نبهت مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة إلى أن مئات من الأطفال اللاجئين معرضون "لخطر سوء المعاملة"، نتيجة "أخطاء باتت روتينية"، ترتكبها وزارة الداخلية باحتسابهم بالغين.
ففي تقرير جديد لـ"مجلس اللاجئين" Refugee Council (منظمة تساعد اللاجئين وطالبي اللجوء في بريطانيا)، أجرى فيه تقييماً لملفات 233 طفلاً قدم إليهم الدعم في العام الماضي، وتوصل في نتيجته إلى أنه في 94 في المئة من الحالات، صنفت وزارة الداخلية البريطانية خطأ هؤلاء الأطفال على أنهم بالغون ووضعتهم في أماكن إقامة غير ملائمة لأعمارهم.
وأشارت المؤسسة الخيرية إلى أنه في أكثر من نصف عدد الحالات، قالت وزارة الداخلية إن الأطفال اللاجئين يبلغون من العمر 25 سنة في الأقل أو أكثر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبناء على ذلك، أعرب عاملون في الجمعية الخيرية عن قلقهم من إمكان إرسال الأطفال إلى رواندا، بموجب اتفاق الترحيل الحكومي، لأن وزارة الداخلية تعتبرهم بالغين. وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية إنفر سولومون إن "هؤلاء الأطفال يواجهون كل يوم خطر سوء المعاملة والإهمال، لأن القرارات الحكومية المتسرعة والمثيرة للأسى، تخطىء بشكل روتيني في اعتبارهم بالغين".
من بين هؤلاء، فتى يدعى أحمد، ما زال في سن الـ16، قال إن أحد عناصر الشرطة أبلغه عندما وصل لاجئاً إلى ميناء دوفر، بأن عمره هو 28 سنة. ويضيف: "على رغم أنني أكدت لهم أنني أبلغ من العمر 16 سنة فقط، لم يصدقوني وقالوا لي: ’كلا، أنت في سن الـ28‘. فأجبتهم أن هذا غير صحيح، وليس هو عمري الحقيقي".
وتابع: "ربما اعتقدوا ذلك لأنني كنت منهكاً وخائفاً لدى وصولي إلى البلاد من فرنسا، وقد تملكني خوف أكبر من عناصر الشرطة إلى درجة أنه عندما قاموا بتحديد عمري بحسب ما يرتأون لم أجرؤ على مواصلة الاعتراض".
وتحدث أحمد عن تفاصيل وضعه في فندق إلى جانب لاجئين بالغين. وقال: "شعرت بالخوف وبعدم الراحة. فما ابتغيته هو أن أعيش برفقة أفراد آخرين من سني، وكنت أرغب في ارتياد مدرسة. إن الوضع في الفندق كان غير مريح".
ولم تحدد السن الحقيقية لهذا الفتى، إلا بعدما طلب "مجلس اللاجئين" من أحد العاملين الاجتماعيين تقييمه. ثم نقل على الأثر إلى مكان سكن ملائم، وسمح له بالبدء بتلقي الدراسة.
ويصف وضعه الجديد بأنه "بات أفضل بعد مغادرته الفندق"، مما جعله يشعر بتحسن، وأكد أنه سيبدأ بالذهاب إلى المدرسة اعتباراً من شهر سبتمبر (أيلول).
وتلفت مؤسسة "مجلس اللاجئين" إلى أن ارتكاب خطأ في تحديد هوية هؤلاء الأطفال، تسبب بضرر طويل الأمد لهم. وبعد تمكنها من إلغاء نحو 94 في المئة من القرارات الأولية التي اتخذت في هذا الإطار، تكون المنظمة الخيرية دحضت مزاعم الحكومة بأن عدداً من المهاجرين البالغين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة يدعون أنهم أطفال.
يشار إلى أنه في وقت سابق من هذا العام، أصدرت وزيرة الداخلية آنذاك بريتي باتيل تعليمات إلى مسؤولي الهجرة، تطلب منهم فيها اتخاذ إجراءات صارمة في حق أي شخص يبدو مظهره على أنه يزيد على 18 سنة، لكنه يدعي بأنه لم يبلغ بعد سن الرشد.
