توسعت الحكومة المصرية خلال العام الحالي في الاقتراض من الأسواق والبنوك المحلية عبر أدوات الدين الحكومية السيادية بقيمة اقتربت من تريليوني جنيه (103 مليارات دولار أميركي) في تسعة أشهر فحسب منذ بداية العام الحالي 2022.
تمول الحكومة المصرية نفقات الموازنة العامة للدولة وسد العجز بها عبر إصدار أدوات دين سيادية وتتنوع بين إصدار أذون الخزانة بالجنيه المصري (تستحق في أقل من عام وتصدر بآجال 91 و182 و273 و364 يوماً) وبين سندات الخزانة بالجنيه المصري (تستحق بعد أكثر من عام وتصدر بآجال عامين وثلاثة وخمسة وسبعة و10 أعوام و15 عاماً)، علاوة على السندات الدولية بالعملات الأجنبية بالدولار الأميركي أو اليورو أو الين الياباني، إضافة إلى السندات الخضراء التي تستخدم في المشاريع الصديقة للبيئة.
ووفقاً للبيانات الرسمية للبنك المركزي المصري اقترضت الحكومة ببيع أذون وسندات خزانة بقيمة بلغت 1.9 تريليون جنيه (100 مليار دولار) تتوزع بين إصدار أذون خزانة أجل 91 يوماً بقيمة بلغت 713 مليار جنيه (37 مليار دولار) بمتوسط أسعار فائدة تتراوح بين 12 إلى 15.44 في المئة، بينما أصدرت أذون خزانة أجل 182 يوماً بقيمة بلغت 291 مليار دولار (15 مليار دولار) بمتوسط أسعار فائدة تراوحت بين 12 و16 في المئة.
كما أصدرت الحكومة المصرية أذون خزانة أجل 273 يوماً بقيمة إجمالية بلغت 222 مليار جنيه (12 مليار دولار) بمتوسط أسعار فائدة تتراوح بين 13 و16 في المئة، إضافة إلى طرح أذون خزانة أجل 364 يوماً بقيمة إجمالية تصل إلى 415 مليار جنيه (22 مليار دولار) بمتوسط أسعار فائدة تتراوح بين 14 و16 في المئة.
وبحسب بيانات البنك المركزي المصري طرحت القاهرة أيضاً سندات خزانة آجال عامين وثلاثة وخمسة وسبعة و10 أعوام إلى جانب سندات خزانة لمدة 15 عاماً، إذ أصدرت سندات خزانة أجل سنتين بقيمة 84 مليار جنيه (4.3 مليون دولار) بمتوسط أسعار فائدة 13.79 إلى 14 في المئة، إضافة إلى إصدار سندات خزانة أجل ثلاث سنوات بقيمة 76 مليار جنيه (4 مليارات دولار) بمتوسط أسعار فائدة تتراوح بين 14.52 و14.80 في المئة، علاوة على إصدار سندات خزانة أجل خمس سنوات بقيمة إجمالية بلغت 7 مليارات جنيه (360 مليون دولار) بمتوسط أسعار فائدة تتراوح بين 14.20 و15.57 في المئة، إضافة إلى طرح سندات خزانة أجل سبع سنوات بقيمة 4 مليارات جنيه (205 ملايين دولار) بمتوسط أسعار فائدة 14.70 في المئة، إلى جانب سندات خزانة أجل 10 سنوات بقيمة 210 ملايين جنيه (11 مليون دولار)، وأخيراً أصدرت الحكومة المصرية سندات خزانة أجل 15 عاماً بقيمة 1.5 مليار جنيه (78 مليون دولار) بمتوسط أسعار فائدة 15.37 في المئة.
مصدر رئيس لتمويل عجز الموازنة
من جهته، قال رئيس وحدة الدين في وزارة المالية محمد حجازي إن الاقتراض "يمثل المصدر الرئيس لتمويل العجز الكلي للموازنة العامة للدولة، كذلك تمويل سداد أقساط القروض المستحقة خلال السنة المالية عبر إصدار أذون وسندات الخزانة بالعملة المحلية على الخزانة العامة للدولة"، وأوضح في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "العجز الكلي بالموازنة خلال السنة المالية الحالية 2022-2023 يسجل 558 مليار جنيه (28 مليار دولار)، بينما يصل المبلغ المطلوب لسداد أقساط القروض خلال السنة المالية نحو 965 مليار جنيه (50 مليار دولار) ليسجل إجمالي المبلغ المطلوب تمويله نحو 1.5 تريليون جنيه (76 مليار دولار)"، مضيفاً أن "الفوائد على سندات الخزانة العامة المستهدف سدادها خلال السنة المالية الحالية تصل إلى 342 مليار جنيه (17.5 مليار دولار) في حين تقدر الفوائد على أذون الخزانة في الفترة ذاتها بـ185 مليار جنيه (9.5 مليارات دولار) بإجمالي 527 مليار جنيه (27 مليار دولار).
