين سفيان الشّعري نفسه، وصولاً إلى تأسيس فرقة "دوز آرت" الموسيقية بمعيّة عازف القيثار محمّد أمين حرباوي".
"بعد تجربة الأداء، استأنستُ في نفسي القدرة على تقديم 'طبق موسيقي' متكامل نابع من المخزون الموسيقي المتجذّر في كياني. فقمت بكتابة وتلحين ألبوم يحتوي على خمس أغانٍ، أغنيتان منهما من كلمات الشاعر أحمد شاكر بن ضية. تمّ تقديم الأغاني ضمن برنامج 'أبدع الآن' الذي احتضن الألبوم/ العرض الذي اخترت له اسم "الخابية". هكذا تصرّح سامية، وهي تشكر كلاًّ من عازف الكمان محمّد مالك البحري والفنّان إلياس قايدي على دعمهما لهذا المشروع منذ انطلاقته. ففي البداية، لم تكن تملكُ سوى صوتها وحسّها المختلف في إعادة أغان مكرّسة ومختلفة مثل أغاني العظيمة فيروز (سهر اللّيالي، أسامينا...) أو أغاني مايكل جاكسون وأغاني التّراث الموسيقيّ التّونسيّ (اللّيل زاهي، كي يضيق بيك الدّهر، هزّ عيونك...) ولم تكن ترى في ذلك المادّة الكافية لتقديم ألبوم وعرض في أحد أكبر المهرجانات الدّوليّة في تونس. "ثمّ جاء برنامج 'أبدع الآن' الذي يقوم على دعم تجارب فنّيّة شبابيّة وإحاطتها بجملة من الورشات المميّزة التي تمكّنها من الظّهور بأفضل شكل ممكن وعلى نحو احترافيّ". تمّت الورشات في دار سيباستيان بالحمّامات. "وبعد تطوّر التّجربة، قُدّم عرض أوّليّ في إطار 'ليالي القمر' في المركز الثّقافيّ بالحمّامات أواخر شهر مايو (أيار)، في انتظار أن يصير إلى الصيغة النّهائيّة التي ستُعرض قريباً ضمن فعاليّات المهرجان الصّيفيّ الدّوليّ".
تقول سامية حامّي إنّ ما أحدث نقلة في ألبومها الأوّل هو وجود أغنيتين من كلمات الشّاعر التّونسيّ ومدير بيت الشّعر أحمد شاكر بن ضيّة، كانت قد عملت عليهما من قبل. ومن ثمّ اشتغلت على تطويرهما، علماً أنّها من قامت بعمليّة التّلحين. إضافة إلى ذلك، وجدت نفسها تكتب كلمات تقوم على البساطة في التركيب والحفر في عمق المشاعر. ثمّ لحّنتها مشكّلة بذلك عدداً من الأغاني الأخرى. وبهذا الشّكل، أصبحت 'الخابية' مزيجاً من الأغاني المكرّسة التي تؤدّيها على النّحو الذي يتمثّلها وفقه حسّها الفنّيّ المختلف وأغاني أخرى اكتفت بتلحينها وأخرى تشكّلت تماماً كلمات وألحاناً وأداء من كيانها الخاصّ وتجربتها الفرديّة. وبهذا المعنى، تكون خابية سامية الحاميّ غير تلك التي اعتاد الأجداد أن يخبّئوا فيها الزّيت أو الخمر. وإنّما هي مخزون تجربتها الذّاتيّة وحساسيّتها الخاصّة ورؤيتها الفنّيّة التي تراكمت في الدّاخل وتعتّقت في شكل كلمات وألحان.
تراهنُ صاحبةُ الخابية على النّفَس الشّبابيّ الذي يقوم عليه الألبوم، إذ يشاركها فيه عازف القيثار محمد أنيس الميستاوي، عازف البيانو إلياس البلاقي وعازف الإيقاع عزيز بلهاني، وهم جميعاً من الموسيقيّين اليافعين الذين يجمع بينهم الشّغف بهذا الفنّ على اختلاف ألوانه وحساسيّاته والطّموح لإيجاد تجارب جديدة ومختلفة لها مكانتها في المشهد التّونسيّ، ولمَ لا في السّاحة الفنّيّة العربيّة أيضاً.