أعلن المجلس الدستوري نتائج الانتخابات الرئاسية التي شهدتها موريتانيا في 22 يونيو (حزيران) الماضي، وشارك فيها ستة مرشحين.
وأكد المجلس الذي تعتبر قراراته نهائية وغير قابلة للطعن، فوز محمد ولد الغزواني بنسبة 52 في المئة، موضحاً أن الرجل، سيتسلم مهامه في 2 أغسطس (آب) المقبل.
انتشار أمني وقطع للإنترنت
يأتي ذلك على وقع التوجس والتحسّب في ظل انتشار أمني يمكن ملاحظته في مختلف أحياء العاصمة نواكشوط، وحول المرافق الحساسة.
يتزامن ذلك مع قطع خدمة الإنترنت، وإن أعيدت على نطاق محدود إلى الشركات والدوائر الرسمية، في وقت تواصل الدوائر الأمنية والقضائية التحقيق مع 100 أجنبي لضلوعهم في أعمال الشغب التي عاشتها نواكشوط على خلفية الاحتجاجات على نتائج الاقتراع، بحسب الداخلية الموريتانية.
المعارضة ترفض النتائج
وكان أربعة من مرشحي المعارضة هم سيدي محمد ولد بوبكر، بيرام أعبيد، محمد ولد مولود وحاميدو بابا أعلنوا رفض نتائج الانتخابات، لأسباب عدة.
وورد في بيان وزّعوه "أنه يستحيل، في ضوء النتائج التي بحوزتنا، فوز أيّ من المرشحين في الشوط الأول، لذلك قررنا، خوض نضال سلمي حفاظاً على الخيارات والمكاسب الديمقراطية".
وكان المرشحون الأربعة قد دعو أنصارهم إلى النزول إلى الشارع، قبل أن يؤجّلوا موعد مسيرتهم الاحتجاجية بعد رفض السلطات منح الترخيص لهم، جاء ذلك بعد استدعاء المرشحين الأربعة، من قبل وزير الداخلية، على خلفية اندلاع أعمال شغب في نواكشوط ومدينة أنواذيب الساحلية، العاصمة الاقتصادية للبلاد.
مفاجآت الاقتراع
رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر، الذي تلقى دعماً من التيار الإسلامي ممثلًا بحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" ومن رجل الأعمال المعارض محمد ولد بو عماتو، أكد في خطاب وجهه إلى أنصاره، رفضه المطلق نتائج الانتخابات.
وحل ولد بوبكر في المركز الثالث بنسبة 17.87في المئة من الأصوات متأخراً عن المرشح الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد الذي جاء في المركز الثاني بإحرازه أكثر من 172 ألف صوت، أي 18.58في المئة من الأصوات، محققاً بذلك أهم مفاجأة في هذه الانتخابات.
واستطاع التفوق على الرئيس المنتخب ولد الغزواني في العاصمة الاقتصادية انواذيبو.
وتمثلت المفاجأة الثانية في ضعف أداء المرشّح الخاسر محمد مولود، وصاحب التجربة الطويلة في مقارعة مختلف أنظمة الحكم المتعاقبة، وهو المدعوم من قبل الزعيم التاريخي للمعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه.
كيف سيتعامل الخلف مع السلف؟
يتوقع بعض مناصري الرئيس المنتخب أن يرسم لفترة حكمه نهجاً جديداً، يضمن محاربة أفضل للفساد والتخلف والفقر على الرغم من توجس المعارضة من أن تكون فترة حكمه مجرد امتداد لنهج سلفه وشريكه في الحكم والانقلابات، محمد ولد عبد العزيز الذي يتهمه خصومه بعدم نظافة اليد على الرغم من أنه ظل يصف فترة حكمه بأنها كانت مكرسة لمحاربة الفساد.
تحديات
قد يكون محمد ولد عبد العزيز بحضوره القوي في حملة ولد الغزواني، أربك الأخير بخاصة في حملته الانتخابية، حيث بدا ولد الغزواني وكأنه مجرد امتداد لحقبة ولد عبد العزيز، يحرس إرثه ويسعى إلى إكمال ما بدأه قبله، وصاحب مشروع يخاطب شعباً متعطشاً للتغيير والتحديث مع تأهب موريتانيا لتصدير الغاز.
ومن التحديات الماثلة أمام الرئيس المنتخب سبل تعاطيه مع ملفات المديونية، الفساد، قضايا الفقر والبطالة والعدالة الاجتماعية.
المؤسسة العسكرية
تتصدر المؤسسة العسكرية المشهد السياسي وإن من وراء الستار، سجّل بعضهم حضوراً مشهوداً في حملة ولد الغزواني بحسب المعارضة التى تتهم بعض الجنرالات بالانغماس في السياسة والتأثير في إرادة الناخبين.
تهمة ينفيها الضابط السابق محمد سعيد ولد الشيباني ويقول "جيشنا جيش جمهوري ولا علاقة له بالسياسة وهذا ما أكده صديقي ورفيقي من أيام الدراسة الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني من خلال سلوكه طيلة الأربعين عاماً التي قضاها في خدمة المؤسسة العسكرية".
مواقف الخارج
وتأرجحت مواقف الخارج بين مؤيد للانتخابات ومتحفظ حيالها. سفارة الولايات المتحدة في نواكشوط دعت إلى "احترام حرية التعبير والتجمع باعتبارهما ضرورة للديمقراطية"، وآثرت فرنسا المستعمرة السابقة لموريتانيا التزام الصمت على الرغم من اقتحام محتجين السفارة الموريتانية في باريس. وكانت إسبانيا الدولة الأوروبية الوحيدة التي أشادت بالانتخابات، أما المواقف الدولية المؤيدة لنتائج الانتخابات فأهمها عربياً الاتصال الهاتفي الذي أجراه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي بارك فوزه ودعاه إلى زيارة السعودية.