على مدى نحو أسبوع شارك نحو 150 رئيس دولة وحكومة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة المشكلات التي تواجه كوكباً يعاني الأزمات المتصاعدة والصراعات التي يبدو أن النظام الدولي المتقدم في السن غير مجهز بشكل كاف للتعامل معها، فهل تمثل الجمعية قوة حقيقة داخل الأمم المتحدة وعلى الصعيد الدولي، أم هي عبارة عن منصة خطابات سنوية؟ وهل ظهرت تاريخياً أحداث مهمة كانت الجمعية العامة وراءها؟
ظهور إعلامي
يجادل بعض المراقبين بأن الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في مطلع كل خريف، أصبح فرصة للقادة الوطنيين من كل قارات العالم لإلقاء الخطب على المسرح العالمي في ما يشبه الآن نسخة مؤتمر "دافوس"، لكن غالباً ما يتعلق الأمر بالرؤية والظهور، حتى بالنسبة لمشاهير مثل مات ديمون وغولدي هاون وغيرهم الذين يستخدمون منصة الجمعية العامة لخدمة قضاياهم من دون تجاوز الخطوط السياسية.
وعلى سبيل المثال يشير خبير عمليات الأمم المتحدة الذي يرأس مكتب مجموعة الأزمات الدولية ريتشارد غوان إلى أن خطابات هذا العام على رغم أنها ليست أسوأ من خطب الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2020 والتي تحولت بالكامل إلى مكالمات فيديو مطولة ومملة، فإن معظمها يبدو عديم القيمة، ويعود ذلك جزئياً إلى أن القادة لا يستمعون لخطابات بعضهم بعضاً ويوجهون ملاحظاتهم الخاصة إلى جماهيرهم المحلية داخل أوطانهم.
عالم في خطر
وحتى بالنسبة إلى القضايا التعاونية الأكثر أهمية لشعوب العالم، فبعد عقود من التقدم في الحد من الفقر وتحسين النتائج الصحية، بدأ العالم في السنوات الأخيرة يتأخر كثيراً في الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 للأمم المتحدة، والتي وافقت عليها جميع الحكومات في عام 2015. وفي ظل هذا الوضع غابت أية مظاهر احتفالية، وسادت نغمة تكشف عن نيران عالم متوتر ومقلق في الحدث العالمي الأول للدبلوماسية.
وإذا كان الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش وكثير من قادة العالم يعترفون بأن العالم مشلول وفي حال خطر لأن هناك خللاً وظيفياً عالمياً هائلاً نتج عن صراعات تتراوح بين حرب أوكرانيا المستمرة منذ ستة أشهر إلى النزاع المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين والقلق في شأن تغير المناخ وارتفاع أسعار الوقود ونقص الغذاء وعدم المساواة الاقتصادية والهجرة والمعلومات المضللة والتمييز وخطاب الكراهية والصحة العامة، فقد تباينت لديهم الأولويات، وكذلك الوصفات المطلوبة لعلاج هذه الأزمات والقضايا.
لكن على رغم أن اجتماعات الأمم المتحدة أصبحت منتدى مخصصاً لفكرة التقريب بين العالم، ويتشارك عديد من القادة خلال انعقادها في تأكيد الحاجة إلى التعاون والحوار والثقة، فإنه من النادر أن يكون الأمر بهذه السهولة، نظراً إلى لانقسامات الجيوسياسية التي تقوض عمل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والقانون الدولي، وثقة الناس في المؤسسات الدولية، ومعظم أشكال التعاون الدولي، بسبب الخلاف بين البلدان المتقدمة والنامية، وبين الشمال والجنوب، وبين الدول الغنية والفقيرة، والتي نبعت في الأساس من جذور التوترات الجيوسياسية وانعدام الثقة التي تسمم كل مجال من مجالات التعاون العالمي، من اللقاحات إلى العقوبات وانتهاء بالتجارة.
