ضحى مسلسل "جيفري دامر" الجديد على "نتفليكس" بالدقة لصالح الحبكة الدرامية وفقاً للصحافية التي كانت أول من نقل الخبر المثير منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وقالت آن إي شوارتز Anne E Schwartz لـ"اندبندنت" إن مخرجي مسلسل "الوحش: قصة جيفري دامر" Monster: The Jeffrey Dahmer Story سمحوا لأنفسهم بالتصرف "بحرية إبداعية" في كثير من التفاصيل الأساسية، مضيفة أن المسلسل "لا يتشابه كثيراً مع وقائق القضية".
وقالت "حين يشاهد الناس مسلسل الذي كتبه راين مورفي على (نتفليكس) ويقولون (يا إلهي، هذا رهيب). أريد أن أقول لهم إن الأمور لم تجر على هذا المنوال بالضرورة".
كانت السيدة شوارتز تعمل مراسلة تغطي أخبار الجرائم لصحيفة "ميلووكي جورنال" في عام 1991 حين تلقت اتصالاً من مصدر في الشرطة أخبرها بأنهم عثروا على رأس وأطراف بشرية داخل شقة في المدينة.
هرعت السيدة شوارتز إلى الموقع وتقول إنها لم تجد هناك سوى بضعة عناصر من الشرطة، ثم دخلت إلى مبنى شقق أكسفورد السكنية لكي ترى المكان عن كثب.
وتقول لـ"اندبندنت"، "صعدت إلى شقة دامر، وأطللت برأسي من الباب نوعاً ما، لأنك صحافي وترغب في معرفة ما يجري"، وتشير "ربما مما اعتبرته غريباً هو أن شكلها لم يبد مريباً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت أن الشرطيين أخذوا يدركون أهمية مسرح الجريمة مع عثورهم على صور فورية التقطها دامر لضحاياه، في مراحل مختلفة من عملية تقطيع أوصالهم.
وقالت "لم يعرفوا ما الذي كانوا يعثرون عليه"، مضيفة "عملت في تغطية أخبار الجرائم لمدة خمس سنوات لذلك أعرف كيف تكون الرائحة حين تدخلين مبنى فيه جثة أو جسم في طور التحلل. لم يكن الوضع على هذا الشكل، بل انبعثت رائحة كيماوية شديدة".
وتابعت السيدة شوارتز التي عملت لاحقاً في دائرة الإعلام التابعة لقسم شرطة ميلووكي ووزارة العدل في ويسكونسن بقولها إن تصوير عناصر الشرطة على أنهم عنصريون ومعادون للمثليين هو تصوير خاطئ.
وأوضحت "قضيت كثيراً من الوقت معهم، أثناء إجراء مقابلات مع أشخاص كانوا في مسرح الجريمة. أكرر بأن هذه صياغة درامية للأحداث، ولكن في مرحلة ليس من السهل فيها على عناصر تطبيق القانون أن يكسبوا ثقة المجتمع المحلي، تمثيلهم بهذا الشكل غير مفيد".
في مسلسل "نتفليكس" تقدم غليندا كليفلاند التي حاولت إخطار الشرطة بجرائم القتل التي يرتكبها دامر، على أنها تسكن في شقة مجاورة له، لكن في الواقع، كانت السيدة كليفلاند التي توفيت في عام 2011، تسكن في مبنى منفصل.
وتقول السيدة شوارتز "خلال الدقائق الخمس الأولى من أول حلقة، تظهر غليندا كليفلاند وهي تطرق بابه. لم يحدث أي من هذا".
وتضيف "واجهت مشكلة في تصديق المسلسل، لأنني أعرف بأن هذه الأحداث غير دقيقة، لكن الناس لا يشاهدونه من هذا المنطلق، بل يشاهدونه من أجل الترفيه".
بعد إصدارها كتاباً عن القضية في عام 1991 أصبح من الكتب الأكثر مبيعاً، وحمل عنوان الرجل الذي لم يشبع من القتل The Man Who Could Not Kill Enough، قالت السيدة شوارتز إنها تلقت اتصالاً هاتفياً من دامر، أثناء وجودها داخل غرفة الأخبار في محطة تلفزيونية عملت فيها، لكي يشتكي من ما.
أطلع عدة أطباء نفسيين من الذين قابلوا دامر السيدة شوارتز أن سلوكه قد يعزى إلى والديه.
وأخبرت "اندبندنت" أنه "كره ذلك. بالنسبة لشخص لا يظهر أي عواطف ولا يبدو عليه أنه يهتم لأي شيء، كان حريصاً جداً على حماية والديه، ولا سيما والدته"، مضيفة أن الاتصال كان "سريعاً جداً ومباشراً جداً".
ولفتت "لم تتغير نبرة صوته مطلقاً. كانت عادية ومسطحة جداً. لم يظهر أي شيء. كل ما قاله هو إنه الوحيد المسؤول عن أفعاله".
ولفتت السيدة شوارتز إلى أن دامر تصرف بـ"حرفية" كبيرة في اختياره ضحاياه. كان يجري أحاديث مطولة معهم داخل البارات وفي الشارع، إذ حرص على التربص برجال على هامش المجتمع، لن يثير اختفاؤهم أي ارتياب.
قد ساعدته هذه النقطة، إلى جانب التقنيات المريعة التي استخدمها للتخلص من الجثث، على الإفلات بجرائم قتل 17 فتى ورجلاً قبل اكتشاف أفعاله.
وأضافت أنه كان من النادر بالنسبة لضحايا الجرائم ضمن مجتمع المثليين في ميلووكي خلال ثمانينيات ومطلع تسعينيات القرن الماضي، أن يبلغوا عما تعرضوا له للشرطة خوفاً من كشف ميولهم لعائلتهم أو أصحاب عملهم.
بعد أن استرعت جرائم القتل الانتباه على الصعيدين الوطني والدولي، بدأ الناس يأتون بانتظام إلى شقق أوكسفورد السكنية بحثاً عن تذكارات يحتفظون بها.
وحين هدم المبنى الذي سكن فيه دامر، حاول البعض أن يأخذوا قطعاً من الطوب وتراباً من المكان، ولا يزال الموقع فارغاً ومحاطاً بسياج عالٍ حتى يومنا هذا.
وفيما حطم مسلسل دامر الرقم القياسي لعدد ساعات المشاهدة خلال أول أسبوع عرض له في "نتفليكس" تقول السيدة شوارتز إن ميلووكي "سئمت كلياً من أي كلام عن القضية"، مضيفة "يعتقد سكان ميلووكي أن هذه القضية وصمة بشعة على المدينة ولا يريدون أن يفكر الناس في الموضوع".
العام الماضي، أصدرت السيدة شوارتز نسخة محدثة عن كتابها من عام 1991، وأجرت مقابلات جديدة مع الشخصيات الرئيسة لمعرفة آرائها بعد مرور 30 عاماً على القصة.
صدر كتابها الجديد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعنوان الوحش: القصة الحقيقية لجرائم جيفري دامر Monster: The True Story of the Jeffrey Dahmer Murders.
صدر كتاب الوحش: القصة الحقيقية لجرائم جيفري دامر، عن دار يونيون سكوير للنشر وهو متوفر على موقع "أمازون".
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 1 أكتوبر 2022
© The Independent