كنا قد كشفنا عن جزءاً مما يحدث في سامراء، وأن هناك حالة عزل غير مسبوقة للمدينة القديمة التي تحيط بمرقد الإمامين العسكريين للشيعة الإمامية العاشر والحادي عشر علي الهادي والحسن العسكري، وقد تعرض مرقدهما في سامراء إلى التفجير من قبل تنظيم "القاعدة" التي تبنت المسؤولية، عام 2006، ودخلت سامراء في حالة طوارئ منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا، والأمن الحذر تتولاه ألوية من "الحشد الشعبي" في مقدمتها "سرايا السلام" التابعة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والشرطة الاتحادية، وعرف عنها الانضباط العالي والتدريب القتالي المشهود، لا سيما في مقاتلة تنظيم "داعش" ودحره.
هدنة مهددة
وأخيراً، انفرط عقد الهدنة التي تعيشها مدينة سامراء العراقية، وهرع الناس إلى الطوابق الأرضية والسراديب على أثر سماع دوي الرصاص بكثافة في المربع الأمني البالغ كيلومتراً حول المرقد والمقام الذي أعيد بناؤه.
وشعر الناس بأن شيئاً ما يحدث داخل المربع الأمني الذي يضم نحو 3000 منزل إضافة للمرقد، وتبين أن مواجهات دارت بين "سرايا السلام" وخصومهم من حماية العتبة ومعظمهم من الشرطة الاتحادية الذين يتقاسمون معهم حماية المنطقة، غير أن أحداث المنطقة الخضراء ومقتل نحو 50 عنصراً من التيار الصدري أعادت صورة العداء والندية التي انسحبت من مربع أمن المنطقة الخضراء في بغداد إلى سامراء ومناطق عراقية أخرى.
بيان "سرايا السلام" اللافت
في اليوم التالي، السبت 24 سبتمبر (أيلول)، أصدرت قيادة "سرايا السلام" توضيحاً حول الأوضاع في مدينة سامراء جاء على لسان مرتضى البهادلي الناطق الرسمي باسم "السرايا" أن "الأزمة "البسيطة " بين أفراد من "سرايا السلام" وبعض منتسبي العتبة العسكرية، تعرضت للتضليل ولتهويل إعلامي كبير بعيد عن الحقيقة، فالأزمة تصرف فردي تمت معالجته ولا وجود لأي مشكلة بين الجانبين، وأن ما حدث تصرف فردي طبيعي تسبب بمشاحنة بين أفراد من منتسبي العتبة و"سرايا السلام"، ولا وجود لأي مشكلات أو مصادمات كما ذكر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي". وتابع البهادلي أن "سرايا السلام" والعتبة العسكرية فريق واحد متجانس يعملان بجهود كبيرة لحماية المراقد المقدسة وتأمينها أمام الزائرين من شتى المحافظات .
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الجدير ذكره أن الصور التي سربت من داخل السور حول العتبة تكشف عن أن الوضع خطر، وليس مجرد عراك فردي.
نعيش وضعاً كارثياً
والوضع الحالي في سامراء، ومنذ عام 2006 يؤكد أن المدينة والقضاء تعيشان وضعاً كارثياً، وسامراء هي العاصمة الإسلامية العربية العراقية الثانية التي حكمت ما يزيد على نصف قرن العالم الإسلامي في القرن التاسع الميلادي، وهي المدينة المقدسة الرابعة بعد النجف وكربلاء والكاظمية، لكنها ظلمت مرات عدة، وهمشت وما زالت تهمش، ولا بد من طرح وضعها الاستثنائي، ولا سيما معاناة أهلها وسرقة مواردها، وربطها الإداري الظالم بتكريت وهي تصلح أو يجب أن تكون محافظة بميزانية وسياسة واضحة لتطويرها وتمكين أهلها من العيش بكرامة وإدارة محلية كفؤة تتعهد صيانة أماكن العبادة وتحافظ على قدسيتها، وهي أهل لذلك منذ 1200 عام. وتابع بيان أهالي المدينة الذي ساق هذه الحجج أن "من غير الجائز أن يتعذب أهلها ويحرموا من العيش الأمن فيها، ونهيب بالمرجعية الرشيدة وبالرئاسات الموقرة معاينة وضع سامراء وتمكين مواطنيها من العيش بسلامة وإدارة محلية من سكانها ومواطنيها. نقدر تعاطفكم معنا، ونأمل الاستجابة".
خشية الحرب الطائفية
وبات بعض الأهالي يتخوف من إذكاء نار الطائفية من جديد بدوافع الخروج من المأزق السياسي الحالي، بخاصة أنهم ينتظرون استكمال بناء المقام وافتتاحه من جديد خلال الأشهر القليلة المقبلة، بعد جهود وصبر كبيرين لتجاوز محنة تفجيره التي تثير لديهم مئات الأسئلة، لا سيما أنه تفجر بعد سنتين من احتلال العراق وغزوه، وهو شاخص أمامهم منذ 1200 عام، مقاماً شيعياً في بيئة ذات غالبية سنية، وهم يتفاخرون أن مدينتهم احتضنت المقام وتأسس فيها أول مرجعية جعفرية في التاريخ.