Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوهام القوة المتبادلة بين موسكو وواشنطن تنذر بمصير قاتم لأوكرانيا

في ظل تعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، تستطلع "اندبندنت" آراء مسؤولين أميركيين وبريطانيين سابقين حول الثقة المفرطة التي يجسدها كل من الرئيس الأميركي المنتخب ترمب والزعيم الروسي بوتين

ترمب وبوتين خلال محادثات مغلقة في هلسنكي من دون حضور مستشاريهما في يوليو 2018 (أ ف ب عبر غيتي)

ملخص

يحذر خبراء ومسؤولون سابقون من تداعيات خطرة على أوكرانيا وأوروبا بسبب سوء تقدير ترمب وبوتين لقدراتهما، مؤكدين ضرورة تعزيز التحالفات الدولية والدفاعات الأوروبية لمواجهة تهديدات روسيا المتزايدة والتحديات الجيوسياسية المعقدة.

حذر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني ودبلوماسيون بارزون، في تصريح إلى "اندبندنت"، من تداعيات خطرة تلوح في الأفق على أوكرانيا بسبب الغزو الروسي نتيجة سوء تقدير كل من دونالد ترمب وفلاديمير بوتين لقدرتهما على التأثير في الآخر.

وكان فوز ترمب في الانتخابات الأميركية أدى إلى زعزعة التزام أوروبا بدعم كييف "مهما طال الأمد"، إذ يسعى الرئيس الأميركي المنتخب إلى تسوية سريعة للنزاع، حتى لو تطلب ذلك الضغط على أوكرانيا للتنازل عن أراضٍ تحتلها روسيا حالياً.

وحول ذلك، يرى السير أليكس يانغر الذي تولى رئاسة جهاز الاستخبارات البريطاني "أم أي 6" (MI6) خلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2020، أن كلا الزعيمين يبالغ في تقدير قدرته على التأثير في الطرف الآخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول يانغر، "يبدو أن ترمب يبالغ في تقدير طاقته على فرض صفقة تبادل أراضٍ على بوتين. فالأخير يطمح إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير، لا سيما أنه يرى أنه ينتصر وعندما يتعين عليه أن يُظهر [للشعب الروسي] مزيداً من الإنجازات إذا كان يريد تبرير التضحيات الباهظة التي فرضها".

ويضيف "ترمب يقلل من شأن التحدث ويبالغ في تقدير نفوذه".

وترددت أنباء عن اتصال هاتفي بين ترمب وبوتين في أعقاب فوز الأول بالانتخابات الأميركية غير أن الكرملين سارع إلى نفي هذه التقارير.

وفي هذا السياق، حذر السير لوري بريستو، السفير البريطاني السابق في موسكو خلال الفترة 2016-2020 من خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة، مشيراً إلى أنها قد تعكس غروراً متزايداً من جانب ترمب. وواجه الرئيس الأميركي انتقادات خلال ولايته الأولى، عندما التقى بوتين في هلسنكي بفنلندا عام 2018 من دون حضور مستشاريه. وأثار ترمب آنذاك جدلاً واسعاً حين ناقض خلاصات أجهزة الاستخبارات الأميركية، مؤكداً عدم وجود أي دوافع لتدخل روسي في انتخابات عام 2016 التي أوصلته إلى البيت الأبيض.

ويقول السير بريستو "هذا السلوك يكشف بجلاء عن ثقة مفرطة وسوء فهم عميق لشخصية الرجل الذي يتعامل معه"، واصفاً بوتين بأنه "رجل استخبارات سوفياتية حتى العظم".

ويضيف "من المجازفة البالغة جداً محاولة التعامل مع بوتين في أمور جوهرية من دون وجود مسؤولين رسميين في الغرفة".

أما في ما يتعلق بالجانب الروسي، فيؤكد رئيس الاستخبارات البريطانية السابق أن الرئيس بوتين "قد يستخف بأخطار الإمعان في سياسة التمادي في الضغط وفرض الأمر الواقع".

وفي حين قد يكون الرئيس الحالي جو بايدن أكثر التزاماً بالقواعد الدبلوماسية في رده على تهديدات بوتين، مما يثير استياء المسؤولين الأوكرانيين كما يقولون في السر، يبدو ترمب أكثر انفتاحاً على استخدام القوة.

ويوضح السير أليكس: "يسعى ترمب إلى إنهاء هذه الأزمة وطي الملف بأي ثمن. ويبدو أنه مستعد للتنازل عن الكثير. غير أنه إذا شعر بأن النتيجة تتجه نحو الخسارة، فقد يتخذ منحاً مختلفاً".

ويرى كيرت فولكر، المبعوث الأميركي الخاص السابق لمفاوضات أوكرانيا خلال الفترة 2017-2019 إبان الولاية الأولى لترمب، أن هذا التوجه قد يكون نقطة قوة للرئيس العائد إلى البيت الأبيض.

ويضيف فولكر: "ترمب لا يتحمل أن يستغله أحد أو يحاول خداعه. وأعتقد بأن هذا سيكون عاملاً حاسماً في تعامله مع بوتين".