صدقية على المحك
وطرحت كذلك أفكار مختلفة حول التوازن بين العمل الجماعي والدفاع عن الذات، وحول ما إذا كان النظام الدولي الذي تم إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية يحتاج إلى إصلاح وإعادة الترتيب.
وفي حين أن الدورة الـ 77 للجمعية العامة هذا العام جاءت مع استمرار معاناة البلدان من عواقب جائحة "كوفيد-19" وتغير المناخ والحرب بين روسيا وأوكرانيا ومواجهة التحديات العالمية الأخرى، فإن تجدد الاهتمام بأهداف التنمية المستدامة التي تستهدف القضاء على الفقر بحلول عام 2030، وإعداد ميثاق من أجل المستقبل، سيتم الكشف عنه العام المقبل، بما يضمن قدرة منظومة الأمم المتحدة على مواجهة التحديات المستقبلية بفعالية، سيجعل صدقية الأمم المتحدة على المحك، بخاصة أن تقييم دورها يتجدد كل عام وسط انتقادات بأن الجمعية العامة شأنها شأن عديد من منظمات الأمم المتحدة تبدو بلا فاعلية ما يجعلها في حكم الميت.
ولكن قبل الحكم على الجمعية العامة ينبغي معرفة ماهيتها ودورها وعضويتها وإمكانية إصلاحها.
ما دور الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
الجمعية العامة للأمم المتحدة هي الهيئة التمثيلية العالمية الوحيدة للأمم المتحدة، في حين أن الهيئات الرئيسة الأخرى هي مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة ومحكمة العدل الدولية.
وحدد ميثاق الأمم المتحدة دور الجمعية العامة، وهو المناقشة وتقديم توصيات في شأن الموضوعات المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، بما في ذلك التنمية ونزع السلاح وحقوق الإنسان والقانون الدولي والتحكيم السلمي في الخلافات بين الدول، كما تدير الجمعية العامة مسألة التعيينات الداخلية للأمم المتحدة والموافقة على الميزانية، وتحصل كل دولة عضو في الأمم المتحدة على صوت واحد في الجمعية.
وتنتخب الجمعية العامة الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة الأخرى، مثل مجلس حقوق الإنسان، وتعين الأمين العام بناءً على توصية من مجلس الأمن كما تعمل الجمعية مع مجلس الأمن لانتخاب قضاة محكمة العدل الدولية.
وللجمعية العامة وظائف عديدة أهم من قبول أعضاء في الأمم المتحدة أو تعليق عملهم أو طردهم، وصممت هذه الوظائف لمساعدتها على العمل كمجلس استجواب للرأي العالمي وبرلمان يمكن من خلاله وضع معايير عامة للتعاون الدولي، وبصفتها جهازاً يمكن من خلاله التعبير عن الرأي العالمي وتعبئته، فإن الجمعية العامة يمكن أن تناقش أي قضية تتعلق بالسلم والأمن الدوليين بطلب من أي دولة عضو أو حتى من قبل دولة غير عضو، لكن نظراً إلى أن الأعضاء يمثلون عديداً من الآراء السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة في ما يتعلق بالسياسات المحلية والدولية تتوافر كل الأسباب لتوقع مجموعة واسعة من الآراء في النقاش، ومع ذلك لا يبدو أن أي مسألة ذات اهتمام دولي تقع في الواقع، خارج دور الجمعية العامة كمنتدى للرأي العام العالمي.
هل يمكن للجمعية العامة أن تبت في نزاع؟
في ما يتعلق بكل من المبادئ العامة والنزاعات الخاصة يجوز للجمعية العامة تقديم توصيات إلى مجلس الأمن أو الدول الأعضاء، لكن إذا كان مجلس الأمن هو نفسه يتعامل مع النزاع، فلا يجوز للجمعية العامة تقديم توصية، وفقاً للجمعية الوطنية للتاريخ.
