يصوت البوسنيون، الأحد الثاني من أكتوبر (تشرين الثاني)، في انتخابات عامة تجري وسط أزمة سياسية في بلد تمزقه انقسامات متزايدة بين قومياته تهدد سلامته ووحدة أراضيه.
وبين التهديدات الانفصالية من الصرب الأرثوذكس والشعور بالإحباط لدى الكروات الكاثوليك الذين لم يعودوا يريدون التعايش مع مسلمي البوسنة الذين يحلم كثيرون منهم بـ"دولة مواطنة"، يخشى كثيرون حدوث اضطرابات جديدة بعد الانتخابات.
وتنقسم الدولة الصغيرة والفقيرة الواقعة في البلقان بين كيان صربي هو "جمهورية صرب البوسنة" واتحاد فيدرالي كرواتي مسلم يرتبطان ببعضهما عبر سلطة مركزية غالباً ما تكون مشلولة.
واستمد هذا النظام من اتفاقات دايتون التي جرى التوصل إليها في 1995 برعاية الولايات المتحدة وأنهت حرباً قتل فيها مئة ألف شخص.
وبدأ الناخبون، صباح الأحد، المشاركة في اقتراع معقد لتسمية الأعضاء الثلاثة بالرئاسة الجماعية للبوسنة ونواب البرلمان المركزي ونواب الكيانين وكذلك رئاسة جمهورية صرب البوسنة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية أمرا بيسيتش (57 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية وهي تصوت في ساراييفو "لا أمل في أي شيء، أصوت لأنه الأمر الوحيد الذي يمكنني فعله كفرد".
في المجموعات الثلاث يدخل القادة الذين يشغلون المناصب العامة منذ فترة طويلة في نزاع قومي للسيطرة على السلطة، بينما يفضل مواطنون كثر اختيار المنفى على مواجهة الافتقار إلى الآفاق السياسية والاقتصادية.
فقد غادر نحو 500 ألف شخص البلاد منذ آخر إحصاء سكاني عام 2013 عندما كان عدد السكان 3.5 مليون نسمة وفقاً لتقديرات "الاتحاد من أجل عودة دائمة"، وهي منظمة غير حكومية محلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يسعى ميلوراد دوديك الزعيم السياسي الراسخ لصرب البوسنة والممثل الصربي المنتهية ولايته في الرئاسة الجماعية، إلى رئاسة جمهورية الصرب هذه المرة وضاعف القومي البالغ (63 سنة) التهديدات الانفصالية في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى فرض عقوبات عليه من قبل واشنطن ولندن.
وأكد دوديك مراراً أن البوسنة دولة "فاشلة"، قائلاً بعد الإدلاء بصوته في قريته لاكتاسي إن "الناس لديهم الحافز للتصويت من أجل الاستقرار والسلام وحياة آمنة في هذه المنطقة".
ويراهن بعض المحللين على فوز هذا المعجب الكبير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على رغم أن منافسته الرئيسة يلينا تريفيتش (39 سنة) تؤكد العكس وتلعب هي أيضاً على الوتر القومي، لكنها تعد بالقضاء على النظام الفاسد الذي أسسه ميلوراد دوديك، بحسب تعبيرها، وتقول "ثأرنا سيمارس عبر القانون".
في المجموعة البوسنية يسعى بكر عزت بيغوفيتش زعيم الحزب الرئيس "حزب العمل الديمقراطي" القومي إلى الفوز بولاية ثالثة في المقعد الإسلامي للرئاسة الثلاثية، ودعا البوسنيين إلى انتخاب ممثلين "لن يفرضوا حصاراً أو يتسببوا بأزمات ولن يخرجوا الشباب من البوسنة والهرسك".
ويخوض نجل أول رئيس للبوسنة المستقلة لعبة أصعب من ذي قبل ضد مرشح يدعمه 11 حزباً معارضاً ويقوم دينيس بيسيروفيتش مدرس التاريخ البالغ (46 سنة) بحملة من أجل بوسنة "موالية لأوروبا وموحدة".
من جهتهم يبدو الكروات الذين هددوا لأشهر بمقاطعة الاقتراع غير مسرورين بتقاسم الاتحاد مع البوسنيين، ويطالبون بكيانهم الخاص أو في الأقل بتعديل القواعد الانتخابية التي تسمح للبوسنيين الذين يشكلون غالبية كبيرة داخل الكيان المشترك بانتخاب العضو الكرواتي في الرئاسة الثلاثية.
سيواجه ممثل الكروات المنتهية ولايته في مجلس الرئاسة زيليكو كومشيتش، حامل لواء دولة "مواطنة" تعتبر "غير شرعية" من قبل جزء كبير من مجموعته، بوريانا كريستو مرشحة "حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي" القومي.
وفي حال انتصاره يخشى بعضهم من حدوث اضطرابات جديدة وعرقلة مؤسسية.
وتغلق صناديق الاقتراع عند الساعة 17:00 ت غ وفي غياب أي استطلاعات للرأي من غير المتوقع ظهور نتائج أولية قبل وقت متقدم من ليل الأحد- الإثنين.