بعد إعلان الحكومة اليمنية، الأحد الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، موافقتها على المقترح الأممي في شأن تمديد الهدنة في البلاد، هددت جماعة الحوثي الشركات النفطية في البلاد والمياه الدولية باستهدافها، بينما كان الفاعلون الدوليون في الملف اليمني يجرون اتصالات مكثفة مع الميليشيات ورعاتها الدوليين من أجل تمديد الهدنة، إلا أن الهدنة انتهت ولم يتم إحراز أي تقدم في المساعي الدولية إلى تجديدها.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الإثنين، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق من انتهاء الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن من دون أن تتوصل الأطراف إلى اتفاق لتمديدها.
وأضافت الوزارة في بيان إن الولايات المتحدة ترحب بدعم الحكومة اليمنية لاقتراح الهدنة الموسع الذي قدمته الأمم المتحدة وحثت الحوثيين على مواصلة المفاوضات "بحسن نية".
وأضافت أن الخطاب الحوثي الذي يهدد شركات الشحن والنفط التجارية العاملة في المنطقة غير مقبول.
وأعرب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في بيانه الأخير عن أسفه لعدم التوصل إلى اتفاق حول تمديد الهدنة، وفق المقترح الذي تقدم به لطرفي الصراع، مؤكداً أنه سيواصل جهوده للعمل من أجل التوصل إلى اتفاق للمضي قدماً فيها.
ارتباط الهدنة بالجانب الإيراني
وبعد ساعات من انتهاء الهدنة وفشل تجديدها، بحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان جهود تمديد الهدنة في اليمن بعد ساعات من انتهائها، وقالت وكالة "إرنا" الإيرانية إن الاتصال الهاتفي بين أنطونيو غوتيريش وعبداللهيان جرى التطرق خلاله إلى آخر المستجدات المتعلقة بتمديد وقف إطلاق النار في اليمن.
وبحسب الوكالة الإيرانية فقد أكد أمير عبداللهيان أهمية رفع الحصار الإنساني عن اليمن واستمرار وقف إطلاق النار.
من جانبه، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الحوثيين إلى "تغليب مصلحة الشعب اليمني على مصالح قادتهم وداعميهم الإيرانيين".
بدورها، أعربت الحكومة عن أسفها لعدم نجاح جهود المبعوث الأممي في إقناع الحوثيين بخيار السلام بدلاً من الحرب، ورفضهم تمديد وتوسيع الهدنة.
وفي السياق قال رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك "إن الحوثيين ومن ورائهم إيران يختارون الحرب ويرون في كل مسعى صادق للسلام دلائل ضعف، وفي كل جهد دولي فرصة للابتزاز والنهب"، مؤكداً أن "سياسة الاسترضاء لا تعزز فرص السلام ولا تدفع الحوثيين إلا إلى مزيد من التعنت".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جاء ذلك عبر تغريدات له على "تويتر" عقب رفض الحوثيين الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تمديد الهدنة السارية في البلاد، منتقداً ما يعتبره تناقض المجتمع الدولي، إذ قال "لقد سمعنا صوته الواضح في دعوته للسلام وتجاوبنا بكل إخلاص وصدق مع تلك الدعوة، وننتظر اليوم أن نسمع القوة والوضوح نفسيهما في إدانة عرقلة الحوثيين ورفضهم السلام".
من جهته، علق وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني قائلاً "تؤكد ميليشيات الحوثي مع كل منعطف تمر به البلاد أنها مجرد أداة بيد نظام الملالي في إيران لتنفيذ أجندته التوسعية وسياساته التدميرية في المنطقة من دون أي اكتراث بمصالح اليمن ومعاناة الشعب اليمني المتفاقمة منذ ثمانية أعوام"، على حد وصفه.
ويبرر الحوثي موقفه من الهدنة بالدفاع عن مصالح الشعب اليمني، إذ قال المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام "لا صحة لما أوردته بعض الوسائل الاعلامية المغرضة عن اتفاق على تمديد الهدنة، وسبق وأوضحنا موقفنا ومطالب شعبنا اليمني في بيان صادر عن الوفد الوطني"، وهو الموقف الذي ادعى فيه أن الحكومة الشرعية لم تف بالتزاماتها في دفع الرواتب ومد صنعاء بالمشتقات النفطية، وهو ما نفته الحكومة.
عودة المواجهات العسكرية
وبعد ساعات قليلة من إعلان المبعوث الأممي الفشل في التوصل إلى الهدنة اندلعت مواجهات شمال وغرب مدينة تعز، إذ حاول الحوثيون التسلل إلى مواقع الجيش الوطني شمال المدينة فيما سمعت انفجارات في غربها.
وفي محافظة مأرب، الجبهة المشتعلة منذ سبع سنوات، أفاد سكان محليون في جنوبها عن عودة الاشتباكات بين قوات الشرعية وميليشيات الحوثي.
وفي محافظة الضالع جنوب اليمن أفادت مصادر محلية بأن الحوثيين شنوا قصفاً مدفعياً على مواقع قوات الشرعية في منطقة جبهة الفاخر.
وبموازاة ذلك قال الصحافي اليمني عمار زعبل "إن فشل تجديد الهدنة لا توصيف له سوى أن الأمم المتحدة تواصل فشلها في آليات التعاطي مع هذا الملف الإنساني الذي يصب في صلب أهدافها كمنظمة دولية أممية، إلا أنها تركت الأمر مفتوحاً لميليشيات الحوثي لكي تتلاعب من دون أية ضمانات تقدمها لتنفيذ الالتزامات".
وأضاف زعبل أن "الهدنة انتهت بمراحل تجديدها السابقة، إلا أن الميليشيات لم تنفذ أية التزامات وأولها فتح الطرق عن المدن المحاصرة، كما أنها تنصلت في ما يخص قضية رواتب موظفي الدولة، فلا رغبة للسلام من الميليشيات مع أن الحكومة والتحالف قدما كثيراً من التنازلات من أجل رفع الأزمة عن كاهل المواطن اليمني، بينما الميليشيات تواصل الابتزاز وتحقيق مكاسب سياسية، ووضعت الشعب رهينة هذه المطالب أو المكاسب".
ويعتقد زعبل أنه "حان الوقت لإيجاد آليات بديلة للتعامل مع هذه الميليشيات عسكرياً من خلال الدفع بكل الجبهات وتطمين الشارع أن معه من يسنده إذا تحرك شعبياً، وأيضاً على المجتمع الدولي أن تكون له كلمته خصوصاً بعد أن رأى الجدية والتعامل الإنساني والمسؤول من الحكومة لدعمها، وإيقاف أي نوع من الدعم لها حتى ترضخ للسلام".