ومع ذلك، يجوز لمجلس الأمن أن يطلب من الجمعية العامة المساعدة في إيجاد حل للنزاع، وعليه أن يطلع الجمعية العامة على وجود أي نزاع وبإجراءاته، وعلى العكس من ذلك، فإن الجمعية العامة قد تلفت انتباه مجلس الأمن إلى الحالات التي يحتمل أن تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
هل يمكن للجمعية إصدار تشريعات دولية؟
الوظيفة العامة الثانية للجمعية العامة هي وضع معايير دولية للتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن مقارنة الجمعية العامة بأي هيئة تشريعية وطنية هو محض خيال، ذلك أن وظيفة الجمعية ليست التشريع، بل صياغة السياسات، وإجراءاتها الرسمية ليست من طبيعة القوانين، فهي لا تذهب إلى مجلس الأمن للموافقة ولا تفرض على الدول الأعضاء شيئاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعد نطاق اختصاص الجمعية العامة واسعاً للغاية، فإلى جانب صلاحياتها في المناقشة والتوصية في ما يتعلق بالنزاعات الدولية، فهي مكلفة على وجه التحديد دراسة وتقديم التوصيات التي من شأنها تعزيز التعاون الدولي وتطوير مدونة للقانون الدولي وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الأمم وتحقيق الحريات الإنسانية الأساسية في كل مكان، والإشراف العام على نظام الوصاية في المجالات غير الاستراتيجية، وتغطي هذه الأقسام العريضة مجال العلاقات الدولية، لكن عبارة "تقديم توصيات" تكشف عن أن سلطات الجمعية العامة ليست عميقة بقدر اتساعها.
ما عضوية الجمعية العامة؟
هناك 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، ولكل منها صوت في الجمعية العامة، ويتغير رئيس الجمعية مع كل جلسة سنوية ويتم انتخابه من قبل الهيئة نفسها، ويتمتع الرئيس بصلاحية تطبيق القواعد الإجرائية، مثل افتتاح المناقشة وتحديد جدول الأعمال وتحديد أوقات التحدث للممثلين وتعليق المناقشة أو تأجيلها، غير أن بعض الرؤساء في السنوات الأخيرة، تجاوز الدور الإجرائي لدعوة مسؤولي الأمم المتحدة لاطلاع الجمعية العامة، وقد أثار هذا في بعض الأحيان معارضة عدد من الدول الأعضاء، ففي عام 2011، على سبيل المثال، دعا رئيس الجلسة ناصر عبدالعزيز الناصر المفوض السامي لحقوق الإنسان لإطلاع الدول الأعضاء على الحرب الأهلية السورية على رغم معارضة مؤيدي سوريا.
ويمكن أن تكون العضوية مثيرة للجدل وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، فقد حرمت تايوان من عضوية الأمم المتحدة لأكثر من عقدين بسبب اعتراضات الصين التي تشغل مقعداً دائماً في مجلس الأمن وتعتبر تايوان جزءاً من أراضيها ذات السيادة.
كما كان وضع فلسطين في الأمم المتحدة مثيراً للجدل، إذ سيطر الخلاف على جلسة الجمعية العامة عام 2011 بسبب الخلاف حول محاولة فلسطين أن تصبح دولة عضواً، والتي تعثرت في مجلس الأمن بعد أن تعهدت الولايات المتحدة استخدام حق النقض ضد مثل هذا الإجراء، لكن في الجمعية العامة لعام 2012، أصدرت الدول الأعضاء قراراً، بأغلبية 138 دولة واعتراض تسع دول مع امتناع 41 عضواً عن التصويت، لرفع مستوى فلسطين من كيان مراقب غير عضو إلى دولة مراقب غير عضو، وبهذا أصبحت فلسطين ومدينة الفاتيكان دولتين مراقبتين غير عضوين في الأمم المتحدة، ولهما الحق في التحدث خلال اجتماعات الجمعية، ولكن لا يمكنها التصويت على القرارات.
