ما إن اختُتم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، مخلفا وراءه الكثير من الانتقادات، حتى افتُتح المهرجان الدولي لسينما المرأة في مدينة سلا، في سياق انطلاق الموسم الثقافي والفني، بعد توقفه لدورتين متتاليتين بسبب أزمة كورونا.
وعلى مدار أسبوع، عرفت الدورة الخامسة عشرة احتفاء بالمرأة في سينما العالم، مع التركيز على القارة الأفريقية، واختيار السنغال ضيف شرف. واختتمت الدورة الجديدة مساء السبت، في قاعة هوليود بمدينة سلا، بتتويج الفيلم النرويجي "نينجا بيبي" بالجائزة الكبرى للمهرجان. وقد تم إنتاج هذا الفيلم العام الماضي، وهو من إخراج يانغفيلد سفي فليك، وتأليف يوهان فاستينغ، وبطولة كريستين ثورب وآرثر برنينغ ونادر خادمي.
بينما عادت جائزة العمل الأول للمخرجة الأسترالية سارة كيرن عن فلمها "موغافيسنا"، أما جائزة لجنة التحكيم فكانت من نصيب فيلم "الأكوا" للإسبانية إيلينا لوبيز رييرا. وحصد جائزة أفضل ممثل الأرجنتيني كريستيان ينسن عن دوره في فيلم "أسعد أيامنا"، فيما كانت جائزة أفضل ممثلة من نصيب بسنت أحمد وبسملة الغايش عن دوريهما في الفيلم المصري "سعاد". أما جائزة مسابقة الفيلم الوثائقي، فعادت إلى المخرجين دانيال أباتي تيلاهون من أثيوبيا وسارة نوا بوزنهارت من ألمانيا. ويخصص المهرجان جائزة تحمل عنوان "العمل الأكثر مساواة في السينما"، وكانت هذه السنة من نصيب المخرج المغربي إدريس المريني عن فيلمه "جبل موسى". وتنافست على جوائز المهرجان أفلام روائية ووثائقية وقصيرة من اليابان وإيطاليا والأرجنتين وتونس وألمانيا والهند والسودان وكينيا وسلوفينيا وإثيوبيا وغيرها.
وتشكلت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة من المنتجة والمخرجة المصرية ماريان خوري والممثلة المغربية فاطم العياشي والمخرجة البلجيكية أميلي فان المبت والمخرجة السويسرية الدنماركية كارولين كوينود، فضلاً عن السنغالية الفرنسية مارتين ندياي مديرة مهرجان أفلام المرأة الأفريقية. بينما تشكلت لجنة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية ولجنة التحكيم جائزة الجمهور الشبابي من أسماء معروفة في عالم الفن السابع من الكونغو والمغرب وبلجيكا وبوركينا فاسو.
ويحرص مهرجان سلا باستمرار على أن تكون المرأة موضوعاً للأفلام المبرمجة والندوات المقترحة، بل إن لجان التحكيم يشترط فيها أن تتكون من أسماء نسائية في مجالات السينما على اختلافها إخراجاً وتمثيلاً وتأليفاً وإدارة وإنتاجاً وهندسة. وارتأت إدارة المهرجان أن تكرّم أربعة أسماء نسائية ساهمت في معالجة قضايا المرأة، ويتعلق الأمر بالممثلة المصرية إلهام شاهين والمخرجة المغربية الفرنسية سيمون بيتون والممثلتين المغربيتين آمال التمّار والسعدية أزكون. وقد خصص المهرجان لحظة وفاء لرائدة السينما الأفريقية الراحلة سارة مالدورور.
وقد تم تقديم عدد من المؤلفات المرتبطة سواء بموضوعة المهرجان أو بواقع السينما على العموم. ومن أبرز الكتب المقدمة خلال هذه الدورة "أشلاء ذاكرة سينمائية" للمخرج سعد الشرايبي، و"النقد السينمائي بين النظرية والراكسي" للناقد محمد بن عزيز، و"حياة بالأبيض والأسود" للكاتبة عائشة عمور، و"شهيرات سلا خلال القرن العشرين" للباحث محمد السعديين.
الأولوية للقارة السمراء
وفي سياق الاحتفاء بالسينما الأفريقية تم اختيار الفيلم السنغالي "أتلانتيك" للمخرجة ماتي ديوب لعرضه في حفلة الافتتاح، واللافت أن هذا الفيلم تم تقديمه في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي عام 2019، وقد فاز بالجائزة الكبرى وجائزة التحكيم في مهرجان كان، كما حصد جائزة سيزار لأفضل أول عمل سينمائي، والتانيت الذهبي في مهرجان قرطاج السينمائي. وتم عرض ثلاثة أفلام أفريقية أخرى، هي: "الوقت في صالحنا" لكاتي لينا ندياي، و"طبيب لإنقاذ النساء" لأنجيل ديابانج، و"تحت السماء المرصعة بالنجوم" لديانا جاي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وامتداداً للاحتفاء بالسينما الأفريقية تم اقتراح فقرة خاصة حملت عنوان "بانوراما سينما جنوب الصحراء"، خصصت لتكريم رمزي لنساء أفريقيات أثرين حقل الفن السابع بالقارة السمراء. وتم في هذا الصدد تقديم أفلام خارج المسابقة من بوركينا فاسو والنيجر والغابون والكاميرون والكونغو وتشاد وأفريقيا الوسطى. كما تم تنظيم لقاء مفتوح مع المنتجة والناقدة السينمائية كاثرين رويل المتخصصة في السينما الأفريقية، وانصب النقاش على كتابها المرجعي "خمسون عاماً من السينما في أفريقيا: تفرّد وتنوّع".
وعرف المغرب خلال السنوات الأخيرة حركية كبيرة في مجال الفن السابع، سواء على مستوى تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية، أو على مستوى كمّ الأفلام والأرقام المرتبطة بالدعم والإنتاج. ويشار إلى أن المغرب يحتل باستمرار المرتبة الثانية عربياً بعد مصر في عدد الأفلام الصادرة سنوياً. وتتميز مهرجانات المغرب السينمائية بالتنوع والاختلاف، خصوصاً على مستوى الثيمات: المرأة، الهجرة، البحر، الأمازيغية، أفريقيا، المؤلف، المتوسط، الصحراء، الذاكرة المشتركة، المدارس، المغرب الكبير وغيرها.