بيد أن فولكر يشكك في احترام بوتين لأي اتفاق محتمل؛ ويقول "من دون أدنى شك" إن الزعيم الروسي سيستغل أي وقف لإطلاق النار لإعادة بناء قواته ومحاولة مهاجمة أوكرانيا مجدداً، كما فعل خلال الاتفاقات السابقة المتعلقة بخطوط المواجهة في شرق أوكرانيا عامي 2014 و2015.

غير أن فولكر يعتقد بأن ترمب سيقدم لأوكرانيا ضمانات أمنية تحول دون نجاح أي هجوم روسي محتمل في المستقبل.

ويوضح "سيخلق ترمب من القوة ما يكفي لردع أي تحدٍّ روسي. هذا هو السبيل الوحيد".

ويردف فولكر الذي شغل أيضاً منصب آخر سفير للرئيس جورج دبليو بوش لدى "الناتو"، أن ترمب سيضمن انضمام أوكرانيا إلى الحلف، ويجبر الأوروبيين على دفع كلف ذلك.

وفي غضون ذلك، ستتواصل الإمدادات العسكرية لأوكرانيا بالقدر الذي يضمن استقرار خط المواجهة.

وحول كيفية إقناع بوتين بانضمام أوكرانيا إلى "الناتو"، في ظل إصرار الزعيم الروسي على أن حياد كييف شرط أساسي لأي اتفاق، يرى فولكر أن موسكو لا تملك خياراً آخر.

ويوضح: "لا سلطة لبوتين على قرار انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي و’الناتو‘. لسنا بحاجة إلى موافقة موسكو على هذا المسار. إنه تطور حتمي".

بيد أن السير أليكس والسير لوري يعتبران هذا الطرح ضرباً من التفكير التفاؤلي. ومع ذلك، يتفق الجميع على أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا قضية محورية.

ويؤكد السير أليكس: "يجب أن يكون الخط الأحمر هو ضمان استمرار وجود ما بقي من أوكرانيا كدولة ذات سيادة. وأعتقد بأن بوتين سيضغط بقوة لتقويض هذا الهدف، لكن سيكون ذلك خطأً كبيراً".

ويضيف: "أعتقد بأن ترمب يريد من أوروبا تحمل مسؤولية هذا الملف، وهو مطلب منطقي في حد ذاته. لكن المشكلة تكمن في أن أوروبا ليست جاهزة بعد لتحمل هذه المسؤولية".

ويعتقد بأن هناك حاجة متزايدة لواشنطن للحفاظ على علاقات قوية مع "الناتو" وحلفائها بصورة عامة، محذراً من أن ترك أوروبا تواجه روسيا بمفردها قد يقوض هذه التحالفات الاستراتيجية.

ويرى المراقبون أن أي مفاوضات مع بوتين في شأن أوكرانيا يجب أن تأخذ في الاعتبار معطيات جديدة على الأرض، إذ إن روسيا اليوم تقاتل إلى جانب قوات كوريا الشمالية، وتستخدم مسيّرات إيرانية، في حين تسعى جاهدة إلى الاستفادة القصوى من علاقاتها مع الصين.

ويؤكد السير لوري في هذا الصدد: "مواجهة مثل هذه التحديات المركبة والمتشعبة بصورة فاعلة تتطلب الاعتماد على القوة التي تكمن في تحالفاتك".

ويستطرد: "ربما أكون مفرطاً في التفاؤل، لكن إذا كان [ترمب] يولي اهتماماً حقيقياً بالجغرافيا السياسية، فالمنطق يقتضي العمل مع الحلفاء لا ضدهم في المجالات شتى".

وأجمع جميع المسؤولين السابقين، في حديثهم إلى "اندبندنت"، على نقطة محورية تتمثل في ضرورة أن تتخذ أوروبا خطوات جادة لتقوية منظومتها الدفاعية، ليس حماية لأوكرانيا فحسب، بل صوناً للقارة بأسرها. وهي خطوة صحيحة بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات الأميركية.

وعلى هذا الصعيد، سارع القادة الأوروبيون، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية المقبلة كايا كالاس، إلى التأكيد على هذا الموقف في أعقاب إعادة انتخاب ترمب.

ويوضح السير أليكس "يبدو لي أن المفتاح الرئيس للحل، وقد بدأت تلوح في الأفق بوادر إيجابية، هو استيعاب أوروبا لحجم مسؤولياتها".

وفي سؤال عن جاهزية حكومة "العمال" في بريطانيا لرفع الموازنة العسكرية، يقول: "هم لا يميلون إلى هذا الخيار، وموقفهم مفهوم. غير أن تطورات الأحداث تدفعهم حثيثاً نحو واقع لا مفر منه. وأنا لا أقول ذلك باستخفاف".

ويختتم تصريحاته محذراً "نحن نواجه خطر وجود نظام سلطوي على حدودنا، متسلح بشعور النصر وتحركه نوازع الانتقام. مواجهة هذا التحدي ممكنة، لكن شرط أن ندرك خطورة الموقف ونتعامل معه بجدية تامة".

© The Independent

المزيد من تحلیل