هل الجمعية العامة بحاجة إلى الإصلاح؟
يقول عديد من الخبراء في الأمم المتحدة والدول المانحة الرئيسة إن الجمعية العامة بحاجة إلى لإصلاح إذ تركز جهود تنشيط عمل الجمعية على زيادة سلطتها في مواجهة مجلس الأمن، ما قد يجعل عملية تعيين المديرين التنفيذيين للأمم المتحدة أكثر شفافية، لكن الجمعية استمرت في مقاومة الإصلاحات العميقة الجذور، ما يعكس الخلاف بين عديد من أعضائها من العالم النامي، الذين يريدون الاحتفاظ بصوت قوي في المداولات، وبين الدول الغنية التي تعمل كمانحين رئيسين للأمم المتحدة.
وفي عام 2005، قدم الأمين العام كوفي عنان تقريراً ينتقد الجمعية لتركيزها المفرط على التوصل إلى إجماع وفي الوقت نفسه تمرير قرارات تعكس أدنى قاسم مشترك من الآراء. ويشير خبير الشؤون الدولية في جامعة "كولومبيا" مايكل دبليو دويل إلى أن الجمعية العامة مؤسسة مهمة لم يحدد دورها مطلقاً، من حيث كونها لديها مداولات غير كافية ولا مناقشة حقيقية كافية، وأنه يمكن أن تعزز الجمعية أهميتها من خلال عقد جلسات استماع بشهادة الخبراء.
الأمل في قمة المستقبل
وقد بذلت الجمعية العامة جهوداً في السنوات الأخيرة لجعل عملها أكثر موضوعية وملاءمة، إذ تبنت قراراً عام 2005، يجعل لرئيس الجمعية دوراً أكثر تأثيراً من خلال منحه سلطة اقتراح المناقشات وتوسيع الموارد المتاحة، وفي عام 2019، أنشأت الجمعية مجموعة عمل مكرسة لتنشيط الجمعية العامة.
في الوقت نفسه دعا الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيريش إلى اتخاذ إجراءات أوسع لتحسين نظام الأمم المتحدة، وخلال دورة الجمعية العامة عام 2021، قدم تقريراً اقترح فيه إجراءات شاملة لتحسين التعاون العالمي، بما في ذلك عن طريق الارتقاء بالأمم المتحدة. وقال غوتيريش إنه من المتوقع أن تعقد الجمعية العامة عام 2023 قمة المستقبل لتعبئة مثل هذه الإجراءات وإنشاء ميثاق للمستقبل من شأنه تنشيط النظام متعدد الأطراف وجعله مناسباً لتحديات اليوم والغد.
هل عوقب أعضاء من الجمعية العامة؟
للجمعية العامة سلطة توجيه لوم للدول على انتهاك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، فعلى سبيل المثال، يمكنها منع البلدان من العمل في لجان الأمم المتحدة وطرد البلدان من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إذا ارتكبت انتهاكات فظيعة، وفي الستينيات، منعت الجمعية وفد جنوب أفريقيا من الوصول إلى الأمم المتحدة لأن البلاد كانت تمارس الفصل العنصري، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، لكن أعيد إدخال جنوب أفريقيا عام 1994، بعد انتقالها الديمقراطي.
وفي عام 1992، بعد حل يوغوسلافيا، حرم قرار للجمعية صربيا والجبل الأسود، الميراث التلقائي لمقعد يوغوسلافيا السابقة، مطالباً إياهما بإعادة التقدم لعضوية الأمم المتحدة والتخلي عن المشاركة في مناقشات الجمعية.
ومنعت إسرائيل لسنوات عديدة من العمل في لجان الأمم المتحدة ولجانها لأن المناصب مخصصة وفقاً للعضوية في المجموعات الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة ومنعت الدول العربية إسرائيل من العضوية في مجموعة آسيا والمحيط الهادئ التي تضم دولاً أخرى في الشرق الأوسط، وأصبحت إسرائيل عضواً موقتاً في مجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى في عام 2000 من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
وفي عام 2012 صوتت الجمعية العامة بأغلبية 133 صوتاً مقابل 12 صوتاً، وامتناع 33 عن التصويت، للتنديد بارتكاب الفظائع التي ارتكبتها دمشق منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل عام، وفي عام 2019، أصدرت الجمعية العامة قراراً غير ملزم يدين انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا في ميانمار، حيث تم تمريره بموافقة 134 دولة مقابل تسعة أصوات، مع امتناع 28 عن التصويت.
