بعد قرار ثلاثة بنوك الانسحاب من النظام المصرفي الروسي تخطط البنوك الحكومية التركية للانسحاب من نظام "مير" للمدفوعات بعد تحذير أميركي بالعقوبات. ونظام "مير" معتمد حتى الآن في عدد من البلدان منها كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وأوزبكستان، فيما العمل مستمر على تطويره لينشط في دول بينها الصين والهند وإيران ومصر والإمارات وغيرها، مما سيبطل مفعول عقوبات واشنطن وحلفائها على القطاع المالي الروسي ومواطني روسيا. وقال مسؤول تركي كبير إن المقرضين الثلاثة، وهم الوحيدون في تركيا الذين لا يزالون يستخدمون نظام "مير" الروسي في معالجة المعاملات التي تتم باستخدام بطاقات الدفع الروسية، قرروا الانسحاب الثلاثاء، 27 سبتمبر (أيلول).
وعكست الليرة التركية خسائرها لتغلق على ارتفاع طفيف بعد هذه الأنباء التي أوردتها وكالة "بلومبيرغ".
ويمثل قرار شركة Turkiye Halk Bankasi AS وTC Ziraat Bankasi AS وTurkiye Vakiflar Bankasi TAO بالتوقف عن استخدام "مير" تحولاً في الموقف التركي في شأن العقوبات التي تستهدف روسيا.
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية توازن دقيقة منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط)، إذ امتنع من المشاركة في العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكان يلتقي ويتفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن موقف الرئيس التركي بدأ يظهر بوادر تحول طفيف منذ أن سافر إلى الولايات المتحدة لحضور الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة الأسبوع الماضي.
وبعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية مباشرة استدعى أردوغان كبار مسؤوليه بمن فيهم وزير الخزانة والمالية نور الدين النبطي لمناقشة بدائل "مير".
وفي اليوم نفسه أعلن إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي عبر قناة تلفزيونية وطنية، أن تركيا تقف بقوة إلى جانب أوكرانيا في الحرب، داعياً روسيا إلى الانسحاب من الأراضي التي تحتلها.
تحذيرات أميركية
وفي وقت سابق من هذا الشهر حذر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية أو مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، المؤسسات المالية من الدخول في اتفاقات جديدة أو توسيع الاتفاقات القائمة مع المشغل الروسي لبطاقات "مير".
وكان كل من Turkiye Is Bankasi AS وDenizbank AS، وهما مقرضان تركيان خاصان، أول من علق المشاركة في "مير" الأسبوع الماضي.
وتحظى بطاقات "مير" بشعبية بين الزوار الروس وتجلب الدخل الأجنبي إلى تركيا خلال الموسم السياحي، وتعد السياحة مصدراً رئيساً للإيرادات، إذ يحاول أردوغان تجنب اندفاع آخر بالليرة، بينما يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أنه يستخدم دوره الدبلوماسي في الحرب لتعزيز مكانته المحلية ووضع تركيا كوسيط، وساعد في تأمين الصفقات لاستئناف شحنات الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود وتبادل الأسرى بين الأطراف المتحاربة، كما دافع علناً عن بوتين ضد العقوبات وحث الدول على عدم الاستهانة بروسيا.
وأثارت علاقات أردوغان مع أوكرانيا، بما في ذلك توريد طائرات من دون طيار غضب موسكو، لكن أنقرة لا تزال شريكاً رئيساً لبوتين، إذ أغلقت العقوبات الدولية طرقاً أخرى للتجارة والسفر والاستثمار.
وقبل أيام نفى متحدث الرئاسة التركية إبراهيم غالن مساعدة البنوك التركية لروسيا في خرق العقوبات، وأكد أن نظام الدفع الإلكتروني الروسي (مير) يستخدمه السياح الروس في تركيا لتغطية نفقات رحلاتهم، موضحاً وفق وكالة "الأناضول" أن "هذه الادعاءات لا أساس لها، وبطاقة ’مير‘ تقتصر على الإنفاق اليومي للسياح الروس عند قدومهم إلى تركيا".
كما استنكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التحذيرات الأميركية بفرض عقوبات على البنوك في بلاده في حال تعاملها مع نظام الدفع الروسي "مير"، ووجه الحكومة إلى تطوير التنسيق المصرفي مع نظام "مير" الروسي لمواصلة التعاون المالي والمصرفي بين تركيا وروسيا.
اجتماع مهم
وكشفت تقارير إعلامية أن خروج البنوك التركية من نظام المدفوعات الروسي يأتي بعد أن عقد الرئيس رجب طيب أردوغان اجتماعاً مع وزير الخزانة والمالية نور الدين النبطي الأسبوع الماضي لمناقشة بدائل "مير"، إذ يعد ابتعاد بنوك الدولة التركية من الروابط المالية المربحة مع روسيا في أعقاب التهديد الأميركي، أحد أكثر الأمثلة دراماتيكية حتى الآن على قوة العقوبات الأمريكية الثانوية في إجبار الدول على الانصياع، بما في ذلك تلك التي رفضت الانضمام إلى القيود الأساس.
وكان البنكان التركيان الخاصان (Turkiye Is Bankasi) و (Denizbank) أول من علق المشاركة في "مير" خلال الأسبوع الماضي.
وفي تقرير حديث نقلت صحيفة "أيدينليك" التركية عن مصادرها أن أنقرة ستعلن في غضون اليومين المقبلين تفاصيل نظام دفع يفترض أن يشكل بديلاً لنظام "مير" الروسي في البلاد، وكشفت المصادر عن أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل نظام دفع يجري العمل عليه ليصبح بديلاً لنظام "مير" في غضون يوم أو يومين.
وأشارت الصحيفة إلى أن السياح والتجار في المناطق السياحية بتركيا "يواجهون حالياً صعوبات في الدفع" ويطالبون السلطات بـ "إيجاد حل" للمشكلة.
وفي وقت سابق توقف بنكا "إيش بنك" و"دينيز بنك" التركيين عن خدمة بطاقات "مير" الروسية، نظراً إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على روسيا.
الكرملين يندد
إلى ذلك، انتقد الكرملين واشنطن لممارستها ضغوطاً على البنوك التركية كي توقف العمل بنظام المدفوعات الروسي (مير)، وهو ما من شأنه أن يضعف التجارة المزدهرة بين البلدين، فيما يستمر الغزو الروسي لأوكرانيا.