وقبل إصدار وزيرة الداخلية السابقة هذا التوجيه، كانت جمعية "مجلس اللاجئين" أنجزت تقييم 233 حالة لجوء، كانت تعاملت معها في الفترة الممتدة ما بين شهر يناير (كانون الثاني) عام 2021 وديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته.
وعلى رغم ذلك، تطالب المؤسسة الخيرية بمزيد من الشفافية في البيانات، وتناشد الحكومة الإفصاح عن آلية العمل التي تعمل بموجبها لإثبات أنها تتخذ قراراتها بشكل صحيح.
ووفقاً للإجراءات المعمول بها، فإنه لدى وصول لاجئين إلى حدود المملكة المتحدة، يتعين أن يتم تقدير أعمارهم، ويعمل مسؤولو الهجرة على تصنيفهم في إحدى ثلاث خانات: "العمر المعلن كما هو معتقد"، أو "العمر المعلن لم يتم التأكد منه"، أو "يعتقد بقوة أن هذا الشخص هو بالغ".
وأعلن "مجلس اللاجئين" عن قلقه من تصنيف الأطفال خطأ ضمن الفئة الثالثة. وتتخوف المنظمة من وجود حالات مشابهة غير معروفة بقولها: "قد لا يكون ذلك إلا مجرد رأس طود الجليد".
ويعبر الرئيس التنفيذي للمؤسسة إنفر سولومون عن هذه المخاوف بالقول: "إننا قلقون جداً من ترحيل أطفال إلى رواندا، الأمر الذي ستترتب عليه عواقب وخيمة على هؤلاء الذين عانوا كثيراً في بلدانهم. إن الإصلاحات الجديدة بموجب "قانون الجنسية والحدود" Nationality and Borders Act لن تساعد الأطفال على تحديد أعمارهم بدقة، لا بل إنها، بدلاً من ذلك، ستجبر مزيداً من الشباب على الخضوع لإجراءات قد تكون ضارة وغير جديرة بالثقة".
ويشير عاملون في الجمعية الخيرية إلى العمل المضني الذي يقومون به للتعامل مع عدد الأطفال اللاجئين الذين تم وضعهم في فنادق مع أشخاص بالغين والذين يحتاجون إلى المساعدة.
ويقول مدير تنمية الشباب في "مجلس اللاجئين" جو جيكس: "إن أفراد فريقنا يواجهون حقاً مصاعب كبيرة. فلم نكد نعود إلى العمل بعد استراحة الصيف في الأول من سبتمبر (أيلول)، حتى وفد علينا في غضون أسبوع تقريباً، نحو 60 طفلاً يحتاجون إلى المساعدة، وهذا الاتجاه هو تصاعدي بالتأكيد لجهة أعداد طالبي الدعم".
ويضيف جيكس: "لقد باتت لدينا طبقة إضافية من الأفراد الذين يتعرضون للتهديد بإرسالهم إلى رواندا، فيما حالات الاحتجاز آخذة في التزايد، ونشهد وجود كثير من الشبان في إطارها".
وفي تعليق من وزارة الداخلية البريطانية على ما تقدم، قالت إن "تقدير العمر عسير لكنه ضروري. فالأطفال يكونون عرضة للخطر عندما يدعي بالغون من طالبي اللجوء بأنهم أطفال، أو عندما تتم معاملة أطفال بشكل خاطئ على أنهم بالغون".
وتضيف الوزارة المسؤولة عن هذا الملف: "تستهدف إصلاحاتنا من خلال ’قانون الجنسية والحدود‘، جعل التقييمات أكثر اتساقاً وقوة، وذلك من خلال الاستعانة بتدابير علمية، وإنشاء هيئة جديدة مختصة هي ’المجلس الوطني لتقييم العمر‘ National Age Assessment Board".
وختمت بالقول: "إذا كان هناك أي شك في ما إذا كان المدعي شخصاً راشداً أو طفلاً، فإنه سيحال إلى السلطات المحلية لتقدير عمره، وستتم معاملته على أنه ما دون سن الرشد القانونية، إلى حين اتخاذ قرار في شأن عمره".
© The Independent