وفي السنوات الأخيرة كانت روسيا هدفاً لقرارات الجمعية العامة، ففي عام 2014، تبنت الجمعية قراراً غير ملزم يستنكر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وتمت الموافقة عليه بنسبة 100 مقابل صوت واحد، مع امتناع 58 دولة عن التصويت، يعلن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم غير قانوني. عندما غزت روسيا أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، دعت الجمعية العامة إلى جلسة طارئة وصوتت بأغلبية 141 مقابل خمس دول، مع امتناع 35 عن التصويت، لإدانة الغزو ومطالبة روسيا بسحب قواتها على الفور، وصوتت في وقت لاحق على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعد أن كانت ليبيا آخر دولة فقدت مقعدها في المجلس عام 2011.
أدوار تاريخية
يعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377، والذي حمل اسم "متحدون من أجل السلام" الذي صدر عام 1950 قراراً تاريخياً بكل المعايير، فقد بادرت الولايات المتحدة بالقرار التاريخي وينص على أنه إذا فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "في ممارسة مسؤوليته الأساسية" في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، فينبغي على الجمعية العامة أن تتولى الأمر بنفسها وتحث على العمل الجماعي.
أزمة السويس
وقد عملت الجمعية على هذا القرار في عدد قليل من الحالات، بما في ذلك أزمة السويس عام 1956، إذ أدى تدخل الأمم المتحدة في الأزمة عام 1956 إلى وقف إطلاق النار وانسحاب القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية من منطقة قناة السويس وسيناء، بعد أن أممت مصر قناة السويس، مما أدى لاندلاع الحرب.
وبموجب القرار تم إنشاء أول قوة طوارئ تابعة للأمم المتحدة وهي قوات حفظ السلام، كما أثار الغزو الأميركي للعراق عام 2003 دعوات من عديد من المنظمات للجمعية العامة للنظر في القضية وتجاوز مأزق مجلس الأمن، لكن الجمعية لم تفعل ذلك.
الحرب الكورية
على العكس من ذلك، كان التحرك الأميركي في الحرب الكورية مختلفاً، ففي نهاية الحرب العالمية الثانية، احتل كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة نصف كوريا وقبلا استسلام اليابانيين في تلك المنطقة، مما أدى إلى تقسيم البلاد فعلياً إلى قسمين على طول خط عرض 38 وتحت تأثير الاتحاد السوفياتي، تم تشكيل حكومة شيوعية في كوريا الشمالية، بينما حافظت كوريا الجنوبية على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.
وفي 25 يونيو (حزيران) 1950 غزت القوات الكورية الشمالية كوريا الجنوبية عبر خط العرض 38 بدعم من الاتحاد السوفياتي، وضغطت الولايات المتحدة على الفور على الأمم المتحدة للتحرك، وأصدرت توجيهات تحث على وقف إطلاق النار. وكان مجلس الأمن قادراً على تمرير هذه الإجراءات لأن الاتحاد السوفياتي قاطع مجلس الأمن واختار عدم المشاركة، ولم يضغط الرئيس هاري ترومان من أجل إعلان الكونغرس للحرب، لكنه بدلاً من ذلك، صنف النزاع الكوري على أنه "عمل بقيادة الأمم المتحدة" يعمل تحت سلطة مجلس الأمن.
والآن، بعد 77 عاماً من إنشائها، يجمع كثير من المراقبين والمتخصصين في المنظمات الدولية على ضرورة إصلاح الجمعية العامة والأمم المتحدة نفسها، حتى تستطيع الصمود في وجه التغييرات التي شهدها العالم، لأنها إن لم تفعل ذلك، فقد تواجه خطر الموت وعدم الفاعلية الذي كان يهددها بالفعل على مدى العقود الأخيرة.