التوازن بين الاقتراض المحلي والخارجي
وقال حجازي إن "وزارته تتبع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق المحلية والخارجية ومع انخفاض أسعار الفائدة خلال الفترات السابقة أصبح هناك إمكان للتوسع واستبدال الاقتراض قصير الأجل بأدوات تمويلية طويلة الأجل سواء من السوق الخارجية أو المحلية، إلا أنه ومع بدء ارتفاع أسعار الفائدة محلياً وعالمياً مرة أخرى فسوف نستهدف إحداث التوازن بين الاقتراض قصير وطويل الأجل بهدف خفض كلفة خدمة الدين خلال السنة المالية الحالية 2022-2023".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في وقت سابق من العام الحالي صرح مساعد وزير المالية المصري أحمد كوجك في مؤتمر صحافي بأن "الدين العام الحالي للبلاد يبلغ 85.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما أكد أن أعباء تلك الديون تعادل 7.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي" مشدداً على أن "تلك النسبة معتدلة مقارنة بعدد كبير من دول العالم"، وأضاف أن "77 في المئة من الدين هو دين محلي والدين الخارجي 33 في المئة من نسبة الديون"، قائلاً "خدمة الدين بلغت 9.9 في المئة من الناتج المحلي في الأعوام السابقة واليوم هبطت إلى 7.4 في المئة".
ارتفاع سعر الصرف
في تلك الأثناء ذكر مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي في المحور الاقتصادي بالحوار الوطني طلعت خليل أن "مسار عمل اللجنة في الفترة المقبلة سيتناول ضرورة وضع آليات للموازنة العامة للدولة تكون شفافة وتتسق وتترابط حتى يشعر المواطن بالرضا على الإنفاق وإيجاد حلول لزيادة موارد الدولة للتوقف عن التوسع في القروض"، مضيفاً في تصريحات إعلامية "لا بد من أن تخرج اللجنة بآليات عمل تكون على قدر تطلعات الشعب المصري".
من جهته قال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري فخري الفقي إن "نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي بلغت 87 في المئة بنهاية العام المالي الماضي"، موضحاً أن ارتفاع خدمة أعباء الدين (الفوائد) تسبب ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة" ومضيفاً في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "تغير سعر الصرف بقيمة جنيه مصري واحد يرفع قيمة الدين العام 83 مليار جنيه (4.25 مليار دولار) سنوياً".
وتابع "على رغم ارتفاع حجم الدين المحلي بسبب التوسع في الاقتراض عبر أذون وسندات الخزانة الذي يسدد بالجنيه المصري فإنه غير مقلق على الإطلاق مقارنة بالدين الخارجي الذي يسدد بالدولار الأميركي".
الديون طويلة الأجل
أظهرت بيانات للبنك المركزي زيادة في قيمة الدين الخارجي لمصر بنحو 12.3 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بما كان عليه في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2021 بنسبة زيادة 8.5 في المئة، مسجلاً 157.8 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) الماضي مقابل نحو 145.5 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2021.
ووفقاً للبيانات الرسمية ارتفع الدين قصير الأجل بقيمة 13.6 مليار دولار ليصل إلى 26.4 مليار دولار في نهاية مارس 2022 مقابل 12.8 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي، بينما تراجع إجمالي الدين طويل الأجل بقيمة 1.3 مليار دولار خلال الفترة ذاتها ليصل إلى نحو 131.4 مليار دولار في نهاية مارس مقابل نحو 132.7 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2021.
وأوضحت البيانات أن الديون طويلة الأجل تستحوذ على نسبة 83.3 في المئة من إجمالي قيمة الدين، أما الديون قصيرة الأجل، فتستحوذ على 16.7 في المئة من إجمالي قيمته.
في شهر أبريل (نيسان) الماضي توقع صندوق النقد الدولي تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى مستوى ما قبل جائحة كورونا بحلول عام 2025 أو 2026، وأشار في تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى أن "الدين العام في مصر سيبلغ 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي على أن يتراجع إلى 89.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المقبل".
ولفت إلى أن "استمرار تراجع الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط سيؤدي إلى تداعيات مطولة على القدرة في توليد الإيرادات عبر المنطقة، لا سيما في البلدان الصاعدة والبلدان متوسطة الدخل والبلدان منخفضة الدخل ونتيجة لذلك يتوقع أن تظل نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي أعلى من مستوياتها في مرحلة ما قبل الجائحة على المدى المتوسط في ما عدا مصر والأردن حيث يتراجع الدين إلى مستواه ما قبل الجائحة بحلول عام 2025 أو 2026".